على أحد جانبي خط المواجهة في الحرب السورية، حمل رجل يرتدي زياً عسكرياً جثة لطفل من تحت أنقاض مبنى مدمّر في مدينة حماة التي تسيطر عليها الحكومة.
وعبر الجانب الآخر، حمل عامل إنقاذ من الدفاع المدني يرتدي سترة باللونين الأسود والأصفر فتاة صغيرة، ترتجف لكنها على قيد الحياة، من بين أنقاض منزلها في أعزاز التي تسيطر عليها المعارضة المسلّحة.
وشاهد صحافيون من "رويترز" الواقعتين اللتين كانتا ضمن المشاهد المماثلة التي تجلّت في الساعات التالية للزلزال الذي ألحق دماراً كبيراً في سوريا وتركيا يوم الإثنين، بيد أن الزي الرسمي حدّد بوضوح رجال الإنقاذ على طرفي الصراع الذي قسّم البلاد.
وقال رمضان سليمان (28 عاماً) عبر الهاتف "الزلزال هز مناطق المعارضة والنظام، وأنا أؤيد الثورة السورية من كل قلبي، لكني أهتم بأهلي"، معبّراً عن تعاطفه مع المدنيين القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.
وأضاف سليمان الذي نزح إلى إدلب من دير الزور في شرق سوريا خلال الحرب "أنا إنسان، إنهم بشر، نتعاطف مع الموجودين في تركيا ونشعر بالشيء نفسه عندما يحدث ذلك في أماكن أخرى مثل أوروبا. هذه هي الإنسانية".
ووصل عدد قتلى الزلزال في سوريا حتى الآن إلى 1932، ويُعتقد بأن العديد من الأشخاص محاصرون تحت الأنقاض.
ويقول رجال الإنقاذ إن 1120 قتلوا في شمال غرب البلاد الذي تسيطر عليه المعارضة المسلّحة. وتقول وسائل الإعلام الحكومية إن 812 على الأقل لقوا حتفهم في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة ومنها حلب واللاذقية وحماة وطرطوس.
- نزوح آخر
زادت الكارثة من حالة البؤس في بلد سقط فيه مئات الآلاف من القتلى في صراع بدأ في عام 2011 عندما قوبلت الاحتجاجات ضدّ حكم الرئيس بشار الأسد بقمع دموي.
وقال حسن حسين من مدينة طرطوس الساحلية ومعقل الحكومة "هذا آخر ما كنا ننتظره. إنها دولة يسكنها الموت".
ومع تشريد الحرب للملايين، تقول الأمم المتحدة إن الاحتياجات الإنسانية باتت اليوم أكبر من أي وقت مضى، على الرغم من جمود الوضع على الخطوط الأمامية الرئيسية منذ عدّة سنوات. وفي ظل إخفاق الديبلوماسية المدعومة من الأمم المتحدة في تحقيق أي انفراجة، لا تزال سوريا منقسمة بشدّة.
وفي مدينة الأتارب التي تسيطر عليها المعارضة المسلّحة، عبّر يوسف حبوش عن أسفه لأن الزلزال أجبر كثيرين على ترك منازلهم مرة أخرى.
وقال حبوش، الذي فرّ من دمشق في ذروة الصراع "علاوة على النزوح من بلداتنا وبعد أن وجدنا أخيراً منازل، نواجه الآن نزوحاً آخر".
وفي الآونة الأخيرة بات الناس في جميع أنحاء سوريا يواجهون خطرًا مشتركاً آخر يتمثل في تفشّي الكوليرا الذي انتشر في ظل الدمار الذي أحدثه الصراع.
وفي جبال اللاذقية بالقرب من مسقط رأس الأسد، قال السكان إن العديد من المباني انهارت وإن هناك الكثير من القتلى. وقال اثنان من السكان إن القوات الروسية والدفاع المدني والقوات الحكومية ساعدت في تسريع جهود الإغاثة.
وقال ساكن يدعى أبو حميد إنه انتابه شعور "بالقرب" من سوريين آخرين ومنهم الموجودون في المناطق التي تسيطر عليها المعاضة. وقال "قد تكون هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك منذ وقت طويل... الزلزال لم يميز".
المنطقة وسط أجواء أو تفاعلات حربية مع هوكشتاين ومن دونه، لذا ليس في جعبته ما يعطيه للبنان، كما ليس لأي أحد ما يعطيه للفلسطينيين في هذه الظروف والمعطيات.