قتل 15 فلسطينيا على الأقل، بينهم ثلاثة من أبرز القادة العسكريين في حركة الجهاد الاسلامي، فجر الثلثاء، في سلسلة غارات جوية إسرائيلية على أهداف في قطاع غزة، ما يثير مخاوف من تصعيد جديد، بينما تعهدت الحركة الرد على "الاغتيال".
وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "أعداءنا" من "العبث معنا".
وتأتي العملية العسكرية في قطاع غزة بعد سلسلة توترات أمنية خلال الأسابيع الماضية، كان آخرها قبل أقل من أسبوع، تصعيد بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي انتهى بهدنة بعد تدخلات خارجية.
واعلنت وزارة الصحة في القطاع الخاضع لسيطرة حركة حماس مقتل 13 شخصا وإصابة نحو 20 آخرين بجروح مختلفة "جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة".
وقال بيان وزارة الصحة أن هناك نساء وأطفالا بين الضحايا، وأن "بين المصابين حالات حرجة".
وفي بيان منفصل مساء، قال مصدر في وزارة الصحة "استشهد مواطنان في قصف جوي لمركبة مدنية عصر اليوم، في بلدة القرارة شرق مدينة خان يونس، وتم انتشال جثتيهما متفحمتين ونقلتا إلى مستشفى ناصر" بخان يونس.
ونفذ الطيران الإسرائيلي غارة استهدفت موقعا لقوات البحرية التابعة للجهاد الإسلامي في دير البلح وسط القطاع.
وفي وقت سابق، نعت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، في بيان "الشهيد القائد جهاد الغنام، أمين سرّ المجلس العسكري في سرايا القدس، والشهيد القائد خليل البهتيني، عضو المجلس العسكري وقائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس، والشهيد القائد طارق عز الدين، أحد قادة العمل العسكري بسرايا القدس في الضفة الغربية".
ووصف البيان الغارات الإسرائيلية ب"عملية اغتيال صهيونية جبانة"، مشيرا الى مقتل زوجات القادة وأولادهم أيضا في العملية.
وذكر متحدث باسم الجيش الإسرائيلي ريتشارد هيشت لصحافيين أن أربعين طائرة شاركت في الغارات الإسرائيلية التي نفذت في مدينة غزة وفي منطقة رفح قرب الحدود المصرية، مضيفا "حققنا ما كنا نريد تحقيقه".
وقال الجيش إن القادة الثلاثة المستهدفين من أبرز مخططي الحركة، وهم متورطون في عمليات استهدفت اخيرا إسرائيليين.
بحسب هيشت "بذلنا اقصى ما يمكن لتركيز ضرباتنا" على الهدف. و"إذا كانت هناك حالات موت مأسوية، سنحقّق في الأمر".
بين القتلى أيضا رئيس مجلس إدارة مستشفى الوفاء الدكتور جمال خصوان الذي يحمل أيضا الجنسية الروسية، وقد قتل مع زوجته ونجله، وفق ما أعلنت وزارة حماس، بينما أعربت ممثلية الاتحاد الروسي في فلسطين عن أسفها لذلك.
وخرجت بعد ظهر الثلثاء جنازات القتلى التي شارك فيها آلاف من الفلسطينيين في غزة، بحسب مراسلي فرانس برس.
- عملية "غادرة"-
وكتب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الثلثاء على حسابه على "فيسبوك"، "تمّ تبني مطلبنا برد فعل هجومي وتصفية محددة الأهداف لقادة الجهاد الإسلامي".
وأعرب عن أمله أن تستمر هذه السياسة، مضيفا أنه "سيستأنف مشاركته وتصويته في الحكومة بعد أن قاطعها الأحد".
في المقابل، أكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي والمتحدث باسمها داود شهاب "أن المقاومة تعتبر أن كل المدن والمستوطنات في العمق الصهيوني ستكون تحت نيرانها".
وقالت حركة الجهاد "كل السيناريوهات والخيارات مفتوحة أمام المقاومة للردّ على جرائم الاحتلال".
وجاء في بيان عسكري للغرفة المشتركة لفصائل "المقاومة" الفلسطينية، "على الاحتلال وقادته الذين بادروا بالعدوان أن يستعدوا لدفع الثمن بإذن الله".
وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في بيان إن "اغتيال القادة بعملية غادرة لن يجلب الأمن للمحتل بل المزيد من المقاومة"، مضيفا "العدو أخطأ في تقديراته وسيدفع ثمن جريمته".
- "مجزرة مروعة" -
ودان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتيه "المجزرة المروعة ضد أهلنا في قطاع غزة"، معتبرا ذلك "إرهاب دولة منظما وامتدادا لنكبة عام 48".
في باريس، شددت فرنسا على "التزامات حماية المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني التي تقع على عاتق إسرائيل"، بعد الغارات.
وأعربت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية آن-كلير لوجاندر عن "قلقها العميق إزاء التصعيد المستمر في غزة"، ودعت "جميع الأطراف إلى مواصلة العمل لإعادة الأفق السياسي بهدف تحقيق سلام عادل ودائم".
ودانت مصر "التصعيد"، رافضة بالكامل "مثل تلك الاعتداءات التي تتنافى مع قواعد القانون الدولي الشرعية الدولية".
كما دانت وزارة الخارجية الأردنية "العدوان" الإسرائيلي، وأكدت "ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكلٍ فوري وفاعل لوقفه".
ودان المنسّق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينيسلاند "مقتل مدنيين في الضربات الجوية الإسرائيلية"، معتبرا أن "هذا غير مقبول".
وأمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أصر أفيشاي كابلان وهو من قسم القانون الدولي في الجيش الإسرائيلي على أن إسرائيل" توجه هذه الهجمات فقط ضد أهداف عسكرية وتتخذ كل الاحتياطات الممكنة للتخفيف من الضرر على المدنيين".
وقال كابلان "اليوم، بعد أشهر من الهجمات على المدنيين الإسرائيليين، بدأت إسرائيل عملية +درع وسهم+ ضد الجهاد الإسلامي والتي تتم وفقا لقانون النزاعات المسلحة الدولي".
هدأت الجبهة بين إسرائيل وقطاع غزة بعدما شهدت الأسبوع الماضي قصفا متبادلا أوقع قتيلا وخمسة جرحى في الجانب الفلسطيني وثلاثة جرحى في الجانب الإسرائيلي. وجاء بعد وفاة القيادي في حركة الجهاد خضر عدنان (45 عاماً) في سجن إسرائيلي نتيجة إضراب عن الطعام استمر نحو ثلاثة أشهر.
وفي آب 2022، أدت اشتباكات مسلحة استمرت لثلاثة أيام بين إسرائيل والجهاد الإسلامي إلى مقتل 49 فلسطينياً، بينهم 12 من أعضاء الجهاد، وفقا للحركة، وما لا يقلّ عن 19 طفلا، وفقا للأمم المتحدة.
ومنذ بداية كانون الثاني، قُتل أكثر من 123 فلسطينيا و19 إسرائيلياً وأوكرانية وإيطالي في مواجهات وعمليات عسكرية وهجمات، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استناداً إلى مصادر رسمية إسرائيلية وفلسطينية.
وتشمل هذه الأرقام مقاتلين ومدنيين من بينهم قصّر من الجانب الفلسطيني، أما من الجانب الإسرائيلي فغالبية القتلى هم مدنيون بينهم قصّر وثلاثة أفراد من عرب إسرائيل.