النهار

القتال يتواصل في السودان بعد الإخفاق في الاتفاق على هدنة
المصدر: رويترز
القتال يتواصل في السودان بعد الإخفاق في الاتفاق على هدنة
مواطنون جلسوا قرب خندق في الخرطوم وسط قتال مستمر (11 نيسان 2023، أ ف ب).
A+   A-
تواصل القصف الجوي والمدفعي في العاصمة السودانية الخرطوم، اليوم الجمعة، بعدما أخفق الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في الاتفاق على وقف لإطلاق النار رغم التزامهما بحماية المدنيين والسماح بعبور المساعدات الإنسانية.

وتم التوقيع على ما يسمى بإعلان مبادئ في السعودية في ساعة متأخرة أمس الخميس بعد محادثات استمرت لما يقرب من أسبوع بين الجانبين، اللذين تقاسما السلطة قبل أن يدب الخلاف بينهما حول الانتقال إلى الحكم المدني.

وصرح موسى خدام مستشار قائد قوات الدعم السريع لشبكة سكاي نيوز عربية بأن الجماعة ستلتزم بالمبادئ المتفق عليها والتي تهدف إلى التوصل لوقف كامل لإطلاق النار. لكن العنف لم يهدأ ولم يصدر الجيش تعليقا على الاتفاق.

ومنذ اندلاع الاشتباكات بشكل مفاجئ في 15 نيسان، لم يبد أي من الجانبين استعدادا لتقديم تنازلات لإنهاء القتال الذي أودى بحياة المئات ويهدد بالزج بالسودان في أتون حرب أهلية شاملة.

وتسبب الصراع في شل الاقتصاد السوداني وخنق حركة التجارة مما فاقم الأزمة الإنسانية الكبيرة. وقالت الأمم المتحدة اليوم الجمعة إن 200 ألف نزحوا حتى الآن إلى الدول المجاورة.

ومع هذا، قال ممثل الأمم المتحدة الخاص للسودان فولكر بيرتس إنه يتوقع استئناف محادثات وقف إطلاق النار اليوم أو غدا. وأوضح أن اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة لم تصمد بسبب شعور كل طرف بقدرته على تحقيق النصر، لكنه أضاف أنه لاحظ تغيرا في موقفيهما.

لكن هذا الشعور بالتفاؤل يتناقض مع خيبة أمل كثيرين في العاصمة.

وقال محمد عبد الله (39 عاما) الذي يعيش في جنوب الخرطوم "كنا نتوقع أن يهدئ الاتفاق الحرب لكننا استيقظنا على نيران المدفعية والضربات الجوية". ودوت الأصوات نفسها في مدينة بحري المجاورة.

وفي دارفور غرب البلاد، تجدد العنف بعدما شنت جماعة هجوما على جماعة مسلحة أخرى في مدينة الجنينة، وهز قتال بالبنادق الآلية والمدفعية الأحياء، وذلك بعد هدوء نسبي استمر أسبوعين. وتسببت اشتباكات بين جماعات مسلحة محلية في مقتل 450 الشهر الماضي في المنطقة.

في أجزاء أخرى من دارفور، حيث تعتمل حرب منذ عام 2003 أودت بحياة 300 ألف وشردت 2.5 مليونين، بدا وقف إطلاق النار الذي تم ترتيبه محليا بين الجيش وقوات الدعم السريع صامدا.

وفي بورتسودان على البحر الأحمر، عبر التاج الطيب عن أمله في أن يمهد اتفاق الخميس الطريق نحو السلام. وقال "بلادنا ما محتاجة لكل هذه الكوارث، والله ما محتاجة".

اتفاق إنساني
تضمن الاتفاق الذي تم التوصل إليه أمس الخميس، وهو نتاج محادثات جرت بوساطة سعودية وأميركية في جدة، التزامات بالسماح بعبور آمن للمدنيين والمسعفين والإغاثة الإنسانية، وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين والمرافق العامة.

وقال مسؤولون أميركيون أمس الخميس إن التوقيع سيتبعه مفاوضات بشأن وقف لإطلاق ووصفت السعودية الاتفاق بأنه "خطوة أولى".

وذكر أحد المشاركين في جهود الوساطة إن الوسطاء دفعوا الجانبين للتوقيع على إعلان المبادئ الخاص بحماية المدنيين بهدف تخفيف التوترات في ظل استمرار الخلاف بشأن التوصل لوقف أوسع لإطلاق النار.

ومع هذا، قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية أمس الخميس إن "الطرفين متباعدان جدا"، وأضاف أنهم لا يتوقعون امتثالا كاملا للمبادئ الواردة في الإعلان.

واتفق الطرفان على إخلاء المنازل والممتلكات الخاصة الأخرى، لكن أسرة في بحري قالت إن مقاتلي قوات الدعم السريع حاولوا الاستيلاء على منزلها صباح الجمعة.

ويتهم سكان الخرطوم كثيرا القوات شبه العسكرية بالاستيلاء على المنازل والمستشفيات كجزء من أسلوب للانتشار في أنحاء المدينة في وقت تخوض فيه قتالا مع الجيش الذي يملك قدرات جوية.

وينفي الدعم السريع هذه الاتهامات ويلقي بالمسؤولية على عناصر من الجيش وجماعات مسلحة أخرى.

وقالت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيجاد) "يتعين على الطرفين نقل تعليمات واضحة لا لبس فيها للرتب الأدنى" في سبيل تنفيذ الاتفاق.

إلا أن كاميرون هدسون الباحث بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن يشك في أن قوات الدعم السريع لديها ما يكفي من السيطرة على جنودها للقيام بذلك.

وشهدت الإعلانات السابقة لوقف إطلاق النار انتهاكات متكررة، مما ترك المدنيين وسط مشهد مرعب من الفوضى والقصف في ظل انقطاع إمدادات الكهرباء والمياه وشح الغذاء وانهيار النظام الصحي.

قتلى أو نازحون
أوقفت الكثير من وكالات الأمم المتحدة ووكالات إغاثة أخرى المساعدات للسودان خاصة في العاصمة الخرطوم في انتظار ضمانات لسلامة المؤن والعاملين.

وذكرت منظمة الصحة العالمية أن 600 على الأقل قتلوا وأصيب أكثر من خمسة آلاف في القتال لكنها أشارت إلى أن الأعداد الحقيقية أكبر من ذلك بكثير على الأرجح.

وفي دارفور، قال ناشط محلي اسمه أحمد قوجة إن اتفاق أمس الخميس قد يساعد في تثبيت وقف إطلاق النار الذي جرى ترتيبه محليا لكنه حذر من أن غياب آليات مراقبة تنفيذه سيعرقل تحسن الأوضاع.

وأضاف قوجة أن القليل من المساعدات الإنسانية وصلت إلى مدينتي نيالا والفاشر الرئيسيتين في دارفور حيث لم يتلق العاملون أجورهم لشهرين. وفي الجنينة، دُمرت البنية التحتية المحلية وتعطل النظام الصحي تماما.

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 700 ألف سوداني نزحوا داخليا.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium