تجدّد القصف الإسرائيلي الجمعة على قطاع غزة ومثله إطلاق الصواريخ من جانب الفصائل الفلسطينية رغم جهود الوساطة لإنهاء هذا التصعيد الجديد الذي أسفر منذ الثلثاء عن مقتل 33 فلسطينياً، بينهم قيادي في حركة "الجهاد الإسلامي" قُتل الجمعة، وشخص واحد في إسرائيل.
وقُتل قائد عسكري كبير في "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي" في غارة جوية إسرائيلية استهدفت شقة سكنية في غرب مدينة غزة على ما السرايا في بيان صحفي.
وقالت "سرايا القدس" في بيان صحافي إنها "تنعى شهيدها القائد إياد العبد الحسني عضو المجلس العسكري ومسؤول وحدة العمليات في سرايا القدس الذي ارتقى في عملية اغتيال صهيونية جبانة مساء اليوم (الجممعة) في غزة".
وتظهر أحدث حصيلة صادرة عن وزارة الصحة في القطاع، مقتل 33 فلسطينياً منذ يوم الثلاثاء.
وبين القتلى ستة من قادة حركة "الجهاد الإسلامي" ومقاتلون من الحركة نفسها والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وشهد مراسلو وكالة "فرانس برس" في قطاع غزة الجمعة قصفاً إسرائيلياً لمدينتي غزة ورفح وإطلاق صواريخ فلسطينية باتجاه إسرائيل.
وسمع دوي صفارات الإنذار في مدينة عسقلان وأماكن مختلفة وصولاً إلى القدس وتجمع مستوطنات غوش عتصيون جنوب مدينة بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة.
وتحدث مصدر أمني فلسطيني عن إطلاق عشرات الصواريخ الجمعة على مدينة عسقلان.
وقالت "سرايا القدس" الجناح المسلح لحركة "الجهاد الاسلامي" "ثأر الأحرار... المقاومة الفلسطينية توجّه ضربة صاروخية مركزة على مرحلتين تجاه القدس المحتلة وتل أبيب ومدن ومغتصبات العدو ردًا على الاغتيالات واستمرار العدوان على الشعب الفلسطيني".
وقالت حركة الجهاد إن "قصف القدس رسالة وعلى الجميع فهم مبتغاها فالقدس أمام عيوننا وما يجري هناك ليس بمعزل عن غزة".
وأكد مجلس مجمع مستوطنات غوش عتصيون أن صاروخاً سقط بالقرب من مستوطنة بات عين في جوار قرية عربية.
وتعمل مصر، الوسيط التقليدي بين إسرائيل والفلسطينيين، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، بينما تتزايد الدعوات الدولية لإنهاء أخطر تصعيد منذ آب 2022 بين الجانبين.
ومساء الجمعة أكد مصدر فلسطيني مطلع على محادثات التهدئة، فضل عدم الكشف عن هويته، في تصريح لوكالة "فرانس برس" أن "مصر قدمت مساء اليوم صيغة جديدة لوقف إطلاق النار سيقوم الطرف الفلسطيني بدراستها، ومصر تنتظر أيضاً رد الاحتلال".
وذكرت مصادر إعلامية إسرائيلية أن الدولة العبرية استلمت "صيغة معدلة" لمقترح مصري لوقف اطلاق النار من دون اعطاء مزيداً من التفاصيل.
وجاء ذلك بعد تصريح أدلى به مصدر في حركة "الجهاد الإسلامي" لوكالة "فرانس برس" وقال فيه ان"الاحتلال هو من يعطل جهود مصر لوقف اطلاق النار".
ومساء الجمعة أكد المصدر على أن حركته "حتى الآن متمسكة بمطلبها المتعلق بوقف الاغتيالات الاسرائيلية والوصول إلى هدوء منوط بقبول إسرائيل لهذا الشرط".
وكان مصدر في حركة الجهاد تحدث مساء الخميس عن مناقشة "صيغة نهائية لوقف لإطلاق النار" في مصر.
وتحدث شهود في غزة عن ثلاث غارات جوية على مناطق خالية في رفح في جنوب القطاع لم تؤد إلى إصابات. وفي البلدات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة التي يعيش سكانها في الملاجئ منذ ثلاثة أيام، أطلقت صفارات الإنذار مرات عدة منذ الصباح حتى الليل.
وقالت الشرطة الإسرائيلية الجمعة إنها تبلغت أن منزلاً في مدينة سديروت أصيب إصابة مباشرة من دون الابلاغ عن سقوط جرحى.
بدورها قالت حركة "حماس" في بيان صحافي إن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية تلقى اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان شدّد خلاله هنية على أن "العدو يتحمل المسؤولية عما يجري بسبب جريمة الاغتيال للقادة واستهداف المدنيين في بيوتهم وان المقاومة موحدة في الميدان وفي المواكبة السياسية".
كذلك، قالت حركة "الجهاد الاسلامي" إن أمينها العام زياد النخالة أكد لوزير الخارجية الايراني في اتصال هاتفي أن "المقاومة في الميدان بحالة ممتازة وتواصل التصدي للعدوان الصهيوني على قطاع غزة حتى تتوقف الاعتداءات ويقبل العدو بالشروط الفلسطينية".
- "تسعون ثانية" -
وبدت الشوارع شبه خالية الجمعة في قطاع غزة، وأغلقت المتاجر أبوابها باستثناء المخابز وبعض محلات الأغذية التي فتحت جزئياً.
وأعلنت الشرطة الإسرائيلية مقتل شخص الخميس في روحوفوت جنوب تل أبيب بصاروخ أصاب مبنى سكنياً، بينما تحدثت أجهزة الطوارئ عن خمس إصابات في إسرائيل بشظايا ناجمة عن انفجارات منذ إطلاق أول صاروخ فلسطيني الأربعاء.
في رحوفوت، قال ران ليف (82 عاماً) إنه كان "في الطابق الرابع من المبنى الذي أصيب بصاروخ". وأضاف "سمعت صفارات الإنذار وأدركت أن أمامي 90 ثانية للوصول إلى الملجأ".
في غزة، قال مازن (40 عاماً) من سكان مخيم جباليا الذي وقف ينتظر دوره لشراء الخبز، "الوضع مرعب، نأمل في التوصل الى تهدئة، تعبنا كثيراً من التصعيد والحروب".
وقالت صباح أبو خاطر (55 عاماً) التي دمّر منزلها في بيت حانون في شمال القطاع، في تصريح لوكالة "فرانس برس" "إلى أين نذهب الآن؟ نحن عشرة أفراد. لا سرير لدينا ولا مأوى ولا أثاث".
وذكر الجيش الإسرائيلي أن 866 صاروخاً على الأقل أطلقت من غزة على إسرائيل. ويؤكد الجيش أن 25 بالمئة منها سقطت في القطاع نفسه ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص بينهم ثلاثة قاصرين. وتعذر على وكالة "فرانس برس" الحصول على تعليق من "حماس" و"الجهاد الإسلامي" على هذه المعلومات.
وقال إنه استهدف منذ بدء عمليته "الوقائية" 254 هدفاً لتنظيم الجهاد الإسلامي.
ودعا الاتحاد الأوروبي الخميس إلى "وقف فوري لإطلاق النار يضع حداً للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة ولإطلاق الصواريخ على إسرائيل، وهو أمر غير مقبول"، بينما حضّت واشنطن جميع الأطراف على "ضمان تجنب قتل المدنيين وخفض العنف".
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أنه يتابع العنف "بقلق بالغ".
وقال ماثيو ميلر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن ويندي شيرمان نائبة وزير الخارجية شددت في اتصال مع وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر على "الضرورة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار من أجل منع أي خسائر أخرى في أرواح المدنيين".
أما المغرب الذي قام بتطبيع علاقاته مع إسرائيل عام 2020، فقال إنه "يدين بشدة الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، والتي خلفت العديد من الضحايا بين المدنيين الأبرياء"، وفق مصدر في الخارجية.
وتظاهر عشرات النشطاء المغاربة مساء الجمعة وسط العاصمة الرباط، منددين بالغارات الإسرائلية على قطاع غزة، وأعربواعن تضامنهم مع الفلسطينيين داعين إلى رفض كل أشكال التطبيع مع إسرائيل.
وردّد نشطاء من"المبادرة المغربية للدعم والنصرة" التابعة لحركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي المعتدل، شعارات ضد ما أسموه "جرائم الإرهاب الصهيوني"، ورفعوا الأعلام الفلسطينية، كما دعوا إلى وقف التطبيع مع اسرائيل.
ويعاني سكان قطاع غزة وعددهم نحو 2,3 ملايين نسمة، من الفقر والبطالة ويخضعون لحصار اسرائيلي، إذ شهد القطاع حروباً متكررة مع إسرائيل منذ 2008.