بعد 12 عاماً من العزلة الديبلوماسية ومن حرب مستمرّة، تقترب سوريا من العودة إلى الحاضنة العربية عبر السعودية التي تنظّم اجتماعاً إقليمياً الجمعة للبحث في إعادة دمشق إلى جامعة الدول العربية.
- عزلة -
في تشرين الثاني 2011، علّقت جامعة الدول العربية (18 عضواً من أصل 22) مشاركة سوريا في اجتماعاتها بعدما رفضت دمشق وضع حدّ لحملة القمع العنيف للاحتجاجات الشعبية التي بدأت في آذار 2011.
رحّبت بهذه الخطوة يومها الدول الغربية وتركيا، في حين انتقدتها روسيا وإيران والعراق ولبنان.
وفرضت الجامعة العربية على سوريا عقوبات اقتصادية، بما في ذلك تجميد المعاملات التجارية معها ووقف الرحلات الجوية منها وإليها.
وجاءت هذه العقوبات بعد أشهر من إجراءات اقتصادية أميركية وأوروبية ضدّ قادة سوريين ومصالح اقتصادية سورية، فضلاً عن إدانات من جانب الأمم المتحدة.
في شباط 2012، أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي (البحرين، الكويت، سلطنة عمان، السعودية والإمارات) سحب سفرائها من سوريا.
في العام 2013، شغلت المعارضة السورية مقعد سوريا خلال قمة الجامعة العربية.
- تهدئة سعودية -
في 12 نيسان 2023، أجرى وزير الخارجية السوري زيارة مفاجئة إلى المملكة العربية السعودية، هي الأولى منذ بداية الحرب في بلاده.
ويندرج اجتماع تسع دول عربية في جدّة الجمعة لبحث الموضوع السوري، في إطار رغبة الرياض في التهدئة مع طهران الداعمة لدمشق.
في آذار، توصّلت السعودية وإيران إلى اتفاق بشأن استئناف العلاقات. وجاء ذلك فيما تسعى الرياض إلى الخروج من الحرب الأهلية في اليمن، التي تشارك فيها الرياض وطهران، إمّا مباشرة أو بالواسطة.
- حوار ما بعد الزلزال -
يعدّ الزلزال الذي وقع في السادس من شباط 2023 ودمّر مناطق شاسعة في تركيا وسوريا، سبباً آخر سمح للرئيس السوري بشار الأسد باستئناف الاتصالات مع الدول العربية التي أرسلت مساعدات إنسانية إلى دمشق.
هبطت طائرة مساعدات سعودية في شباط في حلب، ثاني كبرى مدن البلاد، لتكون بذلك أول طائرة سعودية تصل إلى سوريا منذ بداية الحرب.
كذلك، اتصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنظيره السوري، في محادثة هي الأولى بين رئيسي البلدين منذ 12 عاماً، رغم أنّ العلاقات لم تنقطع تماماً بين القاهرة ودمشق. في نهاية شباط، أُوفِد وزير الخارجية المصري إلى دمشق في زيارة "إنسانية".
بعد الزلزال، استقبل الرئيس السوري وزير خارجية الأردن، البلد الذي حافظ على علاقات فاترة مع سوريا خلال الحرب. وفي تشرين الأول 2021، اتّصل العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بالرئيس السوري.
- مصالحات تدريجية -
منذ نهاية العام 2018، أعادت دولة الإمارات فتح سفارتها في دمشق. كما زار الأسد الإمارات في آذار 2022، في أول زيارة له إلى دولة عربية منذ الحرب.
خلال استقباله الأسد في آذار 2023، اعتبر الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان أنّه حان الوقت كي تعود دمشق إلى الحاضنة العربية. في غضون ذلك، أجرى البلدان مناقشات بشأن استئناف تقديم خدماتهما القنصلية.
في 12 نيسان 2023، أعلنت سوريا وتونس نيّتهما استئناف العلاقات الديبلوماسية. وكانت تونس قد عيّنت ممثّلاً قنصلياً في دمشق منذ العام 2015.
من جهة أخرى، زار الأسد في شباط 2023 سلطنة عُمان، للمرة الأولى خلال 12 عاماً من الحرب. وكانت السلطنة الدولة الخليجية الوحيدة التي حافظت على علاقات ديبلوماسية رسمية مع سوريا.
- لقاء تركي-سوري -
في نهاية كانون الأول 2022، التقى وزيرا الدفاع التركي والسوري مع نظيرهما الروسي في اجتماع ثلاثي في موسكو. وكان هذا أول لقاء رسمي على هذا المستوى بين أنقرة ودمشق منذ بداية الحرب، الأمر الذي سبّب استياءً للأكراد في الشمال السوري ولحليفتهم واشنطن.
غير أنّ الأسد يعتبر أنّ التقارب مع تركيا يتطلّب "نهاية الاحتلال" التركي للأراضي السورية.