دخل اتفاق لوقف إطلاق النار، تمّ التوصل إليه بوساطة مصرية، في قطاع غزة حيّز التنفيذ ليل السبت، بعد حربٍ استمرّت خمسة أيام خاضتها فصائل فلسطينيّة مسلّحة ضد الجيش الإسرائيلي بعد اغتياله 3 من القادة العسكريين لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، وأدّت إلى سقوط 35 قتيلاً.
بعد دخول الاتفاق حيّز التنفيذ بربع ساعة، أطلقت الفصائل الفلسطينية عدداً من الصواريخ (19,00 ت.غ)، أعقبتها ضربات إسرائيلية جديدة قبل عودة الهدوء مرّةً أخرى.
من جهته، أشار رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد، إلى أن إسرائيل "نجحت" في هجومها على غزة "بتغيير المعادلة" مقابل حركة "الجهاد الإسلامي"، وكشف أن الجيش الإسرائيلي والشاباك اغتالا "جميع قادة الجهاد في غزة".
واحتفالاً "بالنصر"، تجمّع مئات الفلسطينيين في إحدى ساحات قطاع غزة رافعين الأعلام الفلسطينية ورايات فصائل فلسطينيّة مختلفة.
وقالت جنين عطوة التي كانت تقود سيارتها لوكالة "فرانس برس" إن الأيام القليلة الماضية "أثبتت قدرة صواريخنا، ومدى اتحاد شعبنا، واليوم انتصار مشرف".
بنود الاتفاق
وفاقاً لوكالة "رويترز"، فإن الاتفاق بين الفلسطينيين والإسرائليين ينصّ على إعلان "مصر وقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في تمام الساعة العاشرة مساء اليوم (السبت)".
و"يتمّ الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الذي يشمل وقف استهداف المدنيين وهدم المنازل، واستهداف الأفراد أيضاً، وذلك فور البدء بتنفيذ وقف إطلاق النار".
واختتم نصّ الاتفاق بجملة تقول: "تحثّ مصر الطرفين على تطبيق الاتفاق، وتعمل على متابعة ذلك بالتواصل معهما".
"تقدّم الليكود"
إلى ذلك، ارتفعت شعبية حزب الليكود بقيادة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على خلفيّة الحرب على غزة، بحسب استطلاع صحيفة "معاريف"، وأصبح عدد المقاعد المتوقّع أن يحصل عليها الليكود في الكنيست، إذا جرت الانتخابات العامة الآن، مساوياً لعدد المقاعد التي ستحصل عليها قائمة "المعسكر الوطني"، برئاسة بيني غانتس.
وبحسب نتائج الاستطلاع، فإن "المعسكر الوطني" سيتراجع بأربعة مقاعد قياساً باستطلاع الأسبوع الماضي، ليحصل على 27 مقعداً، فيما سيرتفع الليكود بحاصل مقعدين، ويفوز بـ27 مقعداً.
وكان رئيس جهاز أمن الاحتلال العام (الشاباك)، رونين بار، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، أوصيا بالسعي إلى وقف إطلاق النار في غزة، بالزعم أنّ الاحتلال "استنفد معظم أهداف الاغتيالات والتصفية"، بحسب ما أفادت به تقارير إسرائيلية.
وكانت المواجهات الأخيرة هي الأعنف بين غزة وإسرائيل منذ آب 2022. بدأت الثلثاء بضربات جويّة أدّت إلى مقتل ثلاثة من القادة العسكريين في حركة الجهاد الإسلامي التي تعتبرها إسرائيل والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة "منظّمة إرهابية".
وقد رحّبت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار فى بيان بإعلان الهدنة في فلسطين "من أجل تجنّب المزيد من الخسائر في الأرواح وإعادة الهدوء إلى كلّ من الإسرائيليين والفلسطينيين"، في الوقت الذي شكرت إسرائيل مصرَ على وساطتها، وكذلك فعلت حركة الجهاد.
وفي غزة، حذّر طارق سلمي المتحدّث باسم الجهاد الإسلامي إسرائيل من "أيّ عمل غبيّ أو اغتيال لقادة (...) للمقاومة الفلسطينية"، في حين صرّح محمد الهندي رئيس الدائرة السياسية في الحركة نفسها في اتصال هاتفي من القاهرة بأن الاتفاق يتضمّن تعهداً من إسرائيل "بوقف استهداف مجاهدين".
"هدوء مقابل هدوء"
قال بيان رسميّ صادر عن تساحي هانغبي مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن "رد إسرائيل على المبادرة المصرية" يعني أن "الرد على الهدوء سيكون الهدوء". وأضاف "إذا هوجمت إسرائيل أو واجهت تهديداً، فستواصل فعل كلّ ما يجب عليها فعله للدفاع عن نفسها".
في قطاع غزة الذي يخضع لحصار إسرائيلي منذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عليه في 2007، اتهمت وزارة الداخلية إسرائيل بتركيز ضرباتها "على أهداف مدنية ومبانٍ سكنية".
ومنذ الثلثاء، أدّت الاشتباكات بين إسرائيل وغزة إلى مقتل 34 فلسطينياً،فيما قتلت على الجانب الإسرائيلي سيّدة ثمانينيّة الخميس في رحوفوت في وسط إسرائيل.
من جانبه، قال مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط تور وينيسلاند في بيان "أشعر بحزن عميق للخسائر في الأرواح (...) بما في ذلك أرواح الأطفال والنساء التي تسبّبت بها الضربات الإسرائيلية، وإطلاق الصواريخ العشوائي على إسرائيل من قبل الجهاد الإسلامي ومجموعات أخرى".
وأضاف وينيسلاند "أدعو كلّ الأطراف إلى احترام وقف إطلاق النار (...)، وأنتظر بفارغ الصبر إعادة وصول" المساعدات الإنسانية إلى غزة.
ستة قادة و13 مدنياً
في سياق متّصل، أكّد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) مقتل 13 مدنياً فلسطينياً على الأقلّ، بينهم سبعة قاصرين. وقال الجيش الإسرائيلي إن أربعة مدنيين، بينهم ثلاثة قاصرين قتلوا بصواريخ فلسطينية سقطت على قطاع غزة.
لكن الخسارة الفلسطينية الأبرز كان مقتل ستة من القادة العسكريين لحركة الجهاد الإسلامي، بالإضافة إلى مقاتلين من الحركة ومن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أصاب منذ الثلثاء 371 "هدفاً إرهابياً" وأن أكثر من 1230 صاروخاً أطلق من غزة على إسرائيل، اعترضت منها منظومة الدفاع الجوي ما يقرب من 370.
وشهد قطاع غزة الذي لا تتعدّى مساحته الـ400 كيلومتر، وحيث يعيش ما يقرب من مليونين ونصف المليون فلسطينيّ يعانون الفقر والبطالة، عدداً من الحروب مع إسرائيل منذ 2008.
وفي آب 2022، أدّت اشتباكات استمرّت ثلاثة أيّام بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي إلى مقتل 49 فلسطينياً، بينهم 19 طفلاً على الأقلّ، حسب الأمم المتحدة.
وأطلق حينذاك أكثر من ألف صاروخ من غزة على إسرائيل ممّا أدّى إلى سقوط ثلاثة جرحى.