رفعت عائلة المعارض الفلسطيني الراحل نزار بنات الخميس دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية اتهموا فيها مسؤولين فلسطينيين بارزين بـ"قتل" بنات على خلفية انتقاده للرئيس محمود عباس، على ما أكدت العائلة ومحاميه لوكالة فرانس برس.
عُرف نزار بنات بمقاطع فيديو نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي انتقد فيها السلطة الفلسطينية التي يرأسها محمود عباس الذي كان يتهمه بالفساد.
وأوقفت قوات الأمن الفلسطينية بنات في حزيران 2021 وعُثر عليه ميتًا بعد بضع ساعات. وأبلغ الطبيب الشرعي المسؤول عن تشريح الجثة آنذاك عن آثار وعلامات ضربات في الرأس والصدر والعنق والساقين واليدين، وقال إن أقل من ساعة هي الفترة التي مرّت بين الضربات ووفاته.
ومن خارج المحكمة في لاهاي قال غسان بنات شقيق نزار "أملنا الوحيد في محكمة الجنايات الدولية".
وأضاف لفرانس برس "آن الأوان لتحقيق العدالة للشهيد نزار بنات، بعد ان فشلت السلطة على مدار عام ونصف العام بتحقيق العدالة في جريمة مكتملة الأركان".
ويمكن أي شخص أو مجموعة تقديم شكوى للمحكمة الجنائية الدولية من أجل التحقيق فيها لكنها غير ملزمة بتوليها.
وأكد محامي عائلة بنات هاكان كاموز في تصريح حصري لفرانس برس أن هذه الدعوى هي "الأولى" التي تقدمها عائلة فلسطينية ضد طرف فلسطيني ثان لدى الجنائية الدولية.
وأوضح كاموز الذي يعمل لصالح مكتب محاماة "ستوك وايت" ومقره لندن، أن "الملف سيُرفع الخميس إلى المحكمة" في لاهاي.
- سبعة مسؤولين -
وفتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني من المتوقع أن يركز في جزء منه على جرائم حرب محتملة ارتكبت خلال نزاع العام 2014 في غزة، واحتجاجات "مسيرات العودة" في العام 2018.
ومؤخرًا، رفعت قناة الجزيرة القطريّة ملفًا إلى المحكمة نفسها تتهم فيه إسرائيل بقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة بشكل متعمد.
وتضمن ملف القضية المرفوعة أمام المحكمة الدولية أسماء سبعة مسؤولين فلسطينيين.
وفي أيلول الماضي، وجهت محكمة فلسطينية تهمة "الضرب المفضي إلى الموت" ضد 14 عنصرا من قوات الأمن الذين شاركوا في توقيف الناشط بنات، قبل أن يفرج عنهم منتصف العام الجاري في خطوة أثارت غضب عائلته.
وقال غسان بنات، شقيق نزار، إن عندما "رأينا أنه تم إطلاق سراح الاشخاص الـ 14 بدون سبب واضح، علمنا أن نظام السلطة الفلسطينية وشرطتها وأجهزتها الأمنية تتمتع بسلطة أعلى من المحكمة، وأنهم فوق العدالة".
ويضيف غسان الذي يؤكد أنه ما زال يعيش صدمة فقدان شقيقه، "لهذا قررنا نقل الملف إلى الساحة الدولية".
ومنذ وفاته، نُظمت احتجاجات بشكل متكرر في مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، للمطالبة بالعدالة لبنات، بينما لم يحمل التحقيق الرسمي حتى الآن المسؤولية لأي شخص.
العام الماضي، أجرى المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية استطلاعا قال فيه 63 في المئة من المستطلعة أراؤهم أن مقتل بنات كان "متعمدا وأمرت بها جهات سياسية وأمنية" تابعة "للسلطة الفلسطينية، الأمر الذي يؤكده غسان بنات.
- "تغييب العدالة" -
وبحسب غسان بنات "عندما تم اغتيال نزار بنات من قبل سلطة محمود عباس، عملوا على تزوير الحقائق وتغييب العدالة على مدار أكثر من سنة".
وأكد بنات في وقت سابق أنه "لا أخشى" تداعيات هذه الخطوة التي تلقى دعما شعبيا.
ويتولى عباس رئاسة السلطة الفلسطينية منذ العام 2005 ومستمر في منصبه رغم انتهاء المدة القانونية كما ألغى العام الماضي انتخابات طال انتظارها.
وكان نزار بنات أحد المرشحين لخوض الانتخابات والذي حاول الوصول إلى منصب يمكنه من وضع حد لحالة "الفساد" التي لطالما اتهم السلطة الفلسطينية ومسؤوليها بالاستفادة منها "على حساب الشعب الفلسطيني".
وأكد غسان أن "هذه رسالة نزار بنات عندما طالب بوقف التمويل الاوروبي عن السلطة الفلسطينية وأجهزتها القمعية بعد انتشار فسادهم وظلمهم".
وأوضح المحامي أنه "سنقدم لمدعي عام المحكمة (أمير خان) فقط أدلة سرية ومعلومات داخلية لا يمكننا الكشف عنها حاليا إذ علينا منح المدعي العام وقتا لفحصها.
ويمكن مدعي عام المحكمة الدولية بمجرد استلامه ملف القضية ودراسته اتخاذ قرار بشأن مسألة التحقيق في القضية.
وأكد كاموز "اننا فقط نطالب بالعدالة لرجل لم يفعل شيء سوى قول الحقيقة عن السلطة (...) لا يمكن أن يتجاهل كريم خان مثل هذه الجريمة ويجب أن يحقق فيها".