النهار

احتجاجات على أسعار المحروقات في الأردن: مقتل رجل أمن وإصابة اثنَين آخرَين
المصدر: أ ف ب
احتجاجات على أسعار المحروقات في الأردن: مقتل رجل أمن وإصابة اثنَين آخرَين
قوات الأمن الأردنية.
A+   A-
قُتل نائب مدير شرطة محافظة معان في جنوب الأردن خلال التعامل مع "أعمال شغب" أثناء تحرّكات تشهدها المنطقة منذ أيام احتجاجًا على ارتفاع أسعار المحروقات، وفق ما أعلنت مديرية الأمن العام الجمعة.

وقالت المديرية في بيان "استشهد نائب مدير شرطة محافظة معان العقيد عبدالرزاق الدلابيح، إثر تعرضه للإصابة بعيار ناري بمنطقة الرأس أثناء تعامله مع أعمال شغب".

وأضافت أن أعمال الشغب تلك "كانت تقوم بها مجموعة من المخربين والخارجين عن القانون في منطقة الحسينية في محافظة معان" (نحو 218 كلم جنوب عمان).

وأكدت أنها "إذ تكفل حماية حرية الرأي والتعبير السلمي عنه، فإنها ستتعامل وفق أحكام القانون وباستخدام القوة المناسبة مع كل من يقوم بأعمال الشغب والتخريب". كما حذرت "سنضرب بيد من حديد على كل من يحاول الاعتداء على الارواح والممتلكات العامة ويهدد أمن الوطن والمواطن".

ولاحقا الجمعة، أعلنت "إصابة ضابط وضابط صف بعيارات نارية أثناء التعامل مع مخربين قاموا بأعمال شغب واحتجاجات في منطقة الحسينية بمحافظة معان". وأشارت الى أنه جرى إسعافهما وهما قيد العلاج.

ودان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الجمعة هذا الإعتداء.

ونقل بيان صادر عن الديوان الملكي عن الملك قوله خلال تقديمه واجب العزاء الى أسرة وعشيرة الضابط القتيل في محافظة جرش "هذا ابني وابن كل الأردنيين، ولن يهدأ لنا بال حتى ينال المجرم عقابه أمام العدالة على جريمته النكراء".

واضاف "لن نقبل التطاول أو الاعتداء على نشامى أجهزتنا الأمنية الساهرين على أمن الوطن والمواطنين" و"سيتم التعامل بحزم مع كل من يرفع السلاح في وجه الدولة ويتعدى على الممتلكات العامة وحقوق المواطنين".

وأكد الملك أن "الاعتداءات وأعمال التخريب مساس خطير بأمن الوطن ولن نسمح بذلك" وأن "مؤسسات الدولة ستتخذ كل الإجراءات لمحاسبة الخارجين عن القانون".

وأشار إلى "الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطنون، وحقهم في التعبير عن الرأي بالوسائل السلمية ضمن القانون".

وكان وجهاء وأبناء معان اصدروا الجمعة بيانا نعوا فيه العقيد الدلابيح مؤكدين "رفضهم واستنكارهم أي فعل خارج عن القانون".

كما أكدوا أن "من يرفع سلاحه في وجه أي أردني عسكري أو مدني فقد برأت ذمة معان منه، فلا عشيرةَ له ولا نسب" متّهمين من اطلقوا النار بأنهم "ثلة ضالة وأياد جبانة، شواذ عن العرف والدين والأصول، من أصحاب أجندات أو مهربين وخارجين عن القانون".

- "العنف لا يخفف الصعوبات" -
وقال وزير الداخلية مازن الفراية في مؤتمر صحافي إن "هذه الجريمة لن تمر بدون عقاب والأجهزة الأمنية تعمل لضبط الجاني وتقديمه للعدالة بأسرع وقت ممكن".

واضاف "لقد شهدنا في الأيام الماضية تطورا في اعمال العنف شمل قطع طرق وتكسير زجاج سيارات واضرام نار في مؤسسات حكومية وخاصة واسقاط 48 عمود كهرباء في معان".

واوضح ان "الحكومة تعي صعوبة الظروف المعيشية وتعي أن التأقلم معها ليس بالأمر السهل، ولكن العنف لا يخفف هذه الصعوبات بل بالعكس يزيدها".

وأكد الفراية انه "بعد هذا الحادث سيكون هناك اجراءات أمنية مشددة في المناطق التي تشهد مثل هذه الأعمال ولن نسمح لأي شخص يستغل الإحتجاجات السلمية لأخذ البوصلة بإتجاه العنف والإضرار بالممتلكات ومس أمننا وأمن أسرنا"، داعيا المواطنين إلى "الإبتعاد عن الأماكن التي تشهد اعمال عنف".

من جهته، اكد مدير الأمن العام اللواء عبيدالله المعايطة في المؤتمر "إصابة 49 رجلا من الأمن العام خلال أعمال الشغب".

وأشار إلى أنه "تم الاعتداء على 70 آلية للأمن العام وأكثر من 90 آلية لمواطنين".

وشدد المعايطة "سنضرب بيد من حديد كل من يريد التعدي على الأمن الوطني".

- أوضاع اقتصادية صعبة -
في الأيام الأخيرة، شهدت محافظات في جنوب الأردن إضرابات سلمية في الغالب، احتجاجا على ارتفاع أسعار المحروقات، بدأت بسائقي الشاحنات وانضمّ إليهم سائقو سيارات أجرة وحافلات عمومية أحيانًا، وصولا إلى إغلاق الأسواق والمحلات التجارية الأربعاء في كل من معان والكرك (نحو 114 كلم جنوب عمان) ومحافظة مادبا (35 كلم جنوب عمان) تضامنا.

وفي معان، شاهد مراسل وكالة فرانس برس مدرعات وآليات الدرك في الشوارع الرئيسية للمدينة، وآثار الاطارات المحروقة والحجارة في الحسينية حيث وقع الحادث. وساد الهدوء في كل مكان.

وقال ماجد الشراري (56 عاما) الذي كان مع سائقي نقل عام مضربين اوقفوا عشرات الحافلات في ساحة على جانب الطريق في معان ورفعوا لافتات كتب على بعضها "اضراب الكرامة"، "لسنا دعاة فوضى، ولا مثيري شغب، نحن هنا فقط لتوجيه رسالة واضحة للحكومة حرصا منا على الوطن وعلى قوت المواطن". 

واضاف "15 يوما ونحن هنا لم يتواصل معنا أي مسؤول، قدمنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي حلولا ولم نجد تجاوبا".

وتابع "نعلن براءة محافظة معان من دم الشهيد ونحمل المسؤولية للحكومة"، مشيرا الى أن "مطالبنا تتلخص بخفض سعر المحروقات او إلغاء الضريبة عن المحروقات وربطها فعليا بالسعر العالمي".

وأكد أن "اضرابنا سلمي وهناك تعاون بيننا وبين رجال الأمن".

وجرى الحديث مرات عدة عن اتفاق مع الحكومة لانهاء الإضراب. لكن يبدو أن تصريحا لرئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة قبل أيام قال فيه إن "الحكومة لا تملك ترف دعم المحروقات"، استفز المحتجين.

وكانت السفارة الأميركية في عمان بعثت برسالة لمواطنيها الخميس في الأردن محذرة اياهم من أن "حتى الاحتجاجات التي يُقصد منها أن تكون سلمية يمكن أن تتحول إلى مواجهة وربما تتصاعد إلى أعمال عنف". وأشارت الى "منع موظفي الحكومة الأميركية من السفر بصفة شخصية أو رسمية إلى محافظات الكرك والطفيلة ومعان والعقبة حتى إشعار آخر".

من جانب آخر، أوقفت منصة تيك-توك موقتا في الأردن، وقالت وحدة الجرائم الالكترونية في الأمن العام في بيان انه "تم إيقاف منصة تيك توك عن العمل موقتا داخل المملكة ، بعد اساءة استخدامها وعدم تعاملها مع منشورات تحرض على العنف ودعوات الفوضى".

من جهته، قال وزير الاتصال  الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل الشبول في مؤتمر صحافي ان "منصة تيك توك نشرت كما كبيرا من الفيديوات التي تحرض على القتل والفوضى".

وتقارب أسعار المحروقات ضعف ما كانت عليه العام الماضي خصوصا السولار الذي يشكل الوقود الأساسي للشاحنات والحافلات، والكاز الذي يعد وقود التدفئة الرئيسي للفقراء.

وقدمت الحكومة بعض الحلول بينها زيادة أجور الشحن، وتوزيع مبالغ مالية دعما للأسر الأكثر تضررا، لكن يبدو أنها لم تكن مرضية بشكل كاف للمضربين.

يباع ليتر البنزين 90 أوكتان بـ920 فلسًا (نحو دولار ونصف دولار) و95 اوكتان بـ1170 فلسًا (1,6 دولارا)، أما  ليتر الديزل أو السولار فثمنه 895 فلسًا (1,3 دولارا) والكاز 860 فلسًا (1,2 دولارا).

ولعبت الحرب في أوكرانيا كذلك دورا رئيسيا في ارتفاع أسعار الوقود عالميا.

ويعاني الأردن أوضاعا اقتصادية صعبة فاقمتها ديون فاقت 50 مليار دولار، وجائحة كوفيد، فارتفعت معدلات البطالة عام 2021 الى نحو 25% وفقا للأرقام الرسمية، بينما ارتفعت بين الشباب إلى 50%.

كما يستضيف الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجّلين لدى الأمم المتحدة، بينما تقدر عمّان عدد الذين لجأوا إلى المملكة منذ اندلاع النزاع في سوريا بنحو 1,3 مليون شخص. 

ويقول الأردن إن كلفة استضافة هؤلاء اللاجئين السوريين على أرضه تتجاوز 12 مليار دولار.

ويعتمد اقتصاد المملكة بشكل كبير على المساعدات خصوصا من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ودول الخليج.

وقعت عمان وواشنطن الشهر الماضي اتفاقا تقدم بموجبه واشنطن إلى عمان منحة بقيمة 845 مليون دولار لدعم الموازنة العامة.

ووقع البلدان في أيلول مذكرة تفاهم تقدم بموجبها واشنطن مساعدات إجمالية خلال الفترة  (2023-2029)بقيمة 10,15 مليارات دولار، وبمعدل سنوي يبلغ 1,45 مليار دولار ابتداءً من العام 2023.

وأعلن قصر الإليزيه مطلع الشهر الحالي عقد قمة اقليمية في الأردن "قبل نهاية السنة" تجمع العراق والدول المجاورة بمشاركة فرنسا على غرار مؤتمر بغداد في آب 2021.

وجاء الإعلان بعد مكالمة هاتفية بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium