يعد حضور الرئيس السوري بشار الأسد قمة جامعة الدول العربية في السعودية اليوم الجمعة نتيجة لتحولات كبيرة في سياسة الدول العربية التي دعمت في السابق خصومه في الحرب الأهلية.
فيما يلي نظرة عامّة على سياسات الدول العربية الرئيسية على الساحة تجاه سوريا والأسد وكيف تغيّرت:
* السعودية
عارضت السعودية بقوة الأسد في بداية الصراع، وهو أمر عكس القلق من نفوذ حليفته إيران الشيعية في المنطقة.
وزودت الرياض المعارضة، وأغلبها من السنة، بالأسلحة والمال والدعم السياسي مع اتساع نطاق الانتفاضة ضد الأسد.
كان هذا الدعم محور تنافس مع قطر التي دعمت جماعات إسلامية تتبنى فكراً تنظر إليه الرياض بعين الريبة. وسعت المملكة إلى دعم جماعات أخرى. كما عملت مع الولايات المتحدة في برنامج لدعم معارضين تعتبرهم واشنطن من أصحاب الفكر المعتدل.
لكن المسؤولين السعوديين انتقدوا أيضاً السياسة الأميركية فيما يتعلّق بسوريا. ففي عام 2013، أبلغ رئيس الاستخبارات آنذاك الأمير بندر بن سلطان ديبلوماسيين أوروبيين بأن الولايات المتحدة فشلت في التحرّك بفعالية ضد الأسد.
وفي عام 2014، قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل إنه لا يمكن أن يكون هناك أي دور للأسد وأولئك الذين "تلطخت أياديهم بالدماء" في أي مرحلة انتقالية، وإنه يجب على جميع المقاتلين الأجانب، بما في ذلك جماعة "حزب الله"، الانسحاب من البلاد.
وفي عام 2016، قال وزير الخارجية السابق عادل الجبير إن الأسد لن يحكم سوريا في المستقبل وإن التدخل العسكري الروسي لن يساعده على البقاء في السلطة.
وفي حين غيرت بعض الدول العربية سياستها تجاه الأسد، ولا سيما الإمارات، لم تُظهر السعودية أي مؤشر على إنهاء عزلته.
لكن هذا تغير في الأشهر الماضية خاصة بعد اتفاق توسطت فيه الصين بين الرياض وطهران لإعادة العلاقات الثنائية.
لكن لا يزال النفوذ الإيراني في سوريا مصدر قلق للرياض. وكغيرها من الدول العربية الأخرى، تتوقع المملكة أيضاً من الأسد كبح تجارة المخدرات التي يتم تهريبها من سوريا.
والتقى الأسد بوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في دمشق الشهر الماضي. وقالت وسائل إعلام رسمية سعودية إنهما بحثا الخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسية للصراع من شأنها أن تحفظ للبلاد هويتها العربية وتعيدها إلى "محيطها العربي".
* قطر
عكس دعم الدوحة القوي للمعارضة السورية تأييدها لانتفاضات الربيع العربي التي اجتاحت الشرق الأوسط في عام 2011، بما في ذلك مصر حيث أظهرت دعمها لجماعة الإخوان المسلمين.
وخلال قمة عربية في الدوحة عام 2013، شغل زعماء المعارضة مقعد سوريا بعدما طلب أمير قطر من القادة العرب دعوتهم لتمثيل بلادهم.
ووجهت قطر الكثير من دعمها إلى جماعات معارضة تتبنى فكراً إسلامياً وينظر إليها على أنها مقربة من جماعة الإخوان المسلمين. لكن حلفاء الدوحة انتابهم القلق من وقوع الأسلحة في أيدي متشددين.
ونفت قطر طوال الوقت دعمها لجماعات متشدّدة لها صلات بتنظيم القاعدة. وساعدت الوساطة القطرية في الإفراج عن العديد من الرهائن في سوريا الذين احتجزتهم جبهة النصرة، التي كانت على مدى سنوات تابعة رسمياً لتنظيم القاعدة خلال الصراع.
كما شاركت قطر في جهود تدعمها الولايات المتحدة لتقديم الدعم لمعارضين يعدون من أصحاب الفكر المعتدل.
في عام 2018، قال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إن المنطقة لا يمكن أن تتسامح مع "مجرم حرب" مثل الأسد.
وقالت قطر إن السبب الأصلي لتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية لا يزال قائماً، وشدّدت على موقفها الرافض لعودة العلاقات إلى طبيعتها مع سوريا ما لم يكن هناك حل سياسي.
لكنها تراجعت عن معارضتها لمبادرة السعودية لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية، قائلة إنها لن تقف عائقاً في سبيل الإجماع العربي.
* الإمارات
دعمت الإمارات من قبل بعض المعارضين للأسد، لكن دورها لم يكن بارزاً مثل دور السعودية وقطر وتمحور بالأساس على ضمان عدم هيمنة القوى الإسلامية على المعارضة.
ومهدت أبوظبي الطريق لإعادة الأسد إلى الصف العربي بعد أن طرد المعارضة من معظم أنحاء سوريا بمساعدة روسيا وإيران. وشملت دوافع الإمارات لإعادة العلاقات مع سوريا محاولة مواجهة نفوذ دول غير عربية مثل إيران وتركيا في سوريا.
وزار وزير خارجية الإمارات دمشق في أواخر عام 2021، تلتها في العام التالي توجه الأسد للإمارات في أول زيارة يقوم بها إلى دولة عربية منذ بدء الحرب. وزار الأسد الدولة الخليجية مرة أخرى في آذار برفقة زوجته أسماء.
ودعت الإمارات الأسد إلى حضور قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب28) التي تستضيفها في نهاية العام الجاري.
* الأردن
دعم الأردن، البلد المجاور لسوريا من الجنوب، أيضاً مقاتلي المعارضة الذين يحاربون الأسد، لكن المخاوف بشأن أمن حدوده ومنع جنوب سوريا من أن يصبح ملاذاً للمسلحين الإسلاميين المتشددين شكلا سياسته إلى حد كبير.
واستضاف غرفة عمليات عسكرية تشرف عليها قوى غربية، مما قدم دعماً محدوداً للمعارضة التي تتبنى أجندة قومية وليس إسلامية.
وساعد ذلك تلك الجماعات المعارضة على السيطرة على جزء كبير من جنوب سوريا حتى عام 2018 عندما طردتها القوات الحكومية المدعومة من روسيا من المنطقة. وعمل الأردن على تسهيل محادثات بين فصائل المعارضة وموسكو للتوصل إلى اتفاق يعيد حكم الدولة إلى المنطقة.
وقال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في بداية الصراع، بعد الاحتجاجات الحاشدة التي خرجت ضد حكم الرئيس السوري، إنه كان سيتنحى لو كان في مكان الأسد. لكن الأردن لم يقطع علاقاته رسمياً مع سوريا.