تمكّنت فرق الإطفاء الجزائرية، مساء الخميس، من إخماد غالبية الحرائق التي أودت منذ الأربعاء بـ38 شخصاً على الأقل وخلّفت دماراً واسعاً، في وقت باتت فيه حرائق الغابات المميتة كارثة تواجهها البلاد سنويّاً.
وأشارت مصادر متعدّدة من بينها صحافيون محلّيون وخدمات الإطفاء، إلى مصرع ما لا يقل عن 38 شخصاً، معظمهم في ولاية الطارف في شمال شرق الجزائر قرب الحدود مع تونس، حث بلغت الحرارة 48 درجة مئوية.
وعانى ما لا يقل عن 200 شخص آخر من حروق أو مشاكل في الجهاز التنفسي بسبب الدخان، بحسب وسائل إعلام جزائرية.
وفتحت وزارة العدل تحقيقاً يهدف إلى تحديد ما إذا كانت الحرائق متعمّدة، بعدما تحدّثت وزارة الداخلية عن "حرائق مفتعلة".
وقال العقيد فاروق عاشور من الحماية المدنية لوكالة "فرانس برس" إنّه "حتى الساعة 16:00 (17:00 ت غ) كان لا يزال هناك 16 حريقاً مشتعلاً في 7 ولايات"، مشيراً إلى أنّ كلّ الحرائق في المناطق الأكثر تضرّراً "في الطارف وسوق أهراس باتت تحت السيطرة".
وخلال الـ24 ساعة الماضية، تم حشد 1700 عنصر إطفاء لإخماد النار في 118 موقعاً في 21 ولاية. ويستخدم الجيش، مع فرق الإطفاء، قاذفات مائية.
وأثارت المشاهد مخاوف من تكرار حرائق العام الماضي التي أودت ب90 شخصاً على الأقل وأتت على 100 ألف هكتار من الغابات والأراضي الزراعية في شمال البلاد.
ورأى فريق صحافيين من وكالة "فرانس برس"، على الطريق المؤدي إلى القلعة على الساحل في أقصى شمال شرق البلاد، أشجاراً متفحّمة ومركبات محترقة.
وشهد الفريق أيضاً أضراراً كبيرة في منتزه الحياة البرية، حيث قال شاهد طلب عدم ذكر اسمه إنّ 12 شخصاً احترقوا أحياء داخل حافلتهم أثناء محاولتهم الفرار.
وفي مستشفى في القلعة، "من بين 72 شخصاً أُدخلوا، تسعة في العناية المركزة وتسعة توفوا والباقون غادروا"، وفق قال مسؤول في قطاع الصحة في ولاية الطارف لوكالة "فرانس برس".
وتضامنًا مع عائلات ضحايا الحرائق، أُرجِئَت جميع النشاطات الثقافية في الجزائر، وفق ما أعلنت وزارة الثقافة.
وبدأت جمعيات في جمع أموال وأدوية للضحايا الذين احترق العديد منهم بدرجات متفاوتة.
وفتحت وزارة العدل تحقيقاً لتحديد ما إذا كانت الحرائق التي اندلعت الأربعاء مفتعلة.
وأعلن مكتب المدعي العام في سوق أهراس، حيث لقيت أسرة بأكملها مصرعها في النيران ودُفن أفرادها الخميس، إلقاء القبض على أحد المخربين في غابة بالقرب من هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 500 ألف نسمة.
كما أوقفت قوات الدرك ثلاثة رجال بالقرب من الطارف بتهمة إضرام النيران في محاصيل جيرانهم الزراعية، لكنّ السلطات لم توضح ما إذا كانت هذه النيران قد تسبّبت باندلاع الحرائق المروّعة التي عانت منها الولاية خلال اليومين الماضيين.
"سوء إدارة"
وأثارت الحرائق التي حصلت في الأيام الأخيرة انتقادات لاذعة للسلطات بسبب نقص طائرات مكافحة النيران.
كما دعا خبراءٌ إلى بذل جهود أكبر من أجل تعزيز القدرة على مكافحة النيران في أكبر دولة إفريقية تضمّ أكثر من أربعة ملايين هكتار من الغابات.
واستأجرت الجزائر طائرة روسية قاذفة للمياه من طراز Beriev BE 200. لكن بعد أن تدخلت لإخماد حرائق عدة، تعطّلت هذه الطائرة ولن تكون جاهزة لمكافحة النيران مجدّدًا قبل يوم السبت، بحسب وزير الداخلية كمال بلجود.
ووافقت الجزائر على شراء سبع طائرات لمكافحة الحرائق من شركة "بليسا" الإسبانية، غير أنّها ألغت العقد أثر خلاف دبلوماسي في حزيران، وفقاً لموقع "مينا ديفينس" المتخصّص.
وقال رئيس الحكومة أيمن بن عبدالرحمن من ولاية الطارف إنّ بلاده طلبت أربع قاذفات مائية ستصل أول واحدة منها في كانون الأول.
وقال أحد الخبراء لوكالة "فرانس برس"، طالباً عدم الكشف عن اسمه، إنّ البلاد كانت تملك في الثمانينات 22 طائرة من طراز غرومان لمكافحة حرائق الغابات، لكنّها "بيعت بثمن بخس، من دون اقتراح أيّ حلّ بديل".
وعزا الأستاذ الجامعي رفيق بابا أحمد من جهته الحرائق إلى "سوء إدارة" الغابات التي اجتاحتها الأنشطة البشرية.