مرّ 20 عاماً على غزو الولايات المتحدة للعراق، وأكثر من عام بقليل على غزو روسيا لأوكرانيا. يعتقد البعض أنّ سوء استخلاص واشنطن للعبر من العراق مرتبط بشكل أو بآخر بالحرب على أوكرانيا.
كثيراً ما اتُّهمت إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن بسوء النيّة حين قرّرت إطاحة نظام صدام حسين: تراوحت التحليلات بين تسليط الضوء على رغبة واشنطن بوضع يدها على نفط العراق من جهة وبتحقيق نظرة "نيو-محافظة" على الشرق الأوسط والعالم من جهة أخرى. لا تخلو هذه الاتّهامات من بعض الواقع، والتبسيط.
أميركيون يصغون للرئيس جورج بوش الابن وهو يعلن بداية الحرب، 19 آذار 2003 (أ ب)
يميل الزميل البارز في "مؤسّسة كارنيغي للسلام الدوليّ" والمحاضر الزائر في كلية ييل للحقوق وفي الجامعة الكاثوليكيّة ستيفن ويرثيم إلى تحميل مسؤولين بارزين في واشنطن من كلا الحزبين، وخصوصاً من الجمهوريّين، المسؤوليّة الكبرى عن الحرب على العراق. لكنّه يأخذ تحليله إلى أفق أوسع: يرى ويرثيم في مقال نشرته "فورين أفيرز" الجمعة أنّ السبب الأساسيّ للحرب على العراق هو محاولة بناء الولايات المتحدة تفوّقاً جيوسياسيّاً في الشرق الأوسط والعالم بعد سقوط الاتحاد السوفياتيّ.
"ضحيّة" نظام ما بعد الحرب الباردة
بحسب سرديّة ويرثيم المدعّمة بأقوال مسؤولين أميركيّين، بدأ الإعداد للحرب على العراق منذ سنة 1992. حينذاك، عمل وزير الدفاع ديك تشيني ونائبه بول وولفوفيتز ورئيس هيئة أركان القوّات الأميركيّة كولن باول على وضع استراتيجيّة أميركيّة لما بعد الحرب الباردة. آنذاك، قال باول إنّ على الولايات المتحدة أن تملك "القوة الكافية" من أجل "ردع أيّ متحدٍّ حتى عن الحلم بتحدّينا على المسرح العالميّ". وكلّف تشيني حينها نائبه بوضع مسوّدة لـ"دليل التخطيط الدفاعيّ" وهو إطار عمل شامل للسياسة الأمنيّة الأميركيّة. كان هدف تلك الشخصيّات التحرّك استباقيّاً ومنع منافسين محتملين من الطموح بدور إقليميّ أو دوليّ. وفي سنة 1997، أسّس المفكّران ويليام كريستول وروبرت كاغان "مشروع القرن الأميركيّ الجديد" وهو مؤسّسة رأي حذّرت من خطورة حصول عراق صدام على أسلحة دمار شامل بشكل "شبه مؤكّد"، فحثّت في ورقة وقّع عليها وولفوفيتز ودونالد رامسفيلد الذي سيصبح لاحقاً وزيراً للدفاع وآخرون، على تغيير النظام العراقيّ. بفعل هجمات 11 أيلول، أصبح هذا المطلب قابلاً للتطبيق. فبعد ساعات على انهيار مركز التجارة العالميّ، كان رامسفيلد يروّج لضرب العراق أيضاً وعدم الاكتفاء باستهداف تنظيم "القاعدة"، وفق ما نقله الكاتب عن أحد مساعدي رامسفيلد.
قصف وزارة التجارة العراقية، 20 آذار 2003 (أ ب)
بحسب تحليل ويرثيم لوجهة النظر الأميركيّة، كان "إظهار القوّة" عبر غزو العراق هو الطريقة الفعّالة الوحيدة الرادعة لقوى أخرى من التفكير في منافسة أميركا على المدى البعيد والتعويض عن تآكل الهيبة الذي واجهته في 2001. ويكتب ويرثيم أيضاً أنّ مكمن القلق الحقيقيّ من أيّ برنامج محتمل لبرنامج عراقيّ لأسلحة الدمار الشامل ليس استخدامه لمهاجمة الولايات المتحدة بمقدار ما مثّله من ردع للتفوّق الأميركيّ في المنطقة. وانتقد إدارة بوش بسبب عدم معرفتها بحجم الكلفة التي ستدفعها في الحرب على العراق، وبسبب عدم معرفتها بأنّ صدّام كان يخادع حين تحدّث عن برنامج نوويّ من أجل تعزيز موقعه تجاه إيران.
ويرثيم يملك ترفاً لم يملكه بوش
يسهل الحديث عمّا كان "يجب" أن تعلمه الولايات المتحدة بعد سنوات من الحرب. خداع صدّام تمّ التثبّت منه بعد الغزو لا قبله. وكما كتب رئيس فريق التخطيط السياسيّ ضمن وزارة الخارجيّة في ولاية بوش الابن ريتشارد هاس، يتمتّع المؤرّخون بميزة مهمّة على الصحافيّين وهي إمكانيّة انتظارهم سنوات أو عقوداً لاستخلاص عِبر أدقّ من الأحداث والكتابة عنها.
الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن (أ ب)
وما لم يذكره ويرثيم أيضاً (ربّما لضيق المساحة) هو أنّ منشقّين عن جيش صدّام خضعوا لاختبارات كشف الكذب حين تحدّثوا عن برنامج الدمار الشامل ولم تُظهر تلك الاختبارات أنّهم كانوا يكذبون. كما اعترضت الولايات المتحدة اتصالات بين مسؤولين في نظام صدّام يلمّحون إلى وجود برنامج كهذا. كان صدام يتحدّث عن البرنامج أمام معاونيه لتوجيه رسائل قوّة إلى إيران، وهي رسائل وقع ضحيّتها لاحقاً.
تداعيات الأخطاء الاستخباريّة التي وقعت فيها الولايات المتحدة قبل غزو العراق رافقتها لفترة طويلة. قلّة وثقت بالمعطيات الأميركيّة عن اقتراب غزو روسيا لأوكرانيا. حتى حلفاء الولايات المتحدة الأوروبّيّون أبدوا تشكيكاً بتحذيراتها. لكن هذه المرّة كانت أميركا على حقّ. روسيا اجتاحت فعلاً أوكرانيا. بالمقابل، أخفقت الاستخبارات الروسيّة إخفاقاً هائلاً. بالرغم من كلّ الميزات الاستخباريّة التي امتلكتها روسيا نسبيّاً بالمقارنة مع وضع الولايات المتحدة في العراق، أي القرب الجغرافيّ من أوكرانيا والروابط الثقافيّة والاجتماعيّة معها وامتلاك عناصر استخباريّة في شرق أوكرانيا، فشلت موسكو في معرفة حجم المقاومة التي سيبديها الأوكرانيّون وفي مقدّمتهم الناطقون باللغة الروسيّة. من الواضح أنّ الولايات المتحدة تعلّمت الكثير على المستوى الاستخباريّ منذ بداية الألفيّة. ولم يكن ذلك ضربة حظّ على الأغلب. يبدو أنّ الصين غضبت من روسيا حين حذّرت واشنطن من احتمال دعم بكين لموسكو عسكريّاً. أرادت الصين أن يبقى هذا الدعم المرجّح سرّيّاً، لكنّ واشنطن تمكّنت من رصد مؤشّراته بحسب مجلّة "إيكونوميست".
أسباب أخرى لغموض خطط صدام
أشار ويرثيم أيضاً إلى أنّه من الصعب معرفة حجم الثقل الذي أولته الإدارة في اتّخاذ قرار الحرب لاحتمال مساعدة صدّام يوماً ما الإرهابيين في مهاجمة الولايات المتحدة. بحسب ويرثيم، "كان الاحتمال دائماً تخمينيّاً تماماً، بالرغم من أنّ صنّاع السياسة لم يريدوا أن يعانوا من ‘فشل تخيّليّ‘ آخر بعد فشلهم في استباق كيف يمكن طائرات تجاريّة أن تُخطف وتُحوّل إلى صواريخ."
رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير يزور القوات البريطانية في العراق، 22 كانون الأول 2005 (أ ب)
لكنّ رغبة صنّاع القرار بتفادي سيناريو آخر شبيه بهجمات 11 أيلول لا يجرّد هذا "التخمين" من احتمالات تحقّقه خصوصاً أنّ العالم أصبح أكثر توتّراً أمنيّاً بعد الهجمات. فخلال العام التالي، شنّت التنظيمات الإرهابيّة هجمات عدّة حول العالم أدّت إلى مقتل مئات الأشخاص من بينهم 30 أميركيّاً. هاجس تكرار سيناريو 11 أيلول بصيغة مغايرة كان حاضراً، إن لم يكن مهيمناً على صناعة القرار في واشنطن. من جهة أخرى، اشتبهت الولايات المتحدة بأنّ أبا مصعب الزرقاوي وجد ملاذاً في عراق صدام سنة 2002. إلى جانب ذلك، لم تكن الشبهات بتطوير صدام أسلحة دمار شامل من دون أيّ أساس. سبق أن استخدم الرئيس العراقيّ الأسبق السلاح الكيميائيّ ضدّ إيران كما ضدّ مواطنيه أواخر الثمانينات. لقد اعتقد صدّام أنّ برنامجه للسلاح الكيميائيّ هو ما ردع الولايات المتحدة عن إطاحة نظامه سنة 1991. كان ذلك خاطئاً تماماً. وإلى جانب إحراق صدام الوثائق ممّا صعّب على المفتّشين الأمميّين الوثوق بما دمّره من أدلّة بعد 1991، لم يدرك العالم نطاق برنامج العراق السابق للأسلحة البيولوجيّة إلّا مع انشقاق صهر الرئيس الأسبق ووزير التصنيع العسكريّ حسين كامل سنة 1995.
تحرّك خاطئ أم طبيعيّ؟
عمليّاً لا ينتقد ويرثيم إدارة بوش وحسب، بل جميع الإدارات التي تلتها. واعتبر رسم أميركا استراتيجيّة أمنيّة لما بعد الحرب الباردة تحرّكاً خاطئاً في الأساس. لكن يصعب تخيّل إمكانيّة أن يخرج أيّ مهيمن من الحرب الباردة بدون وضع خطّة واسعة لمنع تكرارها ولضمان تفوّقه طوال عقود. لو خرج الاتّحاد السوفياتي منتصراً من تلك الحرب لوضع على الأرجح خطّة مماثلة وفق تصوّراته. فالحرب الباردة كادت تودي إلى حرب نوويّة، كما أنّه حتى أوائل الثمانينات، كان البعض يعتقد أنّ الاتحاد السوفياتيّ تفوّق على الولايات المتحدة في مجالات عدّة بالتالي، لم يكن انتصار واشنطن النهائيّ مضموناً. أن يسعى صنّاع قرار أميركيّون إلى تفادي هذا السيناريو أمرٌ منطقيّ في العلاقات الدوليّة. القوى العظمى الجديدة التي تبرز بعد تغيير في النظام الدوليّ تسعى دوماً إلى الحفاظ على صعودها وتوسّعها حول العالم. هذه من بديهيّات الديناميّات في النظام الدوليّ المعاصر منذ نشأته قبل نحو 3 أو 4 آلاف عام. كما أنّ قسماً كبيراً من القواعد العسكريّة للولايات المتحدة حول العالم جاء بطلب من الحكومات. تملك الولايات المتحدة أكثر من 60 معاهدة أمنيّة ثنائيّة. لم تُفرض كلّها ولا حتى القسم الأكبر منها بفعل الحروب.
بالمقابل، يقدّم هاس في "بروجكت سنديكيت" نظرة نقديّة أقلّ "مثاليّة" من أفكار ويرثيم. أوّلاً، لم يكن جميع المسؤولين في واشنطن يملكون وجهة نظر متجانسة تجاه الحرب. بوش كان أكثر حماسة تجاه نشر الديموقراطيّة، ورامسفيلد كان أكثر خوفاً من تعاون بين صدّام والإرهابيّين، بينما كان هاس مشكّكاً في قضيّة نشر الديموقراطيّة وفي احتمال تعاون صدام حتى مع التنظيمات المتطرّفة.
بالفعل، ما لفت النظر إليه هاس على مستوى الاختلاف في وجهات النظر داخل إدارة بوش ذكره مراقبون آخرون. يظنّ البعض أنّ كولن باول لم يكن يرغب بالحرب لكنّه لم يحظَ بالجرأة لثني بوش عن قراره. بينما يرى آخرون أنّ رامسفيلد كان أكثر حذراً من بوش ومستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس حيال التعامل مع إيران بعد سقوط صدام.
بوش يزور الجنود الأميركيين في العراق بمناسبة عيد الشكر، 27 تشرين الثاني 2003 (أ ب)
ويشير هاس أيضاً إلى خطأ اليساريّين حين يتّهمون واشنطن بالسعي إلى النفط العراقيّ: "المصالح التجاريّة الضيّقة ليست على العموم ما يحرّك السياسة الخارجيّة الأميركيّة، خصوصاً عندما يرتبط الأمر باستخدام القوّة العسكريّة. عوضاً عن ذلك، تستند التدخّلات وتتحفّز بناء على اعتبارات (متعلّقة بـ) الاستراتيجيا، الإيديولوجيا، أو كلتيهما. بالفعل، انتقد الرئيس السابق دونالد ترامب أسلافه بعدم المطالبة بحصّة من احتياطات العراق من النفط."
ورأى هاس أنّ الإدارة أخطأت في احتساب السيناريو الأسوأ كأساس لحربها (تطوير صدام الأسلحة ورغبته بالتعاون مع القاعدة) وبالعكس، أخطأت في الاعتماد على السيناريو الأقلّ سوءاً لتوقعات ما بعد الحرب (عدم وجود مقاومة).
مسيرات معارضة للحرب في أميركا، 8 آذار 2003 (أ ب)
لن ينتهي قريباً الجدل في الولايات المتحدة حول الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة أكانت في التفكير بالحرب أو التحضير لها أو تنفيذها. ومعظم الأعضاء البارزين في إدارة بوش، بمن فيهم الرئيس الأسبق نفسه، اعترفوا بارتكابهم أخطاء عديدة وجسيمة. مع ذلك، تبقى مشكلة صدام أنّه راهن على "لعبة انتحارية" في توقيت سيّئ، فخسر رهانه. الخسارة كانت مكلفة على الولايات المتحدة والعراق أيضاً.
كانت هذه الكلفة أحد أسباب اعتقاد الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين أنّ واشنطن وحلفاءها لن يهبّوا لنجدة كييف. في نهاية المطاف، وكما فعلت الولايات المتحدة في العراق، برّر الكرملين غزوه لأوكرانيا بأنّه كان استباقيّاً. لكنّ أيّ خطر متصوّر أمكن أن ينشأ عن خيار أوكرانيا بالانضمام (يوماً ما) إلى الناتو كان أقلّ بكثير من الخطر الناجم عن نظام صدّام، أقلّه في سياق أجواء الإرهاب الضاغطة عالميّاً آنذاك وفي سياق إرسال الرئيس العراقيّ الأسبق مؤشّرات ملتبسة بصدد برنامجه. طريقة الردّ على ذلك الخطر ستبقى طويلاً خاضعة للأخذ والردّ.
عن استخلاص العِبر
بحسب ويرثيم، لا يكفي أن تكون واشنطن قد تعلّمت الدرس بشأن عدم فرض الديموقراطيّة بالبندقيّة وصعوبة تطبيق مفهوم بناء الدول في الخارج وعموماً بشأن سياسة تغيير الأنظمة. هو يرى أنّ الإدارات اللاحقة لم تستطع الخروج تماماً من ذهنيّة تلك الحرب. ويذهب إلى حدّ انتقاد إدارة أوباما ضمناً لأنّها عادت إلى العراق بعد 2014 وعزّزت قوّاتها في أفغانستان. رأيه أنّ تلك العودة لم تكن لمحاربة داعش بل كانت عودة لتأكيد التفوّق الأميركيّ في الشرق الأوسط. بالنسبة إلى إدارة أطلقت سياسة الاستدارة نحو الصين ودعت السعوديّة وإيران إلى "تقاسم" النفوذ في المنطقة تسهيلاً لتلك الاستدارة، يتطلّب زعم ويرثيم أنّ أوباما كان مهتمّاً بتعزيز وضع بلاده في الشرق الأوسط مجهوداً جبّاراً لإيجاد أدلّة تدعمه. وهو ينتقد حتى توسيع إدارة أوباما لبرنامج قتل الإرهابيّين عبر المسيّرات.
قصف المجمّع الرئاسيّ في بغداد، 21 آذار 2003 (أ ف ب)
بالنسبة إليه، "توسّع" الناتو في أوروبا هو بشكل غير مباشر استئناف للحرب على العراق. حلّ ويرثيم بسيط: "الخيارات الأفضل متاحة: على الولايات المتحدة فصل نفسها عن الشرق الأوسط، تحويل أعباء الدفاع إلى الحلفاء الأوروبّيّين والسعي إلى التعايش التنافسيّ مع الصين."
مشكلة تحليل ويرثيم أنّ كلّ مقترحاته مرفوضة إلى حدّ بعيد من أصحاب المصلحة. أوروبا الشرقيّة والشماليّة غير مطمئنّة لفكرة تولّي أوروبا الدفاع عن نفسها. في الواقع، وعلى عكس اقتراح ويرثيم، رأى قسم كبير من هذه الدول أنّ استقبال أوكرانيا في حلف شمال الأطلسيّ كان ليمنع الحرب عليها. سبب آخر أعطى على الأرجح المزيد من الجرأة لموسكو كي تغزو كييف وهو انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان؛ إنّها فكرة أخرى تدحض تحليل ويرثيم بأنّ تخفيف بصمة واشنطن العسكريّة حول العالم يحقّق المزيد من الاستقرار.
وغالبيّة حكومات الشرق الأوسط والخليج العربيّ لا ترتاح لفكرة سحب واشنطن مظلّتها الدفاعيّة عن الخليج العربيّ. على سبيل المثال، لا تزال المملكة العربيّة السعوديّة تفاوض واشنطن على المزيد من الضمانات الأمنيّة لا العكس، وذلك بالرغم من الوساطة الصينيّة الأخيرة بين الرياض وطهران. نسبيّاً، تبقى فكرة التعايش التنافسيّ مع الصين أسهل نظريّاً بالرغم من أنّ الصين تفضّل تجنّب اختصار العلاقات مع واشنطن بالإطار التنافسيّ. مع ذلك، يسعى حلفاء أميركا الآسيويّون إلى بقاء القوّة الأميركيّة مع أنّهم يسعون إلى تعزيز علاقاتهم التجاريّة مع بكين.
بحسب ويرثيم، كلّما خفّفت الولايات المتّحدة من ضمان تفوّقها العالميّ، خفّضت نشوء المقاومة لمشروعها. بمعنى آخر، إنّ الفراغ الذي ستتركه الولايات المتحدة بالانسحاب أو تخفيف وجودها في بؤر التوتّر العالميّة سيظلّ فراغاً على المدى البعيد، أو سيملأه لاعبون حسنو النيّة بشكل أو بآخر.
يتطلّب الرهان على نجاح هذه الفكرة، بالحدّ الأدنى، مقداراً وافراً من الحظّ.