تظاهر آلاف السودانيين، الجمعة، هاتفين ضد "الحكم العسكري" بعد عام على انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الذي وضع حدا للعملية الانتقالية الديموقراطية، كما افاد مراسلو فرانس برس.
وفي الخرطوم هتف آلاف المتظاهرين "الشعب يريد إسقاط النظام".
وفي مدينة ام درمان على الضفة الغربية لنهر النيل، حيث أطلقت قوات الأمن قنابل مسيلة للدموع، هتف المحتجون "العسكر الى الثكنات" في إشارة لمطالبتهم بالحكم المدني، بحسب صحافي من فرانس برس في موقع التظاهرة.
وردد المحتجون ايضا "لا للقبلية" و"لا للعنصرية"، غداة يومين داميين في ولاية النيل الأزرق بجنوب البلاد.
واستؤنفت الاشتباكات بين الهوسا والقبائل المنافسة لها في هذه الولاية الزراعية المتاخمة لاثيوبيا ما أدى الى سقوط 150 قتيلا من بينهم نساء وأطفال وشيوخ كما اصيب 86 شخصا" بحسب عباس موسي مدير مستشفى بلدة ود الماحي حيث وقعت الاشتباكات.
- "عودة اكتوبر"- واضافة الى الخرطوم وضاحيتها أم درمان، نظمت تظاهرات في مدينة ود مدني (وسط) وفي الابيض (جنوب) وفي ولايتي كسلا وشرق النيل في الشرق.
وفي الخرطوم، قال بدوي أحمد لفرانس برس "نحن لا نريد حلا وسطا ولا نريد شراكة مع الجيش. لسنا هنا كي ننافش الانقلابيين بل نريد اسقاطهم".
ودعا المتظاهرون الى "عودة اكتوبر" 1964. ففي ذلك الشهر قبل 58 عاما شهد السودان "ثورة" أطاحت حكما عسكريا.
وهو تاريخ هام في السودان الذي يحكمة العسكريون بشكل شبه مستمر منذ الاستقلال.
في عام 2019 ظن المتظاهرون الداعون للديموقراطية أنهم يكررون التاريخ وأنهم تخلصوا من حكم عمر البشير الاسلامي-العسكري الذي دام 30 عاما وأرغموا الجيش على تقاسم السلطة مع المدنيين.
لكن في 25 تشرين الأول 2021 ، قاد الفريق أول البرهان انقلابا وضع حدا لتطلعاتهم.
ومنذ ذلك الحين يتظاهر المحتجون كل أسبوع تقريبا ويواجهون قمع الشرطة الذي أوقع 117 قتيلا، وفق نقابة الأطباء المؤيدة للديموقراطية.
وقد دعوا بالفعل الى تظاهرات جديدة يومي 25 و30 من الشهر الجاري.
وقال متظاهر يدعى عثمان في الخرطوم بحماسة "كل الناس ستتظاهر في كل المدن ونظام البرهان سيسقط بالتأكيد".
ومنذ الصباح انتشرت قوات الشرطة في العاصمة الخرطوم وعند جسورها. وكانت لجان المقاومة وهي مجموعات الأحياء التي تنظم التحركات المناهضة للانقلاب، تدعو منذ ايام على مواقع التواصل الاجتماعي الى التظاهر.
وتحسبا لوقوع ضحايا جدد، دعت السفارة الأميركية في الخرطوم الخميس، قوات الأمن إلى "ضبط النفس" في بيان نشر على تويتر.
وقبل عام بالتحديد احيت التظاهرات "ثورة اكتوبر" 1964 وشارك فيها آلاف السودانيين في كافة انحاء البلاد في اختبار قوة من قبل أنصار الحكم المدني في مواجهة الجيش الذي نفذ بعد أربعة أيام انقلابه.
-فراغ أمني- وأدى الفراغ الأمني الناجم عن الانقلاب خصوصا بعد إنهاء مهمة قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الإقليم إثر توقيع اتفاق سلام بين فصائل مسلحة والحكومة المركزية عام 2020، الى عودة النزاعات القبلية على الأرض والمياه والكلأ.
وأعلن حاكم ولاية النيل الأزرق في السودان (جنوب) حالة الطوارئ الجمعة ومنح قوات الأمن صلاحيات كاملة "لوقف" القتال القبلي الذي أودى ب150 شخصا في يومين.
وجاء في مرسوم أصدره أحمد العمدة بادي اطلعت عليه وكالة فرانس برس أنه "يعلن حالة الطوارئ في جميع أنحاء إقليم النيل الأزرق لمدة ثلاثين يوما".
كما كلّف المسؤولين المحليين للشرطة والجيش والمخابرات وكذلك قوات الدعم السريع "التدخل بكل الإمكانات المتاحة لوقف الاقتتال القبلي".
وفرضت السلطات منذ الاثنين حظر تجول ليليا بعد مقتل 13 شخصا وفق الأمم المتحدة، في اشتباكات بين أفراد قبيلة الهوسا وقبائل متناحرة.
لكن الاشتباكات تجددت رغم الانتشار الأمني.
وتظاهر مئات الخميس في الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق احتجاجا على العنف، وطالب متظاهرون آخرون برحيل المحافظ بادي معتبرين أنه غير قادر على حماية السكان.
وقُتل ما لا يقل عن 149 شخصا ونزح 65 ألفا في النيل الأزرق بين تموز ومطلع تشرين الأول، وفق الأمم المتحدة.
في بداية أعمال العنف، احتج أفراد من قبيلة الهوسا في جميع أنحاء السودان على خلفية ما اعتبروه تمييزا ضدهم بسبب العرف القبلي الذي يحظر عليهم امتلاك الأرض في النيل الأزرق لأنهم آخر القبائل التي استقرت في الولاية.
يعتبر استغلال الأراضي مسألة حساسة للغاية في السودان، إحدى أفقر دول العالم، حيث تمثل الزراعة والثروة الحيوانية 43 بالمئة من الوظائف و30 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
والأسبوع الماضي قتل 19 شخصا وجرح 34 آخرون في نزاع قبلي بولاية غرب كردفان (جنوب)، بحسب بيانات الأمم المتحدة.
وقُتل منذ كانون الثاني نحو 550 شخصا ونزح أكثر من 210 آلاف بسبب النزاعات القبلية في السودان، وفق المصدر نفسه.