ينشغل الأردن بفعاليات متنوعة احتفالاً بزفاف ولي العهد الأمير حسين وخطيبته السعودية رجوة آل سيف، في حدث يشبه من حيث متابعته وتداوله عبر الإنترنت احتفالات الأسر المالكة في الغرب، وهو أمر تتفرّد به العائلة الملكية الأردنية في شرق أوسط محافظ إجمالاً.
ويُقام الزّفاف الملكي الخميس، لكن الاحتفالات بدأت منذ قرابة أسبوع بعروض جويّة، وألعاب نارية، وحفلات غنائيّة مجانيّة.
وتداول أردنيّون عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع فيديو من حفل ليلة حناء العروس الأسبوع الماضي ومن فستان العروس الأبيض الذي حمل عبارة نُسجت بخيوط ذهبية "أراك فتحلو لدي الحياة"، وهو بيت شعر مقتبس من قصيدة غزل للشاعر التونسي الشهير أبو القاسم الشابي (1909-1934).
ويُظهر مقطع فيديو نشره الديوان الملكي عبر "يوتيوب" شقيقتي ولي العهد الأميرتين سلمى وإيمان ووالدتهما الملكة رانيا يشاركن الحاضرات الغناء والتصفيق والرقص.
وتقول لارا اللاتي (35 عاماً)، وهي موظفة مكتب سياحة وناشطة اجتماعية شاركت في ليلة الحناء، لـ"وكالة فرانس برس"، "كان الحفل بسيطاً جدّاً كأي ليلة فرح أردنيّة... حتى الطعام كان أطباقاً أردنية".
وشاركت اللّاتي صوراً من الحفل على حسابها على موقع "فايسبوك". وتضيف "الأجواء والديكورات والزغاريد ذات طابع أردني بسيط تشعرك بأنك في حفل عائلي".
وتتحدّث اللاتي عن "تواضع العائلة الهاشمية، وفرحة الحاضرين الحقيقية"، مضيفةً: "الجميع التقط صوراً ونشرها عبر مواقع التواصل. هذا قد لا يحصل مع عائلات مالكة أخرى".
- "هذا عرسكم" -
وألقت الملكة رانيا كلمة خلال ليلة الحناء قالت فيها: "حسين فرحتي الأولى، ابني البكر. ومثل أي أم، أنا منذ زمن أحلم بأن أراه عريساً".
وأضافت: "حسين ابنكم وأنتم أهله وهذا عرسكم".
عقب ليلة الحناء، أقيم عرض في سماء عمان بطائرات مسيّرة رسمت بأضوائها شكل تاج ملكي وعبارات منها "نفرح بالحسين".
وارتدت سهاد الإدريسي (45 عاماً) وشقيقتها وابنة شقيقتها قمصانا كتب عليها "نفرح بالحسين"، وحملن أعلاماً أردنيّة وحضرن حفلاً غنائيّاً مجانيّاً في ستاد عمّان الإثنين أحياه فنانون عرب هم راغب علامة وتامر حسني وأحمد سعد وديانا كرزون وزين عوض.
وقالت الإدريسي لـ"فرانس برس": "هذا عريس الأردن ويجب أن نحتفل به"، مضيفةً: "هي فرصة لنعيش أجواء الفرح، فمنذ فترة طويلة لم نشهد هذا الفرح في الأردن" الذي يعاني من أوضاع اقتصادية صعبة، مشيرةً إلى أنّها جهّزت الحلوى والورود لتوزيعها يوم الزفاف.
وتابعت: "العائلة الهاشميّة قريبة منّا وليس لديها ما تخفيه. يمكن مشاهدة تفاصيل العرس كاملة عبر مواقع التواصل والبث الحي، ليس كالأسر الحاكمة العربية الأخرى".
واعتبرت الإدريسي أنّ "استخدام العائلة الهاشمية التواصل الاجتماعي يجعلها أقرب من الأسر الحاكمة في الغرب".
ويُقيم الفنان حسين الجسمي حفلاً مجانيّاً آخر السبت في المدرج الروماني في وسط عمّان.
وسيجوب الموكب الملكي الأحمر الذي يظهر في مناسبات ملكيّة ووطنيّة، الخميس، شوارع عمّان مرافقاً سيارة الأمير (28 عاماً) وعروسه (28 عاماً) كما رافق موكبي زفاف الملك عبد الله وقبله الملك حسين.
وسيتكوّن الموكب الذي سيحمل 71 عنصراً من الحرس الملكي، من 14 سيارة "لاندروفر" حمراء مكشوفة و10 دراجات نارية.
بعد القران، يُقام في قصر الحسينية حفل استقبال ومأدبة عشاء.
والأمير حسين أكبر أبناء الملك عيدالله والملكة رانيا وأصبح وليّاً للعهد في تموز 2009 حين كان في الـ15 من عمره.
وينشط الأمير الشاب على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصاً عبر حساب “إنستغرام” الذي له أربعة ملايين متابع، ويديره وليّ العهد شخصيّاً، فينشر صوراً لأنشطته وممارسته رياضة التسلّق في وادي رم وتدريباته العسكرية، إضافة إلى صور مع أفراد عائلته وخطيبته.
ويركّز الأمير حسين، صاحب العينين الملونتين واللّحية الخفيفة، في نشاطاته على قطاع الشباب ويسعى لدعمهم وتمكينهم من خلال "مؤسّسة ولي العهد" التي أسسها عام 2015 لتوفير المبادرات والفرص للشباب.
ويحظى، كما بقية أفراد العائلة المالكة في الأردن، باحترام بين الأردنيّين المعروفين بعدم المجاهرة بانتقاد الأسرة المالكة.
أنهى الأمير دراسته الثانوية في مدرسة "كينغز أكاديمي" في الأردن في 2012، ودرس التاريخ الدولي في جامعة جورج تاون في الولايات المتّحدة قبل أن يتلقّى، كما والده وجدّه الملك حسين، دروساً عسكرية.
له شقيق هو الأمير هاشم بالإضافة إلى شقيقتيه.
ووُلدت العروس في الرياض، وهي من نسل شيوخ سدير في نجد، ولها شقيقان فيصل ونايف وشقيقة دانا. تلقّت دروسها الثانوية في السعودية وأكملت تعليمها العالي في كلية الهندسة المعمارية في جامعة "سيراكيوز" في نيويورك.
وسيحضر الزفاف شخصيات عالمية أبرزها جيل بايدن، عقيلة الرئيس الأميركي، وملك هولندا فيليم ألكساندر وعقيلته.
- خطوة متقدمة في إعداد ولي العهد -
ومنذ تخرجه من الأكاديمية العسكرية الملكية البريطانية "ساندهيرست" عام 2017، بات الأمير حسين تحت الأضواء.
ويقول مدير مركز القدس للدراسات السياسيّة عريب الرنتاوي: "الزفاف الملكي يتوّج خطوة متقدمة في إعداده"، "يقربّه أكثر من الأوساط الشعبية، وعلى المستوى الدولي من خلال حضور شخصيات من عائلات ملكية أو أسر حاكمة".
ويؤكّد أنّ "هذا يصبّ في رصيد توطيد شبكة علاقات الأمير".
ويُشير الرنتاوي إلى استخدام الديوان الملكي وسائل التواصل الاجتماعي لمنح الأردنيّين فرصة أكبر للاطّلاع على التفاصيل.
ويقول الكاتب ووزير الإعلام الأسبق سميح المعايطة "منذ سنوات، والملك يشرف بشكل شخصي على إعداد الأمير الذي يظهر في الزيارات والمؤتمرات واللّقاءات المهمّة دائماً إلى جانبه".
ويشير إلى أنّ الزواج "حدث إنساني واجتماعي له علاقة باستمرارية العائلة المالكة".