تعتزم كل من سوريا وحليفها العراق العمل على تعزيز تعاونهما على المستوى الإنساني ومكافحة تجارة المخدرات، على ما أعلن وزيرا خارجية البلدين الأحد من بغداد، فيما تخرج دمشق تدريجاً من عزلتها الديبلوماسية.
تأتي زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى بغداد فيما بدأ الرئيس السوري بشار الأسد بالعودة تدريجاً إلى الساحة الإقليمية بعد أكثر من عقد من العزلة.
والتقى المقداد الذي وصل ليل السبت إلى بغداد، رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ونقل له دعوة من الأسد "لزيارة دمشق من أجل البحث في مزيد من آفاق التعاون الثنائي وتنسيق العمل المشترك، نحو ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة"، وفق بيان صادر عن رئاسة الوزراء العراقية.
والتقى كذلك رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، فضلاً عن نظيره العراقي فؤاد حسين.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع المقداد الأحد، وصف حسين العلاقات مع "سوريا بأنها "علاقات عميقة"، مضيفاً أن العراق كان "من المبادرين في اجتماعات الجامعة العربية وطلب عودة سوريا إلى مقعدها"، الذي تمّ في 7 أيار.
وتحدّث الوزير عن العمل على استمرار مباحثات خماسية في تجمع وزراء خارجية العراق والأردن ومصر والسعودية ولبنان، استكمالاً للقاءات أطلقت في عمان مطلع أيار "لكيفية التعامل مع الوضع الإنساني في سوريا".
واعتبر أن "قضية اللاجئين السوريين أيضا جزء مهم من هذه المشكلة"، لا سيما "كيفية التعامل مع اللاجئين السوريين خاصة الموجودين في الدول المحيطة في لبنان وفي الأردن وفي العراق" حيث استقبل العراق حوالى 250 ألف لاجئ أكثرهم في مخيمات كردستان العراق، وفق الوزير.
وشدّد على أن "التحرك في المرحلة المقبلة سيكون حول المسألة الإنسانية والمساعدات الإنسانية وكيفية إيصال المساعدات الإنسانية إلى داخل سوريا".
وأضاف أنه جرى التباحث كذلك في "كيفية العمل المشترك بين العراق وسوريا لمحاربة تجارة وحركة المخدرات".
من جهته، شكر المقداد العراق "لتضامنه" مع سوريا بعد الزلزال المدمر في شباط، مضيفاً أن دمشق تتطلع إلى "أفضل العلاقات" مع بغداد.
وقال المقداد إنه ناقش مع نظيره العراقي "العلاقات الثنائية ووجدنا أنها تتقدم في مختلف المجالات وأن السعي يجب أن يبقى مستمراً في تحقيق المزيد" على "الأصعدة الثقافية والسياسية والاقتصادية".
وأضاف المقداد "يبقى علينا أن نعمل سويا كما نعمل الآن على محاربة الإرهاب وتصفية الإرهاب والقضاء على خطر المخدرات بالتعاون في ما بيننا وبين الآخرين" و"إنهاء العقوبات الاقتصادية التي يتعرض لها الشعب السوري".
علّقت عضوية دمشق في الجامعة العربية في 2011 ردًا على قمعها الاحتجاجات الشعبية التي خرجت إلى الشارع حينها قبل أن تتحوّل نزاعا داميا.
وأعلنت حينها الحكومة العراقية، المقربة من طهران ودمشق منذ إسقاط نظام صدام حسين في العام 2003، معارضتها لتعليق عضوية حليفتها سوريا في الجامعة العربية.
ويتشارك البلدان حدوداً بطول 600 كلم في مناطق غالبيتها صحراوية، يشكّل ملف أمنها قضية أساسية بينهما، لا سيما في ما يتعلق بنشاط تنظيم الدولة الاسلامية، وتهريب المخدرات.
في 2014، سيطر تنظيم الدولة الاسلامية على أراض في البلدين، قبل هزيمته في العراق في العام 2017 وفي سوريا في العام 2019.
مع ذلك، لا يزال التنظيم نشطاً ولو بدرجة أقلّ في البلدين. وبحسب تقديرات نشرت في تقرير لمجلس الأمن الدولي في شباط، لدى التنظيم "ما بين خمسة آلاف وسبعة آلاف عضو ومؤيد ينتشرون بين العراق" وسوريا، "نصفهم تقريبا من المقاتلين".
وأضاف التقرير أن التنظيم نشط في العراق في "المناطق الجبلية الريفية"، مستفيداً "من الحدود العراقية السورية التي يسهل اختراقها".
كذلك، تعلن السلطات العراقية بشكل متكرر عن مصادرة كميات من مخدّر الكبتاغون على الحدود مع سوريا، بعدما انتشرت تجارته بشكل كبير في السنوات الأخيرة في الشرق الأوسط. وفي آذار الماضي على سبيل المثال، ضبطت أكثر من ثلاثة ملايين حبة من الكبتاغون على الحدود مع سوريا.
وتجمع البلدين فضلاً عن ملف أمن الحدود، ملفات أخرى مثل المياه، حيث يتشاركان مجرى نهر الفرات الذي ينبع من تركيا. وتشكو السلطات العراقية من بناء تركيا لسدود تؤدي إلى انخفاض منسوب المياه عند جيرانها.