تعهدت نحو 150 من منظمات المجتمع المدني السوري، خلال اجتماع في باريس، الثلثاء، مواصلة الكفاح من أجل "دولة حرة وديموقراطية" في مواجهة حكومة بشار الأسد العائد إلى الحضن العربي بعد حرب استمرت 12 عامًا.
هذه المنظمات التي جاء معظمها من الشتات والمنفى في تركيا أو بريطانيا أو الولايات المتحدة وتؤكد أن لديها ممثلين داخل البلاد أطلقت رسميا منصة "مدنية" غير الحكومية لإسماع صوتها.
يسعى أعضاؤها إلى إيصال صوت المجتمع المدني السوري في ما يتعلّق بالقرارات التي تؤثر على مستقبل البلد المُدمّر حالياً.
وعبر المنصة أعلن مؤسسها أيمن أصفري وهو رجل أعمال بريطاني ثري من أصل سوري ورئيس مؤسسة خيرية أن "رؤيتنا هي خلق حركة مدنية سورية توحّدها القيم المشتركة للمساواة واحترام حقوق الإنسان والديموقراطية وسوريا متحررة من كل أشكال النفوذ".
وقال لوكالة فرانس برس "نريد إسماع صوتنا في العملية السياسية وهدفنا إعادة بناء عقد اجتماعي جديد"، مؤكدا أن الهدف ليس أن نكون بديلاً للمعارضة السورية.
- رفض التطبيع -
وأضاف "لا نريد أن نحل مكان المعارضة أو أن ندمر القليل المتبقي منها، بل أن نعمل معها".
وصلت العملية السياسية إلى طريق مسدود منذ سنوات، وفشلت المفاوضات بين الحكومة والمعارضة برعاية الأمم المتحدة في جنيف.
وفقدت المعارضة زخمها بعدما زعزعتها الانقسامات.
واندلعت الحرب في سوريا على خلفية قمع نظام الأسد احتجاجات شعبية خرجت في العام 2011 الى الشارع قبل أن تتحوّل إلى نزاع دام متعدد الأطراف إذ قدّمت روسيا وإيران المساعدة للأسد، وتدخلت الدول الغربية لمكافحة المتطرفين وتنظيم الدولة الإسلامية، بينما انخرطت تركيا أيضًا في النزاع.
وأودت الحرب بحياة أكثر من نصف مليون شخص بحسب الأمم المتحدة وخلّفت سبعة ملايين لاجئ، ومئات آلاف المفقودين أو المعتقلين، وأفضت إلى دولة مفكّكة.
لكن أعيد تعويم نظام الرئيس بشار الأسد مؤخرًا في الساحة الإقليمية مع إعادته إلى جامعة الدول العربية في أيار/مايو بعد عزلة استمرّت أكثر من عقد على خلفية النزاع في بلده.
وقال أصفري "على المجتمع الدولي أن يفهم أننا لن نقبل بهذه العودة، وأننا ما زلنا نؤمن بقيم الثورة السورية". وأضاف "لا يمكننا أن نلغي بشطبة قلم القتلى واللاجئين والمعتقلين".
- عدالة -
وقالت خلود حلمي وهي متحدثة باسم جمعية لأهالي المفقودين، اعتقل النظام شقيقها الأصغر ولا تعرف أي معلومات عنه منذ سنوات "لن أطبّع مع الأسد، لا أريد أن أصمت، سأستمر حتى أعرف الحقيقة".
وأضافت والدموع تنهمر من عينيها خلال طاولة مستديرة تتناول مكافحة الإفلات من العقاب "عدم معرفة ما إذا كان حياً أو ميتاً أمر لا يطاق".
من جهته أطلق فاروق حبيب ممثل منظمة "الخوذ البيضاء" (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة والجهادية في إدلب ومحيطها) والتي توثق النزاع منذ أكثر من عشر سنوات، نداء مدوياً ضد الإفلات من العقاب.
وقال "نحن لسنا مجرد عناصر إنقاذ، بل نحن ضحايا أيضاً، 300 عضو من فريقي قتلوا منذ بداية الحرب. نحن شهود. أصبحت الكاميرات المثبتة على خوذنا عيونًا توثق كيف يُقتل السوريون كل يوم".
وشدّد جميع المتحدثين على رغبتهم في إسماع أصواتهم في شأن كل القرارات المتعلقة ببلدهم، من عودة اللاجئين التي تريد تركيا تنظيمها إلى وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق المعارضة.
ووجّه ميشال شماس وهو رئيس جمعية تعمل على جمع ملفات للعدالة، رسالتين. فقال للمجتمع الدولي "لقد منحتنا الكثير من المال، لكنك حولّت نظرك عنا، لم تكن لديك الإرادة السياسية، وتركتنا نقع فريسة للروس والإيرانيين".
وأما للسوريين في سوريا، فقال "انتبهوا إلى أنفسكم، وابقوا سالمين، وخصوصاً حافظوا على إنسانيتكم".