قال المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا، الجمعة، إن مصالحة الذاكرة بين فرنسا والجزائر "تتطلب وقتا" وتمر أيضا عبر "إبلاغ" الأجيال الشابة بتاريخ الاستعمار الفرنسي.
وقال ستورا الذي وضع بتكليف من الرئاسة الفرنسية تقريرا عن ذاكرة الاستعمار والحرب سلّمه في مطلع 2021 إن "هذا التاريخ لا يمكن قراءته وتفسيره بنهايته أي عام 1962" مع استقلال الجزائر.
وأضاف في تصريحات للصحافيين على هامش زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الجزائر أنه "يجب أن نحاول فهمها انطلاقا من جذورها... لتكون لنا رؤية أوسع لطبيعة الوصول الفرنسي إلى الجزائر" عام 1830، مشيرا خصوصا إلى "مصادرة الأراضي والمذابح... وتهجير السكان... والمعارك والمقاومة".
وأكد المؤرخ المتخصص في تاريخ الجزائر أن "المشكلة تتصل بالإبلاغ، بالمعرفة. لا يوجد تداول لتلك المعلومات"، ودعا إلى تدريس هذه الحقبة التاريخية على نطاق أوسع في المدارس الفرنسية.
وشدد بنجامان ستورا على أن "صياغة الذاكرة تحدث أيضا من خلال الإبلاغ أو عدم الإبلاغ".
وأردف الباحث الذي ولد في مدينة قسنطينة شرق الجزائر عام 1950 "سيفاجأ الكثير من الفرنسيين عندما يكتشفون الكهوف المدخنة (مذابح المدنيين على أيدي الجيش الفرنسي عبر إشعال النار في مداخل كهوف لجؤوا إليها) وتهجير السكان. إنهم لا يعرفون كل ذلك" خصوصا بشأن الخمسين سنة الأولى من الاستعمار التي اتسمت بدموية شديدة.
ولفت إلى أنه "ليس بخطاب واحد ومبادرة واحدة وكلمة واحدة وعمل واحد سنهدّئ الفوران الاستثنائي في المجتمعين"، مضيفا "يتطلب الأمر وقتًا وبيداغوجيا وإدراج كل ذلك في الكتب المدرسية".
وأعلن الرئيس الفرنسي ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون في ختام محادثاتهما الخميس عن تشكيل لجنة مؤرخين مشتركة "للنظر معا في تلك الفترة التاريخية" من بداية الاستعمار (1830) وحتى نهاية حرب الاستقلال (1962).
وأوضح ماكرون أن الفكرة هي تناول الموضوع "بدون محظورات مع الرغبة... في إتاحة وصول كامل إلى أرشيفاتنا".
وأضاف المؤرخ الذي يرافق الرئيس الفرنسي في زيارته للجزائر "وصول الأقدام السود (المستوطنون الفرنسيون) والجيش والمعارك والمقاومة، كل ذلك ينشئ سردية وطنية وكذلك ذاكرة مبتورة".
وشدد على أن هذه "مسألة راهنة يتشبث بها للأسف العديد من المتطرفين الذين يستغلون الذاكرة المبتورة والصمت لإعادة بناء تاريخ متخيّل وصنع هويات قاتلة".