رفضت محكمة النقض المغربية طلب الإفراج عن الصحافيين عمر الراضي وسليمان الريسوني مؤكدة إدانتهما وثبّتت الأحكام الصادرة في حقهما، بحسب ما أفاد محاميهما وكالة فرانس برس الأربعاء.
وقال المحامي ميلود قنديل إنّ أعلى محكمة في البلاد "رفضت (الثلثاء) استئنافنا وأكدت عقوبة السجن في حق عمر وسليمان".
وكان حُكم على الراضي (37 عاماً) والريسوني (51 عاماً) بالسجن ستة وخمسة أعوام على التوالي في قضيتي "اعتداء جنسي" منفصلتين وهي تهم نفياها مؤكدين تعرضهما "لمحاكمة سياسية" بسبب آرائهما. وهما محتجزان منذ العام 2021.
وقال إدريس الراضي والد عمر الراضي لوكالة فرانس برس "كنّا ننتظر هذا القرار رغم التجاوزات التي لا تعدّ ولا تُحصى التي شابت المحاكمة".
وأضاف "نعرف أنّ القضاء ليس مستقلّاً في هذه القضية، ولكن نأمل في عفو ملكي لإغلاق هذا الملف الذي أضرّ بصورة بلادنا كثيراً".
في المغرب، يصدر العفو عن الملك أو - من الناحية النظرية - عن البرلمان.
- "إشارة كارثية" -
وحثّ محامو المعتقلين والمدافعون عن حقوق الإنسان في المغرب الأسبوع الماضي السلطات على إيجاد "حلّ قضائي وسياسي وقانوني" لاستعادة الصحافيين حرّيتهما.
وكان المحامون قد نبّهوا إلى حالتهما الصحية وظروف احتجازهما "التي لا تحترم الحقوق الأساسية" من وجهة نظرهم.
وقال ممثل منظمة "مراسلون بلا حدود" في شمال إفريقيا خالد درارني إنّ "الإشارة المرسلة كارثية".
وأضاف أن المنظمة تدعو السلطات المغربية "إلى وضع حد لهذه المحنة القضائية غير الإنسانية وإلى الإفراج" عن الصحافيين.
من جهتها، ترى السلطات المغربية أنّ الراضي والريسوني قد حوكما على جرائم على صلة بالقانون العام "لا علاقة لها" بمهنتهما أو بحرية التعبير.
ورداً على سؤال وكالة فرانس برس، رحّبت المحامية النسوية عائشة الكلاع رئيسة جمعية حقوق الضحايا بالحكم، معتبرة أنّ "الراضي والريسوني وأنصارهما يحاولون تسييس هذه القضايا بعد إثبات الحقائق أمام المحكمة".
وانتقدت الكلاع المنظمات غير الحكومية الأجنبية "لاستغلالها للقضيتين لأغراض سياسية بحتة".
ولن يتمّ نشر قرار محكمة النقض قبل عدّة أيام.
وكان الريسوني، وهو كاتب مقالات رأي تنتقد السلطات، يلاحَق قضائياً بتهمة "الاعتداء الجنسي" رفعها بحقه ناشط شاب من مجتمع الميم، وهي تهمة لطالما نفاها أمام المحكمة، معتبراً أنّه يُحاكم "بسبب آرائه".
وبعدما اعتُقل في أيار 2020، لم يحضر معظم محاكمته الابتدائية - بين شباط وتموز 2021 - بسبب إضراب عن الطعام لمدّة 122 يوماً.
- "أساليب قمع" -
وكان الراضي، وهو مراسل مستقل وناشط في مجال حقوق الإنسان، قد اعتُقل في تموز 2020.
وحوكم بتهمة "تقويض الأمن الداخلي للدولة... بتمويل أجنبي" وبتهمة "الاغتصاب"، وهما قضيّتان منفصلتان، تمّ التحقيق فيهما وإصدار الحكم بشأنهما بشكل مشترك.
واتهم الصحافي بـ"الاغتصاب" من قبل زميلة سابقة، وتحدث عن "علاقات حصلت بموافقتها" بينما أكدت المشتكية عكس ذلك.
من جهته، حكم على الصحافي المغربي عماد ستيتو - الذي أيّد رواية الراضي وقال إنّه كان في الغرفة نفسها أثناء حصول الوقائع - بالسجن مدّة عام، منها ستة أشهر نافذة، بتهمة "عدم مساعدة شخص في خطر".
وتمّ تأكيد الحكم الصادر بحكم ستيتو الذي غادر المغرب.
وفي تقرير نُشر في تموز 2022، ندّدت منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية باستخدام المحاكمات كـ"أساليب قمع" تهدف إلى إسكات الصحافيين والمعارضين في المغرب، وذلك عبر قضايا تندرج في إطار القانون العام، وخصوصاً الجرائم الجنسية.
وفي مواجهة هذه الانتقادات شدّدت السلطات على "استقلالية القضاء" و"حقوق الضحايا".
ووفق آخر تصنيف عالمي لحرية الصحافة نشرته منظمة مراسلون بلا حدود للعام 2023، تراجع المغرب إلى المرتبة 144، بخسارته تسعة مراكز.
في كانون الثاني، أعرب البرلمان الأوروبي عن قلقه إزاء تدهور حرية الصحافة في المغرب، مستشهداً خصوصاً بسجن عمر الراضي، في قرار تبنّته غالبية كبيرة وأثار حفيظة الطبقة السياسية ووسائل الإعلام المغربية.