كثّف الجيش السوداني، اليوم الثلثاء، جهوده لتحقيق مكاسب في العاصمة الخرطوم في بعض من أعنف المعارك منذ بدء الصراع مع قوات الدعم السريع.
وقال سكان إن الجيش نفذ ضربات جوية وقصفا بالمدفعية الثقيلة منذ أمس الاثنين في محاولة للاستيلاء على جسر عبر نهر النيل تستخدمه قوات الدعم السريع في نقل تعزيزات وأسلحة من أم درمان إلى مدينتي بحري والخرطوم. والمدن الثلاث تشكل معا العاصمة الأوسع للسودان.
وجاء الرد قويا من قوات الدعم السريع مما أدى إلى احتدام الاشتباكات في الأحياء السكنية وسقوط ضحايا مدنيين وحالات نزوح. وكانت قوات الدعم السريع تحتل جزءا كبيرا من العاصمة عند اندلاع القتال في منتصف نيسان.
وقال نشطاء في أحياء بشرق أم درمان إن تسعة مدنيين على الأقل لقوا حتفهم.
وقال أحد سكان العاصمة،ويدعى نادر عبد الله (52 عاما)، لرويترز عبر الهاتف "الوضع مرعب في أم درمان، إطلاق رصاص وأصوات مدفعية وقصف بالطيران... الضرب من كل الاتجاهات".
ونشبت الحرب بعد أربع سنوات من الإطاحة بعمر البشير في انتفاضة شعبية، واندلع التوتر بين الجيش وقوات الدعم السريع اللذين شاركا في انقلاب عام 2021، بسبب خلافات حول خطة للانتقال إلى الحكم المدني.
وأعلن الجانبان إحراز تقدم عسكري في الأيام القليلة الماضية، لكن لا توجد مؤشرات الى حدوث انفراجة حاسمة. وتوقفت جهود تقودها السعودية والولايات المتحدة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من أربعة ملايين شخص نزحوا من بينهم أكثر من 900 ألف فروا إلى البلدان المجاورة التي تعاني أصلا من صراعات وأزمات اقتصادية.
هل بقي شيء للفوز به؟
فر أكبر عدد من اللاجئين، أكثر من 377 ألفا، إلى تشاد آتين من منطقة دارفور بغرب السودان حيث اتهم شهود الميليشيات العربية المتحالفة مع قوات الدعم السريع بشن سلسلة هجمات عرقية ضد الجماعات غير العربية.
ويصل النازحون من مورني في غرب دارفور إلى تشاد سيرا على الأقدام، ومتعلقاتهم إما مكدسة على عربات تجرها الخيول أو يحملونها فوق رؤوسهم. وقال نازحون إنهم تعرضوا للاغتصاب والسرقة والاعتداءات الليلية والاعتقالات.
وقال لاجئ ذكر أن اسمه هارون "من يجد مخرجا يخرج ومن لا يجد يبقى في المعاناة".
وتزداد رقعة الجوع وتتزايد حصيلة الضحايا بين المدنيين نتيجة الصراع. وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنها سجلت أكثر من 300 وفاة بين 15 أيار و17 تموز بسبب مرض الحصبة وسوء التغذية، بخاصة بين الأطفال دون سن الخامسة، نظرا لمحدودية التمويل الإنساني وصعوبة الوصول.
وقال المتحدث باسم المفوضية وليام سبيندلر في إفادة صحافية في جنيف "في ظل عدم استقرار المقام بعائلات كثيرة منذ أسابيع ومع القليل جدا من الغذاء أو العقاقير، ما زال هناك ارتفاع في معدلات سوء التغذية وتفشي أمراض ووفيات ذات صلة".
وتسبب سقوط الأمطار الموسمية في نزوح في بعض أجزاء السودان ومخاوف من انتشار الأمراض التي تنقلها المياه.
ومع القتال، يُضطر السكان في العاصمة إلى التعايش مع انقطاع الكهرباء والمياه وتفشي النهب من قبل قوات الدعم السريع وانهيار الخدمات الصحية ونقص الغذاء.
وقال محمد أوشر (37 عاما) الذي يعيش في جنوب الخرطوم "لا ديل لا ديل (لا هؤلاء ولا هؤلاء) قادرين على موضوع الحسم واللي بيقولوه في الميديا (في وسائل الإعلام) غير (مختلف) على أرض الواقع".
وأضاف "هي الخرطوم فضل ليهم فيها شنو عشان (ماذا بقي فيها) يحسموه أصلا؟ (ليفوزوا به؟) المؤسسات اتدمرت، الجامعات والأسواق كلها اتدمرت".