النهار

عراقيون عائدون من السودان يروون معاناة "حرب اندلعت في يوم وليلة"
المصدر: "أ ف ب"
عراقيون عائدون من السودان يروون معاناة "حرب اندلعت في يوم وليلة"
أشخاص تم إجلاؤهم من السودان يصلون إلى مطار بغداد الدولي (27 نيسان 2023 - أ ف ب).
A+   A-
استقبلت بغداد الخميس أكثر من 200 عراقي عادوا ضمن عملية إجلاء جوية آتين من السودان حيث خبروا على مدى الأيام الماضية تجربة معارك اندلعت بشكل مباغت ذكّرتهم بحروب في بلادهم لم يطوٍ الزمن آثارها بعد.
 
ووصل 234 شخصا الى مطار بغداد الدولي حاملين معهم ما تيسّر من أغراضهم وذكرياتهم: شابة تتمسّك بقفص أحمر يحتضن قطتها البيضاء، رجال يجرون حقائب ثقيلة امتلأت بأغراض عائلاتهم، وشابة لا تقوى على حبس دموعها...
 
كان أحمد البلداوي من ضمن العائدين على متن الطائرتين اللتين أرسلتهما الحكومة العراقية لنقل مواطنيها من مدينة بورتسودان، ضمن عمليات واسعة لإجلاء الرعايا الأجانب من السودان في أعقاب اندلاع المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع قبل زهاء أسبوعين.
 
ويقول البلداوي الذي بدا الاحمرار في عينيه من التعب "الحرب اندلعت في يوم وليلة. لم نحسب لها أي حساب".
 
ويضيف المهندس البالغ من العمر 30 عاما لوكالة فرانس برس "لم يكن لدينا أكل أو كهرباء. نحن على مدى عشرة أيام لم نرَ لون الشمس".
 
ويؤكد الرجل أنه اضطر  لتناول الخبز اليابس خلال الأيام الماضية، مشيرا الى أنه توقع مع عراقيين آخرين أن يكونوا على متن رحلة إجلاء يتم تنظيمها بالتنسيق مع سفارة أبوظبي.
 
ويوضح "سررنا وحضّرنا ملابسنا، قبل أن يقال لنا إن السفارة ستنقل الإماراتيين بداية... بقينا محاصرين في الشقق وتملّكنا القهر".
 
واندلعت معارك عنيفة في الخرطوم ومدن أخرى اعتبارا من 15 نيسان/أبريل، بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي. 
 
وأسفرت المعارك حتى الآن عن مقتل 512 شخصًا على الأقل وجرح الآلاف، بحسب بيان لوزارة الصحة الاتحادية في السودان، ولكن عدد الضحايا قد يكون أكثر من ذلك نتيجة القتال المستمر.
 
وتسببت المعارك بنقص المواد التموينية والكهرباء والمياه، إضافة لصعوبات جمّة في توفر الخدمات الصحية.
 
 
"وضع مأسوي"
ترك بعض العائدين حياة كاملة في السودان، مثل روبَي أحمد المقيم مع عائلته هناك منذ 16 عاما، وغادر مع والديه وشقيقه وشقيقته التي أبت أن تترك قطتها خلفهم.
 
ويقول "كان الوضع مأسويا. كنا نبتعد عن النوافذ (بسبب إطلاق الرصاص) وننزل الى الأرض" بسبب "الخوف".
 
ويؤكد الشاب البالغ من العمر 24 عاما أنه أتمّ من فترة وجيزة دراسة طب الأسنان، الا أن الوقت باغته وحال دون استلامه شهادته الجامعية.
 
وكان 16 سوريا من ضمن العائدين الى بغداد، وفق ما أفادت وزارة الخارجية العراقية في بيان، من دون أن تحدد ما اذا كان هؤلاء سيعودون الى بلادهم.
 
ومن أجل اللحاق بالرحلة الجوية من بورتسودان، اضطرت غالبية العائدين الى قطع ما يناهز مسافة ألف كيلومتر من الخرطوم برّا الى المدينة المطلّة على البحر الأحمر، في رحلة مضنية استغرقت زهاء 12 ساعة.
 
ويوضح العائد إبراهيم جمعة "الحكومة العراقية لم تقصّر معنا، ووفروا باصات... الطريق متعب جدا يسمّونه طريق الموت، لكنني لم أتخيّل أنه سيكون طريقا للموت الى هذا الحد".
 
ويوضح الرجل الثلاثيني، وهو متزوج وله طفلة "كان الباص يتمايل يمنة ويسرة، واعتقدنا أنه سينقلب"، الا أن ذلك كان أخف وطأة من البقاء تحت نير المعارك في العاصمة السودانية "حيث كنا آخر من ترك المبنى الذي نقيم فيه. المبنى أصبح مهجورا حاليا، والبيوت في صفّه كلها مهجورة أيضا".
 
وتسببت المعارك في عمليات نزوح واسعة من الخرطوم التي يقطنها زهاء خمسة ملايين نسمة، خصوصا في ظل نقص المواد الغذائية واستمرار القتال حتى في ظل الهدنة المعلنة منذ منتصف ليل الإثنين الثلاثاء لمدة 72 ساعة.
 
ويقول جمعة "المواد الغذائية بدأت تشح، (رفوف) السوبرماركت بدأت تفرغ. الكهرباء تنقطع، الانترنت تنقطع".
 
وعلى رغم أن العراقيين خبروا مرارا الحروب والنزاعات، يؤكد جمعة أن المعارك أخذت الجميع على حين غرة.
 
ويقول عن بداية القتال "أفقنا صباحا على صوت طلقات خفيفة. اعتدنا على حصول هذا الأمر، لكن فجأة بتنا نسمع أصوات قاذفات صواريخ وطائرات حربية".
 
ويتابع "أول يوم لم نصدّق (...) قلنا الآن ستهدأ الأمور".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium