رحبت السلطة الفلسطينية، الجمعة، بتصريحات للرئيس السابق لجهاز الموساد تامير باردو اعتبر فيها أن إسرائيل تفرض نظام "فصل عنصري" في الضفة الغربية المحتلة، وهي تعليقات أثارت انتقادات واسعة في الدولة العبرية.
وفي مقابلة مع وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية نشرت الأربعاء، قال باردو "ثمة نظام فصل عنصري هنا"، وذلك في معرض حديثه عن الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ حرب العام 1967.
وأضاف "عندما يتم التعامل مع شعبين على أرض واحدة وفق نظامين قانونيين مختلفين، فهذا نظام فصل عنصري"، في إشارة الى أن الفلسطينيين الذين يوقفهم الجيش أو أجهزة الأمن الإسرائيلية يحالون الى محاكم عسكرية، في حين أن الإسرائيليين سكان المستوطنات التي تعتبرها الأمم المتحدة مخالفة للقانون الدولي، يُحالون أمام القضاء المدني.
وتعدّ تصريحات باردو، رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية بين العامين 2011 و2016، الانتقاد الأكثر وضوحا من مسؤول إسرائيلي كبير سابق لممارسات حكومته في الضفة الغربية، بعد تصاعد حدّتها في ظل الائتلاف الحالي لبنيامين نتنياهو، والذي يعد الأكثر يمينية في تاريخ الدولة العبرية.
ورحّب المستشار السياسي في وزارة الخارجية الفلسطينية أحمد الديك بتصريحات باردو، مشيرا الى أن مواقف مشابهة باتت تصدر عن "عدد متزايد من المسؤولين الإسرائيليين".
وأضاف لوكالة فرانس برس "نأمل في أن يعكس ذلك بداية صحوة في المجتمع الإسرائيلي لدعم حقوق الشعب الفلسطيني والضغط على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية".
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش، ومقرها نيويورك، انضمت في نيسان 2021 الى عدد من المنظمات الحقوقية الفلسطينية والاسرائيلية بقرارها استخدام "الفصل العنصري" لوصف السياسات التي تمارسها تل أبيب حيال الفلسطينيين والمواطنين العرب في إسرائيل.
وفي العام 2022، اتهمت منظمة العفو الدولية اسرائيل بارتكاب "الفصل العنصري" ضد الفلسطينيين ومعاملتهم على أنهم "مجموعة عرقية أدنى".
ورفضت إسرائيل على لسان وزير خارجيتها في حينه يائير لبيد التقرير، معتبرة أنه يستشهد بـ"أكاذيب تنشرها منظمات إرهابية".
- "معيبة وخاطئة" -
برز باردو على الساحة السياسية الاسرائيلية في الأشهر الماضية من خلال مواقفه المعارضة لمشروع التعديلات القضائية الذي يدفع به نتنياهو.
وأثار المشروع احتجاجات غير مسبوقة في الداخل وانتقادات في الخارج.
وتضاف تصريحات باردو الى تعليقات شبيهة أدلى بها مسؤولون وديبلوماسيون إسرائيليون في الآونة الأخيرة، حذّروا فيها من أن الدولة العبرية قد تصبح دولة فصل عنصري في حال واصلت ممارساتها في الضفة الغربية المحتلة.
لكن ما قاله باردو كان الأوضح في معرض انتقاد الإجراءات الاسرائيلية ووسمها بـ"الفصل العنصري"، واستتبع ردود فعل حادة على المستوى السياسي، وأيضا الهيكل الأمني والعسكري.
واعتبر حزب الليكود بزعامة نتنياهو، أن تصريحات باردو "معيبة وخاطئة".
وقال الحزب اليميني في بيان إن "المستشفيات الإسرائيلية تعالج اليهود والعرب، الإسرائيليين والفلسطينيين، بالطريقة ذاتها. العرب واليهود يدرسون ويعملون معا في إسرائيل".
من جهتهم، اعتبر مسؤولون في الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية شاركوا في منتدى الأمن والدفاع عن إسرائيل، أن تصريحات باردو تشكّل "تشويها للواقع".
وأضافوا في بيان مشترك إن المسؤول السابق أقدم على "التشهير بدولة إسرائيل وقواتها الأمنية" عبر مواقف تستند حصرا الى "آراء سياسية شخصية".
وخارج القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل، يقيم نحو 490 ألف إسرائيلي في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة التي يقطنها 2,9 مليون فلسطيني.
ويضم الائتلاف الحكومي الحالي بزعامة نتنياهو، شخصيات وأحزاب سياسية من اليمين واليمين المتشدد تؤيد ضم الضفة الغربية بالكامل ومواصلة سياسة الاستيطان في أراضيها.
وتنتقد العديد من المنظمات الحقوقية القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على حرية التنقل في الضفة الغربية المحتلة بما يشمل القدس الشرقية، والتمييز الذي تؤكد أن العرب يتعرضون له في إسرائيل.
وقبل نحو أسبوعين، أيّد نتنياهو وزير الأمن اليميني المتطرف إيتمار بن غفير بعد مطالبته بحقوق أكبر لليهود مقارنة بالفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة. وقال الوزير للقناة 12 الإسرائيلية "حقّي، وكذلك حقّ زوجتي وأولادي، في التنقل على الطرق (في الضفة)، أهم من حرية حركة العرب".
والفصل العنصري أو الأبارتيد (التطور المنفصل للأعراق باللغة الأفريكانية) نظام كرّسه البيض في قوانين جنوب أفريقيا بين العامين 1948 و1991. وهيمنت الأقلية البيضاء على الحياة السياسية حتى أول انتخابات متعددة الأعراق العام 1994 فاز بها نلسون مانديلا الذي تزعيم النضال ضد هذا النظام.
وكان مواطنو جنوب أفريقيا يصنّفون منذ الولادة في أربع فئات هي البيض والسود والخلاسيون والهنود حيث يحتلّ البيض المكانة الأعلى ويتمتعون بامتيازات خاصة في حين يقبع السود في أسفل السلم الاجتماعي. وكان الجزء الأكبر (87%) من أراضي جنوب أفريقيا مخصصا للبيض فيما كان السود يقيمون في أحياء مخصصة لهم وفي محميات عرقية.