بعد ثلاثة أيام على الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب يخشى ناجون في المناطق الجبلية في جبال الأطلس الكبير أن يكونوا قد تُركوا لمصيرهم في مواجهة حجم الدمار والمساعدات التي تصل ببطء.
فقد وضع الزلزال عبئا ثقيلا على موارد الطوارئ في المملكة فيما يشعر بعض الأهالي الذين باتوا مشردين بالغضب والصدمة بسبب ما يقولون إنه نقص كبير في المساعدات.
وقالت خديجة آيت القايد (43 عاما) وهي تقف وسط أنقاض قريتها مسيرات في الأطلس الكبير "نشعر بأنه تم التخلي عنا، لم يأت أحد لمساعدتنا".
وتساءلت "منازلنا انهارت... أين سنعيش؟" فيما كانت رائحة الموت تعبق في المكان الإثنين.
وقال أهالي القرية التي تعد أقل من 100 نسمة أن جثث 16 شخصا قضوا في الزلزال انتُشلت، لكن الماشية نفقت تحت الحجارة فيما بدأ الخشب بالتحلل.
وارتفعت حصيلة ضحايا الزلزال الذي سوّى قرى بأكملها بالأرض إلى أكثر من 2800 قتيلا وعدد مماثل تقريبا من الجرحى الإثنين.
وتحدث ناج آخر هو محمد بوعزيز عما شاهده في قريته مولاي إبراهيم جنوب مراكش، والتي كانت من الأكثر تضررا في الزلزال الأعنف من حيث عدد الضحايا في أكثر من ستة عقود. وقتل 20 من أبناء هذه القرية.
وقال "تلقينا بعض المساعدة... لكنها غير كافية". وهذا الشاب البالغ 29 عاما ينتمي لجمعية محلية تسعى لتلبية احتياجات أكثر من 600 قرويا باتوا مشردين.
- لا أحد هنا -
بمساعدة السلطات المحلية ومتبرعين من المنطقة أقامت جمعية "انطلاقة" تسعة مخيمات عشوائية تضم عددا كبيرا من النساء والأطفال فيما يعمل رجال على رفع الركام بأيديهم.
ويبحث أكثر الرجال الذين تجرؤا على المجازفة داخل هياكل مبان لا تزال قائمة في القرية لإنقاذ مقتنيات من لوازم الحياة اليومية مثل بطانيات وفرش نوم وأوان مطبخ.
في قرية مسيرات التي تبعد مسافة 300 كلم جنوب غرب مراكش، كان محمد آيت القايد ينظر في كل مكان ولاحظ غيابا للحكومة وعمال الإغاثة والمسعفين.
وقال الشاب البالغ 28 عاما "المرة الوحيدة التي شاهدنا فيها السلطات كانت لإحصاء عدد الضحايا في الساعات التي أعقبت الكارثة" مضيفا "مذاك لم نرهم ولا مرة... لا أحد هنا معنا".
لم يرد أي رد فوري من الحكومة على شكاوى أهالي مسيرات لكن وزارة الداخلية أصدرت بيانا الإثنين أكدت فيه أن الحكومة تعمل على مساعدة ضحايا الكارثة.
وقالت الوزارة إن "السلطات العمومية تواصل جهودها لإنقاذ وإجلاء الجرحى والتكفل بالمصابين من الضحايا، وتعبئة كل الإمكانات اللازمة لمعالجة آثار هذه الفاجعة المؤلمة".
وبموازاة الجهود الرسمية، تشاهد قوافل مساعدات ينظمها القطاع الخاص تحتوي على مواد غذائية ومياه وبطانيات على الطرق الجبلية الضيقة والملتوية بالقرب من مسيرات وتجمعات ريفية أخرى.
- انقذت من تحت الركام -
وقال التاجر يحيى منصور جالسا خلف مقود شاحنة محملة بعشرات من فرشات النوم الاسفنجية "نحن هنا لمساعدة أشقائنا. علينا أن نساعد هؤلاء الأشخاص".
ولكن أمام دمار بهذا الحجم في العديد من القرى التي سويت بالارض في زلزال الجمعة، فإن المساعدات الحكومية والخاصة ستواجه صعوبة في تلبية كافة الاحتياجات.
وبعد أكثر من 48 ساعة على الكارثة عادت مياه الشرب إلى مولاي إبراهيم وكانت العائلات تستخدم مراحيض عدد من المنازل القليلة التي صمدت.
وإضافة إلى هذه العودة المتواضعة لنوع من الحياة الطبيعية يشكر الناجون الله لأنهم ما زالوا على قيد الحياة.
وقالت حسنة زهرة البالغة 39 عاما إن الله منحها فرصة ثانية للحياة عندما أنقذها الجيران من تحت الركام.
غير أن هذه الأم لثلاثة أبناء وزوجة عامل مياوم، ليس لديها أمل كبير في أن تسكن في وقت قريب مع عائلتها في منزل.
وقال بوعزيز من جمعية انطلاقة الخيرية "الجميع هنا فقراء".