صدرت أوامر، اليوم الثلثاء، للصحافيين بمغادرة مدينة درنة الليبية التي اجتاحتها السيول والفيضانات، وذلك في صباح اليوم التالي لخروج متظاهرين وإضرامهم النار في منزل عميد البلدية المقال احتجاجا على فشل السلطات في حماية المدينة.
وذكرت قناة "الحرة" أن السلطات طلبت من جميع الصحافيين المغادرة في أسرع وقت ممكن. وقال مراسل لشبكة الجزيرة من المدينة إنه طُلب منه المغادرة.
وقال وزير الطيران المدني في حكومة شرق ليبيا هشام أبو شكيوات لرويترز عبر الهاتف إن قرار خروج الصحافيين لا علاقة له بالاحتجاجات التي خرجت هناك الليلة الماضية.
وأضاف أبو شكيوات "المسألة تنظيمية، وهي محاولة لتهيئة الظروف لفرق الإنقاذ للقيام بالعمل بأكثر سلاسة وفعالية".
وتابع "عدد الصحافيين الكبير أصبح مربكا لهم".
ولكنه قال في وقت لاحق إن الصحافيين لم يُطلب منهم مغادرة درنة كليا، وإنما عليهم فقط مغادرة المناطق التي قد يعيق وجودهم فيها عمليات الإنقاذ.
وكانت التظاهرة الحاشدة التي خرجت أمس الاثنين هي الأولى التي ترد تقارير عنها في المدينة منذ تعرضها لأسوأ كارثة طبيعية في تاريخ ليبيا قبل أسبوع. وأُغلقت خطوط الاتصالات بالمدينة صباح اليوم الثلثاء، والتي كانت تعمل على الرغم من الفيضانات.
وتأكد مقتل آلاف الأشخاص ولا يزال آلاف آخرون في عداد المفقودين جراء الفيضانات التي وقعت يوم 10 سبتمبر أيلول عندما انهار سدان وسط عاصفة، مما أدى إلى تدفق سيل من المياه دمر وسط مدينة درنة.
واحتشد المتظاهرون أمس في الساحة المقابلة لمسجد الصحابة الذي يتميز بقبة ذهبية تعد أحد معالم درنة ورددوا شعارات. ولوح البعض بالأعلام من فوق سطح المسجد. وفي وقت لاحق من المساء، أحرقوا منزل عميد البلدية عبد المنعم الغيثي، حسبما قال مدير مكتبه لرويترز.
وقالت الحكومة التي تدير شرق ليبيا إنه تم إيقاف الغيثي عن العمل وإقالة جميع أعضاء المجلس البلدي لدرنة وإحالتهم إلى التحقيق.
وبعد مرور أسبوع على الكارثة، لا تزال مساحات واسعة من مدينة درنة يسودها خراب موحل تجوبه الكلاب الضالة. وما زالت الأسر تبحث عن جثث المفقودين تحت الركام.
ويقول السكان الغاضبون إنه كان من الممكن منع وقوع الكارثة. ويعترف المسؤولون بوجود تعاقد لإصلاح السدود بعد عام 2007 لكنه لم يكتمل قط، وعزوا ذلك إلى انعدام الأمن في المنطقة.
وأصبحت ليبيا دولة فاشلة على مدى أكثر من عقد مع عدم وجود حكومة تمارس صلاحياتها على مستوى البلاد منذ الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011.
قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) التي تسيطر على الشرق فرضت هيمنتها على درنة منذ عام 2019. وقبل ذلك ولسنوات عدة، سيطرت على المنطقة جماعات متشددة منها أفرع محلية لتنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة.
ووجه المتظاهرون انتقادات لرئيس البرلمان المتمركز في الشرق عقيلة صالح، والذي وصف السيول بأنها كارثة طبيعية لم يكن من الممكن تجنبها.
وردد المحتجون هتافات تطالب بإسقاط صالح.
وطالب منصور، وهو طالب مشارك في الاحتجاج بإجراء تحقيق عاجل في انهيار السدين وهو ما تسبب في "جعلنا نفقد الآلاف من شعبنا العزيز".
وقال طه مفتاح (39 عاما) إن الاحتجاج يحمل رسالة مفادها أن "الحكومات فشلت في إدارة الأزمة"، مضيفا أن البرلمان هو المسؤول على وجه الخصوص.
ولم يتم بعد تحديد العدد النهائي للقتلى إذ لا يزال الآلاف في عداد المفقودين. ويعلن المسؤولون أعدادا متفاوتة للقتلى بشكل كبير، فيما أكدت منظمة الصحة العالمية وفاة 3922 شخصا.