في تقرير يتناول عملية "طوفان الأقصى" والتطوّرات العسكرية بين إسرائيل وحركة "حماس"، أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأنّ مسؤولين أمنيين إيرانيين ساعدوا في التخطيط لهجوم "حماس" المفاجئ على إسرائيل، وأعطوا "الضوء الأخضر" للهجوم في اجتماع في بيروت عُقِد يوم الإثنين الماضي.
وأكدت الصحيفة، وفقاً لأعضاء كبار في حركة "حماس " و"حزب الله"، أنّ "ضبّاطاً من الحرس الثوري الإيراني تعاونوا مع "حماس" منذ آب الماضي في التخطيط لعملية التوغّل في داخل الحدود الإسرائيلية برّاً وبحراً وجواً، في الهجوم الذي يُعدّ أكبر خرق لحدود إسرائيل منذ حرب أكتوبر 1973.
وأضاف الضبّاط أنّه تمّ تنقيح تفاصيل العملية خلال اجتماعات عدّة في بيروت حضرها ضباط في الحرس الثوري الإيراني وممثّلون عن أربع جماعات مسلّحة مدعومة من إيران، بما في ذلك "حماس" بالإضافة إلى "حزب الله".
موقف أميركي
في واشنطن، أكّد مسؤولون أميركيون أنّ "ما من أدلّة دامغة" على توّرط طهران في الهجوم.
ففي مقابلة مع شبكة "سي أن أن" بُثَّت الأحد، قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن: "لم نرَ بعد دليلاً على أن إيران وجّهت أو كانت وراء هذا الهجوم بالذات، ولكن هناك بالتأكيد علاقة طويلة تربطها بحماس".
وقال مسؤول أميركي آخر إنّه "ليس لدينا أيّ معلومات في هذا الوقت لتأكيد هذه الرواية".
وبحسب الصيحفة، قدَّم مسؤول أوروبي ومستشار للحكومة السورية الرواية ذاتها التي أوردها هؤلاء الضبّاط في "حماس" و"حزب الله"، وتؤكد علاقة إيران في الفترة التي سبقت الهجوم.
وردّاً على سؤال حول صحّة الاجتماعات، قال محمود مرداوي، وهو مسؤول كبير في "حماس"، إنّ الحركة خطَّطت للهجمات من تلقاء نفسها، وقال: "هذا قرار فلسطيني وقرار حماس".
واتّهمت إسرائيل إيران بأنها تقف وراء الهجمات، وإن كان ذلك بشكل غير مباشر، إذ قال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، يوم الأحد "نحن نعلم أنه كانت هناك اجتماعات في سوريا ولبنان مع قادة آخرين من الجيوش الإرهابية التي تحيط بإسرائيل، لذا من الواضح أنه من السهل فهم أنهم حاولوا التنسيق. وكلاء إيران في منطقتنا حاولوا التنسيق قدر الإمكان مع إيران".
وأمس الأحد، تحدّث الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مع الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي" زياد النخالة، والأمين العام لحركة "حماس" إسماعيل هنية.
تهديد متعدّد الجبهات لخنق إسرائيل
تشير صحيفة "وول ستريت جورنال"، في تقريرها، إلى أنّ خطة الحرس الثوري الإيراني الأوسع نطاقاً تتمثّل بخلق تهديد متعدد الجبهات يمكن أن يخنق إسرائيل من جميع الأطراف – "حزب الله" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" في الشمال، وحركة "الجهاد الإسلامي"، و"حماس" في غزة والضفة الغربية، وفقاً لما أفاد أعضاء بارزون في "حماس" و"حزب الله" ومسؤول إيراني.
ولفتت "وول ستريت جورنال" إلى أنّ من شأن انخراط إيران في دور مباشر في هجوم "حماس" خروجَ صراع طهران الطويل الأمد مع إسرائيل من الظلّ، ممّا يزيد من خطر نشوب صراع أوسع في الشرق الأوسط، إذ تعهّد مسؤولون أمنيون إسرائيليون كبار بتوجيه ضربة إلى القيادة الإيرانية إن ثبتت مسؤولية طهران عن قتل إسرائيليين.
وقال أعضاء بارزون في "حماس" و"حزب الله" إنّ إيران تضع جانباً صراعات إقليمية أخرى، مثل نزاعها المفتوح مع المملكة العربية السعودية في اليمن، لتكريس الموارد الخارجية للحرس الثوري الإيراني نحو تنسيق وتمويل وتسليح الفصائل المسلّحة المعادية لإسرائيل، بمن في ذلك "حماس" و"حزب الله".
قاآني ووكلاء إيران
تقول الصحيفة إنّ قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني يقود الجهود الرامية إلى توحيد وكلاء إيران في الخارج للعمل تحت قيادة موحّدة.
فقد أطلق قاآني حملة للتنسيق بين العديد من الفصائل المسلّحة المحيطة بإسرائيل في نيسان، خلال اجتماع في لبنان، وفق ما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، إذ بدأت "حماس"، وللمرة الأولى، بالعمل بشكل أوثق مع جماعات أخرى مثل "حزب الله".
في ذلك الوقت، شنَّت الفصائل الفلسطينية عدداً من الهجمات المحدودة على إسرائيل من لبنان وغزّة، وبتوجيه من إيران، ووصفها المسؤول الإيراني بأنّها "حقّقت نجاحاً مذهلاً".
وقال أعضاء "حماس" إنّ ممثلين عن هذه الجماعات اجتمعوا مع قادة "فيلق القدس" مرّتَين في لبنان على الأقل منذ آب لمناقشة شنّ الهجوم على إسرائيل وما سيحدث بعد ذلك.
وأضافوا أنّ قاآني حضر بعض تلك الاجتماعات إلى جانب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، والأمين العام لـ"الجهاد الإسلامي" زياد النخالة، والقائد العسكري في "حماس" صالح العاروري.
وتابعوا أنّ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان حضر اجتماعَين على الأقل أيضاً.
وتضيف الصحيفة أنّ دعم إيران لمجموعة منسّقة من الجماعات المسلّحة يُنذر بـ"السوء" بالنسبة لإسرائيل.
وحذّر مسؤول إيراني من أن إيران ستردّ بضربات صاروخية على إسرائيل من لبنان واليمن وإيران إن تعرضّت للعدوان، وسترسل مقاتلين إيرانيين إلى إسرائيل من سوريا لمهاجمة مدن في شمال وشرق إسرائيل.
إيران تنفي ضلوعها في عملية "طوفان الأقصى"
أكدت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، أمس الأحد، أنّ طهران ليست ضالعة في عملية "طوفان الأقصى"، التي بدأتها حركة "حماس" صباح السبت، وخلّفت إلى الآن أكبر حصيلة دموية لدى إسرائيل.
وأضافت البعثة، في بيان، أنّ "الإجراءات الحازمة التي اتخذتها فلسطين تُشكّل دفاعاً مشروعاً تماماً في مواجهة سبعة عقود من الاحتلال القمعي والجرائم البشعة التي ارتكبها النظام الصهيوني غير الشرعي".
ولم تُخفِ إيران دعمها وتمويلها وتسليحها لـ"حماس" وحركة "الجهاد الإسلامي". وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة: "ندعم فلسطين على نحو لا يتزعزع، لكنّنا لا نشارك في الرد الفلسطيني، لأنّ فلسطين فقط هي التي تتولّى ذلك بنفسها".
وأشارت بعثة إيران إلى أنّ "نجاح" عملية "حماس" كان بسبب المباغتة وهو ما يمثل "أكبر فشل" للأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
وقالت البعثة: "إنّهم (الإسرائيليون) يحاولون تبرير فشلهم ونسبه إلى القوة الاستخباراتية الإيرانية والتخطيط العملياتي". وأضافت: "إنهم يجدون صعوبة بالغة في قبول ما يتردّد في أجهزة المخابرات عن هزيمتهم على يد مجموعة فلسطينية".