أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلثاء، سيطرته على تخوم غزة مع مواصلة قصف القطاع الخاضع لحصار مطبق، فيما تجاوز عدد القتلى الثلاثة آلاف في الجانبين وبينهم جنود ومقاتلون من "حماس"، في اليوم الرابع منذ أن شنت الحركة هجومها المباغت.
وقال المتحدث العسكري ريتشارد هيخت للصحافيين "عثر على قرابة 1500 جثة لمقاتلي حماس في إسرائيل وحول قطاع غزة"، مضيفًا أن قوات الأمن "استعادت السيطرة نوعا ما على الحدود" مع غزة.
أضاف "نعلم أنه منذ الليلة الماضية لم يدخل أحد... لكن مع ذلك يمكن أن تحصل عمليات تسلل".
وأكّد أن الجيش "استكمل تقريبًا" إجلاء جميع التجمعات السكانية الحدودية، ونشر 35 كتيبة في المنطقة. وتابع "نقوم ببناء بنى تحتية لعمليات لاحقة".
من جانبها، قالت منظمة "زاكا" الإسرائيلية إن طواقمها عثرت على "100 جثة" في تجمع بئيري السكاني قرب الحدود مع قطاع غزة. وقال المتطوع والمتحدث باسم المنظمة موتي بوكجين "لقد أطلقوا النار على الجميع".
شنت حركة حماس صباح السبت عملية مباغتة ضد إسرائيل عبر السياج الحدودي ما أدى إلى مقتل 900 شخص داخل إسرائيل. وردت إسرائيل بقصف جوي ومدفعي على قطاع غزة أودى حتى الآن بحياة 630 شخصا في القطاع، فيما قتل 19 شخصًا في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية المحتلة في مواجهات مع الجيش.
وبين الضحايا أربعة صحافيين فلسطينيين قتلوا الثلثاء في غارات جوية إسرائيلية استهدفت مباني سكنية في القطاع وفق ما أعلنت مصادر إعلامية حكومية ومهنية. وارتفع بذلك إلى سبعة عدد الصحافيين القتلى جراء القصف الإسرائيلي منذ السبت.
وقبيل فجر الثلثاء قصف الجيش الإسرائيلي ما قال إنها أهداف لحماس في غزة وخصوصا في حي الرمال وفي مدينة خان يونس جنوب القطاع. وأضاءت كرات نارية بشكل متكرر مدينة غزة فجر الثلثاء مع دوي انفجارات وإطلاق صفارات الإنذار.
كما تعرض معبر رفح الحدودي، وهو الممر الوحيد لقطاع غزة الى العالم الخارجي غير الواقع تحت السيطرة الإسرائيلية، لغارة جوية الثلثاء هي الثالثة في أقل من 24 ساعة، بحسب ما أفاد مصور لوكالة فرانس برس ومنظمة غير حكومية.
ودمر القصف الممر التجاري وعلق المسافرون داخل المعبر الذي توقف عن العمل.
والاثنين، فرضت إسرائيل "حصارا مطبقا" على قطاع غزة وقطعت الكهرباء والوقود والماء.
- "غير مسبوق" -
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي متوجّهًا إلى مسؤولين في جنوب إسرائيل إن ما ستواجهه حماس "سيكون صعبا ورهيبًا، سنغير الشرق الأوسط".
وأكدت الدولة العبرية استدعاء 300 ألف جندي احتياط للمشاركة في عملية "سيوف من حديد". وحشدت عشرات آلاف الجنود في محيط قطاع غزة الذي يعيش فيه 2,4 مليونا شخص وتسيطر عليه حركة حماس منذ العام 2007.
وأقرّ نتنياهو بأن ما جرى "غير مسبوق في إسرائيل".
وفي مداخلة متلفزة دعا نتنياهو مساء الاثنين المعارضة الى تشكيل "حكومة وحدة وطنية في شكل فوري ومن دون شروط مسبقة".
أما حماس، فهددت بأن "كل استهداف لشعبنا بدون سابق إنذار سنقابله بإعدام رهينة من المدنيين" الذين تحتجزهم مع عسكريين ولا يعرف عددهم.
وأعلن أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس "العدو لا يفهم لغة الإنسانية والأخلاق وسنخاطبه باللغة التي يعرفها".
وقال البيت الأبيض إنه ينبغي أن يؤخذ تهديد حماس "على محمل الجد". وعرضت اللجنة الدولية للصليب الأحمر المساعدة لإجلاء مصير المفقودين.
- "أشد سوادا" -
وفي مستشفى الشفاء في مدينة غزة الذي اكتظ بالجرحى جراء القصف الإسرائيلي، شكا الأطباء والممرضين من نقص القدرات فيما حذرت وزارة الصحة من "وضع كارثي".
ويوضح طبيب الطوارىء في المستشفى محمد غنيم لفرانس برس "تعاملنا مع عدد كبير من الإصابات، معظمهم نساء وأطفال، يصلون في وقت واحد...".
وشهد حي الرمال في مدينة غزة قصفا إسرائيليا مكثفا، دفع بالسبعيني محمد نجيب إلى مغادرة منزله. وقال نجيب "عدت صباح اليوم فكانت المشاهد مرعبة، كل المنطقة مدمرة، أصيب المنزل بأضرار كبيرة وعدد من البيوت مدمرة كليا بينهم منزل جاري المكون من سبعة طوابق".
أما الشابة سحر (22 عاما) فقالت "كانت أشد ليالي حياتي سوادا، القصف لم يتوقف ولا نعلم متى سيتوقف، دمروا كل شيء في حي الرمال".
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن قلقه بعد إعلان الحصار الكامل، لا سيما بسبب تردي الوضع الإنساني أصلا في القطاع الفقير.
وأكّدت الأمم المتحدة الثلثاء أن القانون الدولي الإنساني يحظر فرض مثل هذا الحصار. وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، إنه يجب احترام كرامة الناس وحياتهم، داعياً جميع الأطراف إلى نزع فتيل التصعيد، وشبه الوضع بأنه "برميل بارود متفجّر".
بدورها، دعت منظمة الصحة العالمية إلى فتح ممرّ إنساني إلى القطاع. قال الناطق باسمها طارق ياساريفيتش "نحن بحاجة إلى هذه الشحنات. لا يمكن للمستشفيات أن تعمل دون وقود أو كهرباء. فالإمدادات التي خزنّاها مسبقًا أصبحت عند مستوى منخفض، لذلك نحتاج إلى إيصال هذه الإمدادات".
- إيران تنفي -
الثلثاء نفت إيران ضلوع طهران في عملية حماس. وقال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي "إن أنصار النظام الصهيوني وآخرين نشروا إشاعات في اليومين أو الثلاثة أيام الماضية بما في ذلك أن إيران الإسلامية تقف وراء هذه العملية. إنهم على خطأ".
وأعلن الرئيس إبراهيم رئيسي في وقت سابق دعم بلاده للفلسطينيين وحقهم في الدفاع عن أنفسهم.
أما قيادة حماس فقالت إن عملية "طوفان الأقصى" في بداياتها وأنها "معركة مفصلية". وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران "لا مكان حاليا للتفاوض على قضية الأسرى أو غيرها... مهمتنا الآن بذل الجهود لمنع الاحتلال من مواصلة ارتكاب المجازر ضد أهلنا في غزة والتي تستهدف البيوت المدنية بشكل مباشر".
ووجهت حماس المزيد من الصواريخ نحو تل أبيب والقدس حيث أطلقت أنظمة الدفاع الصاروخي ودوت صفارات الإنذار.
وعلى الجبهات الأخرى، شدد نتنياهو على تعزيز الجبهة الشمالية في مواجهة حزب الله اللبناني وتكثيف الانتشار في الضفة الغربية المحتلة.
وتجدد القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان مع إطلاق دفعة جديدة من الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل الثلثاء، لليوم الثالث على التوالي، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية للإعلام، تلاها قصف من الجانب الإسرائيلي، وفق ما ما أفاد مصدر عسكري وكالة فرانس برس.
وقال المصدر العسكري إن "ثلاث رشقات من الصواريخ أُطلقت من منطقة القليلة، ردّ عليها العدو بالقصف" على بلدات حدودية. وأكد الجيش الإسرائيلي أنه قصف جنوب لبنان.
وقال الجيش الإسرائيلي الإثنين إنه قتل مسلحين تسللوا من لبنان. وبعد ساعات، أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، "مسؤوليتها عن العملية" التي قالت إنها نفذتها ضمن "معركة طوفان الأقصى".
وقصف حزب الله ثكنتين إسرائيليتين قرب الحدود مع لبنان الإثنين ردّاً على مقتل ثلاثة من عناصره بقصف إسرائيلي.
وفي رام الله قال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ إن "القيادة الفلسطينية "تجري اتصالات مكثفة مع كل زعماء العالم لوقف هذه الحرب المدمرة فورا" وإنها "طالبت بإدخال المواد الغذائية والطبية العاجلة إلى قطاع غزة".
ومع دخول التصعيد الثلثاء يومه الرابع، تعهّد قادة الولايات المتّحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا في بيان مشترك "دعم جهود إسرائيل للدفاع عن نفسها".
علما أن من بين القتلى 11 أميركيا وأربعة فرنسيين.
أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقال إن التصعيد بين الجانبين أظهر "فشل" سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط معتبرا أن إقامة دولة فلسطينية "أمر ضروري".
ودعا الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي الثلثاء أيضا إلى تقديم "دعم مالي مستدام" للفلسطينيين، بعد إثارة مخاوف من احتمال وقف المساعدات إثر الهجوم الذي أطلقته حماس ضد إسرائيل صباح السبت.