صحيح أنّ المفاوضات غير المباشرة بين الأميركيين والإيرانيين بشأن إحياء الاتفاق النووي متوقفة، لكنّ أنظار الإسرائيليين لا تزال شاخصة إلى فيينا لمعرفة الوجهة النهائية للجهود الديبلوماسية الدولية. وعلى ما يبدو، إن محاولة إحياء الاتفاق وانعكاساتها على البرنامج النووي الإيراني تثير خلافات عميقة بين كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين.
في هذا السياق، يذكر بن كاسبيت في موقع "ألمونيتور" أنّ الإسرائيليين منقسمون إلى معسكرين في هذا الشأن. الأول يرى أن الاتفاق النووي هو أفضل خيار لإسرائيل، أقله بين الخيارات السيئة الأخرى، والثاني يصف الاتفاق الذي يتفاوض عليه الديبلوماسيون في فيينا بالكارثة.
العميد درور شالوم الذي شغل منصب رئيس قسم الأبحاث والتحليل في شعبة الاستخبارات العسكرية أخبر محاوريه الأميركيين هذا الأسبوع أن القرار الأميركي بالانسحاب من الاتفاق مع إيران في 2018 كان خطأ استراتيجياً متهوراً. يرأس شالوم المكتب السياسي-العسكري في وزارة الدفاع وهو منصب حساس ذو نفوذ كبير وقد عيّنه فيه وزير الدفاع بني غانتز في وقت سابق من هذه السنة.
قاد شالوم مكتب الأبحاث في شعبة الاستخبارات من 2016 وحتى 2020 حين كان نتنياهو والسفير الإسرائيلي في واشنطن رون ديرمر يبذلان جهداً كبيراً لإقناع الرئيس السابق دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق. حذر شالوم صناع القرار الإسرائيليين بمن فيهم نتنياهو من خطورة هذه الخطوة ووافق العديد من كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين على رأيه.
رأى كاسبيت أنّ تقييماتهم ثبتت فلم يسقط النظام ولا أجبرت العقوبات الاقتصادية إيران على التخلي عن برنامجها النووي، وربما على الرغم من آمال نتنياهو وحلفائه، لم يأمر ترامب بشنّ ضربة ضد المنشآت النووية الإيرانية.
أشار شالوم وآخرون إلى أن إيران باتت اليوم أقرب بكثير من العتبة النووية مما كانت عليه حين كانت ملتزمة باتفاق 2015 وإلى عدم وجود قوة عالمية قادرة على وقفها أو على تحمل كلفة المحاولة.
وخلال هذا الأسبوع، قال الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية اللواء تامير هيمان في مقابلة مع "إسرائيل اليوم" إنّ عودة إلى الاتفاق مع إيران هو أقل الخيارات سوءاً لإسرائيل. خلَفُه اللواء أهارون هاليفا يوافقه الراي وفقاً للتقارير.
وبحسب كاسبيت، إن أبرز صوت معارض لهذا التوجه في المعسكر الآخر هو مدير "الموساد" ديفيد بارنيع الذي شغل منصبه منذ سنة خلفاً ليوسي كوهين. بحسب المزاعم، يعتقد بارنيع أن الاتفاق النووي كارثي ويرفع جميع القيود عن برنامج إيران النووي خلال بضع سنوات. يناصر بارنيع فكرة وجوب أن تبذل إسرائيل كل ما بوسعها للعودة الى الاتفاق، وأن الستاتيكو الحالي يشكل أفضل بديل مما يسمح لتل أبيب بمواصلة العمل ضد التطور الإيراني بينما تظل العقوبات الدولية في مكانها.
يبدو أن وجهة نظر رئيس الوزراء نفتالي بينيت قريبة من وجهة نظر بارنيع، بينما يميل غانتز إلى وجهة النظر المناقضة. أما رئيس الوزراء المقبل ووزير الخارجية الحالي يائير لبيد فهو أقرب إلى الوسط، فيما رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي اللفتنانت-جنرال أفيف كوخافي أقرب إلى رؤية رئيس الموساد.
وذكر الكاتب أن صناع القرار الإسرائيليين استطاعوا التقليل من أهمية الخلاف وقدموا جبهة شبه موحدة أمام الخارج.
ويحيط الجدل بالبناء العسكري الإسرائيلي لدعم الخيار العسكري ضد إيران. يعتقد كثر أن إسرائيل تأخرت كثيراً لوقف مشروع إيران النووي لكن كوخافي يقول إن لديه الوسائل لإنزال ضرر كبير بالبنية التحتية النووية وإن هذه الموارد ستصبح أكثر فاعلية بمرور الوقت.
لكن مصدراً أمنياً إسرائيلياً بارزاً قال لـ"المونيتور" مشترطاً عدم الكشف عن هويته إن إيران هي "بوضوح داخل منطقة الحصانة" مشيراً إلى قدرة الإيرانيين على صد هجوم خارجي. مع ذلك، دعا المصدر إلى "التفكير خارج الصندوق، واستحداث قدرات جديدة، وخلق نماذج مختلفة، و(التمتع بـ) القدرة على الدفاع عن إسرائيل. نحن نسير في الاتجاه الصحيح ولا أشك في أننا سنحقق هدفنا".