يحلّ اليوم السابع لـ"طوفان الأقصى" وعيون العالم شاخصة نحو المسجد الأقصى وحدود الدول المجاورة لفلسطين، وسط دعوات لإحياء "جمعة النفير العام" داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها.
يأتي ذلك في وقت استفاق أهالي قطاع غزّة على إعلان الأمم المتّحدة أنّ الجيش الإسرائيلي أبلغها بوجوب أن ينتقل جميع سكّان شمال قطاع غزة، البالغ عددهم 1,1 مليون نسمة، إلى جنوب القطاع خلال 24 ساعة، مشيرة إلى أنّها طلبت منه "إلغاء" هذا الأمر.
أعلنت منظّمة الصحة العالمية اليوم الجمعة أنّ السلطات ال#فلسطينيّة أبلغتها بأنّه "من المستحيل إجلاء المرضى الضعفاء من مستشفيات شمال قطاع غزة"، وذلك بعدما أمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء المنطقة.
وأوضح المتحدث باسم المنظمة طارق ياساريفيتش خلال مؤتمر صحافي للأمم المتحدة في جنيف أنه "في ظل الضربات الجوية الإسرائيلية الجارية، لم يعد هناك أي مكان آمن يمكن للمدنيين الذهاب إليه" مضيفاً أنّ "وزارة الصحة الفلسطينية أبلغت منظّمة الصحة بأنّه من المستحيل إجلاء المرضى الضعفاء من مستشفيات شمال قطاع غزة".
وقال المتحدّث باسم الأمين العام للأمم المتّحدة ستيفان دوجاريك إنّه "اليوم (12 تشرين الأول) قبيل منتصف الليل بالتوقيت المحلّي"، تبلّغ مسؤولو الأمم المتّحدة في غزّة من قبل ضباط الارتباط العسكري في الجيش الإسرائيلي بأنّه يجب أن يتمّ نقل جميع سكّان شمال وادي غزة إلى الجنوب في غضون 24 ساعة"، مشيراً إلى أنّ المنظمة الدولية طلبت من الدولة العبرية "إلغاء" هذا القرار لأنّ عدد المشمولين به يبلغ 1,1 مليون نسمة، وبالتالي فإنّ عملية إجلاء بهذا الحجم "مستحيلة من دون أن تتسبّب في عواقب إنسانية مدمّرة".
كما طلب الجيش الإسرائيلي من سكان مدينة غزّة، صباح اليوم، إخلاء منازلهم والتوجّه جنوباً، قائلاً إنّه "سيواصل العمليات بشكل كبير" في المدينة التي وصفها بأنّها "منطقة تجري فيها عمليات عسكرية".
وحذّر الجيش أيضاً سكان غزة من الاقتراب من منطقة قريبة من السياج مع إسرائيل. وقال إنّ السكان لن يتمكّنوا من العودة إلا بعد الإعلان عن السماح بذلك.
وعقب التحذير الإسرائيلي، أعلنت وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أنّها نقلت مركز عملياتها المركزي وموظفيها الدوليين إلى جنوب غزّة لمواصلة عملياتها الإنسانية ودعم موظفيها واللاجئين الفلسطينيين.
وأضافت الوكالة على منصة "إكس": "نحضّ السلطات الإسرائيلية على حماية جميع المدنيين في ملاجئ الأونروا بما في ذلك المدارس".
"نفير الجمعة في قطر"
وأمام هذا الواقع، لا يزال أكثر من 423 ألف شخص في عداد النازحين في القطاع، وفق حصيلة للأمم المتحدة.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوشا"، في بيان، إنّ عدد النازحين في القطاع المكتظ بـ2,3 مليون نسمة ارتفع بحلول مساء الخميس "بمقدار 84.444 شخصاً إضافياً ليصل إلى 423.378 نازحاً".
وأتى هذا الإعلان في وقت تواصل فيه إسرائيل دكّ قطاع غزة بالقنابل والصواريخ والقذائف ردّاً على هجوم حركة "حماس" صباح السبت وهو الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل منذ عام 1948.
وقال أوشا في بيانه إنّ "القصف الإسرائيلي العنيف، من الجوّ والبحر والبرّ، استمرّ بدون انقطاع تقريباً"، مضيفاً: "تمّ استهداف وتدمير العديد من المباني السكنية في مناطق مكتظة بالسكّان خلال الساعات الـ24 الماضية".
وبحسب البيان، فإنّ أكثر من 270 ألف شخص، أي ثلثا النازحين، لجأوا إلى مدارس تديرها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في القطاع، في حين لجأ ما يقرب من 27 ألف شخص إلى مدارس تديرها السلطة الفلسطينية.
"نفير الجمعة في جنين"
أما العدد المتبقّي من النازحين والذي يزيد عن 153 ألف شخص فقد وجدوا ملاذاً لدى أقارب وجيران لهم وداخل كنيسة وغيرها من المرافق في مدينة غزة.
وقال أوشا إنّه قبل هجوم حماس على إسرائيل صباح السبت كان هناك أساساً حوالي 3000 نازح داخل القطاع.
ونقل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية عن وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة قولها إنّ القصف العنيف الذي تشنّه إسرائيل على القطاع تسبّب بتدمير 752 مبنى بين سكني وغير سكني تضمّ 2835 وحدة.
وأضاف أنّ 1800 وحدة سكنية أخرى أصيبت بأضرار لا يمكن إصلاحها وأصبحت غير صالحة للسكن.
كما أعربت الوكالة الأممية عن قلقها إزاء الدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية المدنية في القطاع من جراء القصف الإسرائيلي.
وبحسب البيان، فقد أصاب القصف ما لا يقلّ عن 90 منشأة تعليمية، هي 20 مدرسة تابعة لـ"الأونروا" و70 مدرسة تُديرها السلطة الفلسطينية، ممّا أدّى لتضرّرها جزئياً، في حين دُمّرت إحدى المدارس بالكامل.
وقال أوشا: "تمّ استهداف وتدمير 11 مسجداً، في حين تعرّضت سبع كنائس ومساجد لأضرار". وأضاف أنّ القصف طال أيضاً العديد من مرافق المياه والصرف الصحّي، مشيراً إلى أنّه منذ بدأت الغارات الجوية على القطاع تضرّرت ستّة آبار مياه وثلاث محطّات ضخّ وخزان ومحطة تحلية تخدم أكثر من مليون ومئة ألف نسمة.
"جمعة نفير الأقصى"
دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الفلسطينيين إلى النفير العام اليوم الجمعة، احتجاجاً على القصف الإسرائيلي للقطاع وحضّتهم على التوجه إلى المسجد الأقصى ومواجهة القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
وفي بيان يدعو إلى "النفير العام"، حضّت حماس الفلسطينيين على "شد الرحال والرباط في المسجد الأقصى والاعتكاف فيه طيلة يوم الجمعة".
كما دعى "حزب الله" مناصيره في لبنان إلى تجمّعات عقب صلاة الجمعة في مناطق عديدة منها الضاحية الجنوبية، في وقت لا يزال جنوب لبنان يشهد توتّراً على الحدود.
نداء إنساني
إلى ذلك، أطلقت الأمم المتّحدة نداء عاجلاً لجمع تبرّعات بقيمة 294 مليون دولار من أجل مساعدة السكّان في كلّ من قطاع غزة والضفة الغربية المحتلّة.
وقال مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوشا" ن إنّ هذا المبلغ يهدف لمساعدة أكثر من 1,2 مليون شخص في غزة والضفة الغربية، محذّراً من أنّ المنظمات الإنسانية لم تعد لديها الموارد اللازمة "للاستجابة بشكل مناسب لاحتياجات الفلسطينيين الضعفاء".
وشدّد أوشا على أنّه "لضمان قدرة الشركاء على الاستجابة (للاحتياجات)، من المهمّ أن يتمّ تلقي أموال في الوقت المحدّد عبر هذا النداء"، مشيراً إلى أنّ تمويل المساعدات لقطاع غزة والضفة الغربية في 2023 كان بمثابة "تحدٍّ".
ووضعت الأمم المتّحدة خطة إنسانية للأراضي الفلسطينية للعام 2023 بقيمة 502 مليون دولار لمساعدة 2.1 مليون نسمة، لكنّها لم تؤمّن حتى اليوم سوى أقل من 50 في المئة من هذا المبلغ، في حين أن ما يقرب من 60 في المئة من الأسر في غزة كانت تعاني من انعدام الأمن الغذائي حتى قبل بدء هذه الجولة الجديدة من القتال.
وأوضح أوشا أنّ "محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة نفد وقودها وتوقفت عن العمل ممّا أدّى إلى قطع مصدر الكهرباء الوحيد في القطاع".
وأضاف أنّ "غالبية سكّان قطاع غزة لم يعد بإمكانهم الوصول إلى مياه الشرب".
وطال القصف الجوي الإسرائيلي على قطاع غزة خزّاناً للمياه ومحطة لتحلية المياه، وفقاً للبيان الذي قال إنّ "اليونيسف أشارت إلى أنّ البعض بدأوا بشرب مياه البحر، وهي شديدة الملوحة وملوّثة بـ120 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحّي غير المعالجة يومياً".
وحذّر البيان من أنّ "المرافق الصحّية مكتظة، والمخزونات الطبية منخفضة، وإمكانية الوصول إلى المستشفيات والرعاية الطبية تعيقها الأعمال العدائية والطرق المتضرّرة".
إصابة شاب برصاص مستوطنين أطلقوا النار على مصلين لحظة خروجهم من مسجد ببلدة يطا جنوب الخليل
وأبدت الأمم المتحدة قلقها بشكل خاص على 50 ألف امرأة حامل في قطاع غزة لا يحصلن على الرعاية الصحّيةاللازمة، وبينهن حوالي 5,500 امرأة من المفترض أن يلدن خلال الشهر المقبل.
حركة ديبلوماسية
وفي غضون الوضع الإنساني الكارثي الذي يسيطر على غزّة، يشهد الشرق الأوسط حركة ديبلوماسية لافتة، أميركية وإيرانية، حيث يقوم وزير الخارجية الإيراني بجولة تشمل لبنان وسوريا بعد العراق، فيما ينتقل وزير الخارجية الأميركي إلى قطر والأردن بعد لقائه مسؤولين إسرائيليين أمس في تل أبيب.
فقد وصل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، مساء أمس الخميس إلى لبنان، معلناً، من مطار بيروت، أنّ "استمرار جرائم الحرب ضدّ فلسطين وغزة سيلقى ردّاً من قبل باقي المحاور، وبطبيعة الحال فإنّ الكيان الصهيوني وداعميه سيكونون مسؤولين عن عواقب ذلك".
وفي وقت سابق، قال عبداللهيان خلال لقاء مع رئيس الوزراء العراقي محمّد شياع السوداني في بغداد إنّ "مسؤولين في بعض الدول يسألوننا عن إمكانية فتح جبهة جديدة في المنطقة"، مؤكداً أنّ فتح "جبهة جديدة" ضدّ إسرائيل في الشرق الأوسط يعتمد على "تصرّفات" إسرائيل في قطاع غزة.
وأضاف: "قلنا لهم إنّ جوابنا الواضح في ما يتعلق بالاحتمالات المستقبلية هو أنّ كلّ شيء يعتمد على تصرفات الكيان الصهيوني في غزة".
وكان في استقبال عبداللهيان لدى وصوله إلى مطار بيروت ممثّلون عن كتلتَي "حزب الله" وحركة "أمل" وعن حركتَي "حماس" و"الجهاد الاسلامي".
وتخشى الولايات المتحدة أن تُفتح جبهة جديدة في شمال إسرائيل عند الحدود مع لبنان، في حال قرّر "حزب الله" التدخّل بشكل واسع في النزاع.
وصرّح الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء: "لقد وجّهت رسالة واضحة للإيرانيين مفادها: إحذروا".
وأجرى رئيسي مساء الأربعاء اتصالاً بكلّ من ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان والرئيس السوري بشار الأسد.
ويعقد أمير عبداللهيان اليوم سلسلة لقاءات في بيروت، يختتمها بمؤتمر صحافي في مقرّ السفارة الإيرانية، على أن ينتقل بعدها إلى سوريا.