التقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي يسعى إلى تكثيف الضغوط على حركة حماس، العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، فيما يُخشى من أزمة إنسانية كبيرة في قطاع غزة مع إعلان اسرائيل استعدادها لاجتياح القطاع المحاصر.
اجتمع بلينكن مع عبد الله الثاني وعباس في عمان في مستهل جولة تشمل خمس دول عربية أخرى هي قطر والبحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر.
ودعا الملك عبدالله الثاني، وهو أحد حلفاء واشنطن الأساسين في المنطقة، الى "فتح ممرات إنسانية عاجلة لإدخال المساعدات الطبية والإغاثية إلى قطاع غزة، وأهمية حماية المدنيين ووقف التصعيد والحرب على غزة"، على ما افاد بيان صادر عن الديوان الملكي.
والتقى بلينكن بنظيره الاردني أيمن الصفدي قبيل لقاء الملك، واكد الصفدي "ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية فوراً إلى غزة ووقف الكارثة الإنسانية المتفاقمة في القطاع".
كما أكد أن "حماية المدنيين من الجانبين وإدانة استهدافهم وقتلهم، مسؤولية قانونية وأخلاقية وإنسانية جماعية".
أكد بلينكن الخميس من تل أبيب وقوف بلاده الى جانب إسرائيل التي توعدّ رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو بـ"سحق" حركة حماس في أعقاب العملية غير المسبوقة التي شنتها السبت، قبل أن يدعو الجيش الجمعة سكان مدينة غزة الى إخلاء منازلهم والتوجه جنوبًا.
وقتل 1300 شخص في إسرائيل منذ هجوم حماس وتجاوز عدد الجرحى 3200 وبلغ عدد الذين تحتجزهم حماس نحو 1200 بحسب الجيش.
في قطاع غزة، قتل أكثر من 1500 شخص وجرح أكثر من 6600 جراء القصف الإسرائيلي المكثف ردا على الهجوم، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس التي أشارت إلى أن بين القتلى 500 طفل.
وقطعت إسرائيل إمدادات الغذاء والماء والكهرباء عن القطاع.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إن بلينكن تحدث مع الملك عبد الله حول "سبل تلبية الاحتياجات الإنسانية للمدنيين في غزة، بينما تقوم إسرائيل بعمليات أمنية مشروعة للدفاع عن نفسها".
ويعمل المسؤولون الأميركيون مع مصر على خطة لإنشاء ممر آمن إلى غزة.
لكن الأردن، الذي يستضيف مليوني لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الأمم المتحدة، حذر من التهجير. وحذر العاهل الاردني خلال لقائه مع بلينكن من "أية محاولة لتهجير الفلسطينيين من جميع الأراضي الفلسطينية أو التسبب في نزوحهم"، مشددا على "عدم ترحيل الأزمة إلى دول الجوار ومفاقمة قضية اللاجئين".
كما حذر من "انتهاج سياسة العقاب الجماعي تجاه سكان قطاع غزة"، مؤكدا "ضرورة حماية المدنيين الأبرياء من الجانبين، انسجاما مع القيم الإنسانية المشتركة والقانون الدولي والقانون الدولي الإنسان".
وأكدت واشنطن خلال الأيام الماضية مساندتها لإسرائيل وحقها في "الدفاع عن النفس"، معلنة توفير مساعدات عسكرية إضافية لها، وإرسال حاملة طائرات الى شرق المتوسط في مسعى لردع أطراف إقليمية عن الدخول على خط النزاع الراهن، في إشارة الى "محور المقاومة" بقيادة إيران، العدو الإقليمي اللدود للدولة العبرية.
وستكون قطر إحدى أبرز المحطات في جولة بلينكن، نظرا للعلاقة الوثيقة التي تربطها بحماس، ودور الدوحة تقليديا في جهود الوساطة وتأمين عمليات الإفراج عن الأسرى.
وقال بلينكن من تل أبيب الخميس "سنواصل الضغط على الدول للحؤول دون تمدد النزاع، واستخدام تأثيرها على حماس من أجل الإفراج بشكل فوري وغير مشروط عن الرهائن".
أتت عملية حماس في ظل مساعٍ أميركية لإنجاز اتفاق للتطبيع بين السعودية واسرائيل. وأكد الأطراف المعنيون في الأسابيع الماضية أنهم كانوا يقتربون أكثر فأكثر من إنجاز هذا التفاهم، بعد سلسلة تفاهمات بين إسرائيل ودول عربية في الأعوام الأخيرة.
وتلقى اتفاقات التطبيع معارضة شديدة من الفصائل الفلسطينية مثل حماس، إضافة الى كامل "محور المقاومة" الذي يضم إيران وحلفاءها في المنطقة. وينظر الفلسطينيون وطهران الى اتفاقات التطبيع على أنها "طعنة في الظهر".
الا أن التطورات الأخيرة قد تؤثر سلبا على زخم هذه المباحثات، اذ إن السعودية، مثلها مثل قطر، حمّلت الممارسات الإسرائيلية مسؤولية التصاعد الحاد في أعمال العنف.
- العمل مع عباس -
والرئيس الفلسطيني محمود عباس (88 عاما) ليس له تأثير على حماس التي تسيطر على القطاع منذ العام 2007 بعد اشتباكات انتهت بطرد حركة فتح من القطاع الذي يخضع لحصار إسرائيلي منذ 17 عاما.
ودخل بلينكن مقر إقامة عباس الخاص في عمان وصافحه وقوفا الى جانب لوحة تصور الزعيم الفلسطيني أمام المسجد الأقصى في القدس.
وسعت الولايات المتحدة خلال ولاية الرئيس الديموقراطي جو بايدن، الى دعم السلطة الفلسطينية نظرا لاعتبارها الخيار الأمثل لأي سلام محتمل بين إسرائيل والفلسطينيين، على رغم انهيار المفاوضات حول السلام منذ أعوام.
الا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي عاد الى الحكم العام الماضي على رأس ائتلاف هو الأكثر يمينية في تاريخ الدولة العبرية ويرفض حل الدولتين، عمل منذ أعوام على تهميش دور السلطة وعباس، معتبرا أن الأخير لم يلتزم بما يكفي في العمل على وقف أعمال العنف.
وكان عباس أكد الخميس خلال لقائه العاهل الأردني، رفضه "قتل المدنيين" في الجانبين. وقال "نرفض الممارسات التي تتعلق بقتل المدنيين أو التنكيل بهم من الجانبين لأنها تخالف الأخلاق والدين والقانون الدولي".
ودعا عباس إلى "الوقف الفوري للعدوان" في قطاع غزة، وفق ما جاء في بيان رسمي صادر عن مكتبه.
وتحدث بلينكن هاتفيا في وقت سابق الى عباس، وحضّه على إدانة العنف والحفاظ على الاستقرار في الضفة الغربية المحتلة.