أُزيلت كتل خرسانية أقامها المصريون بعد قصف إسرائيلي على حدودهم مع قطاع غزة المحاصر، وفق ما ذكر مصدر أمني مصري لوكالة "فرانس برس" اليوم، في ما قد يكون إشارة إلى مرور قريب للمساعدات الإنسانية.
وفي اليوم الـ14 من الحرب التي اندلعت بعد عملية "كوفان الأقصى" وأسفرت عن مقتل 1400 شخصاً إسرائيليّاً، تقول الأمم المتحدة إنّ سكان غزة البالغ عددهم نحو 2,4 مليون نسمة - نصفهم من الأطفال - أصبحوا على شفير "كارثة"، بعد تشديد إسرائيل حصارها وقطع إمدادات الماء والكهرباء والوقود والغذاء عبر المعابر التي تربطها بقطاع غزة، بينما يقترب الاحتياط الغذائي من النفاد.
من جهته، مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أنّ أول شحنة مساعدات يتوقّع أن تدخل غزة "في اليومين المقبلين"، في حين أفاد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأنّه "سيتم تحديد موعد دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر رفح".
وقال مكتب الأمم المتحدة: "نجري مفاوضات متقدّمة مع جميع الأطراف المعنية لضمان بدء إدخال المساعدات إلى غزة في أسرع وقت ممكن".
في السياق، أعلن مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين أنّ أي تصعيد في العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة سيكون "كارثيّاً" للاجئين.
وقال فيليبو غراندي لصحافيين في اليابان: "أستطيع أن أقول لكم بكلّ تأكيد أن أي تصعيد إضافي أو حتى استمرار للأنشطة العسكرية سيكون كارثيّاً على شعب غزة".
ونجح الأميركيون في إقناع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإعطاء الضوء الأخضر لإرسال مساعدات من مصر عبر رفح.
وتنقل طائرات من جميع أنحاء العالم مساعدات غذائية وطبية منذ أيام الى منطقة العريش المصرية، لكن لم يدخل أي من هذه الشحنات غزة حيث بلغ عدد القتلى بسبب القصف الإسرائيلي نحو 3800 قتيلٍ فلسطينيّ بينهم 1500 طفل على الأقل، وعدد الجرحى أكثر من 12 ألفاً، وفق السلطات المحلية.
وقال شهود لوكالة "فرانس برس" إنّ مصر تواصل إصلاح الطرق التي تعرّضت للقصف والمؤدية إلى المعبر، مشيرين إلى أن "آليات ومعدات مصرية دخلت الجمعة للقيام بذلك".
وقال مصدر أمني إنّ المصريين أزالوا ليلاً كتلاً خرسانية تم تركيبها على الحدود بالقرب من معبر رفح.
وأعلنت القاهرة الخميس أن ّ"معبر رفح سيفتح الجمعة"، من دون تفاصيل.
أحياء مدمّرة
دُمّرت أحياء بأكملها وتُركت من دون ماء أو طعام أو كهرباء، ونزح أكثر من مليون شخص منذ الحصار الذي فرضته إسرائيل في التاسع من تشرين الأول على قطاع غزة.
وكتب صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) على موقع "إكس": "نحن بحاجة إلى الوصول من دون عوائق وإلى تقديم مساعداتنا الحيوية بأمان. الوقت ينفد".
في القاهرة، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى "إيصال المساعدات الإنسانية بسرعة ومن دون عوائق"، مشدّداً على ضرورة "وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية".
وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي زار إسرائيل الأربعاء، أنّه حصل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على "السماح لما يصل إلى عشرين شاحنة بعبور الحدود"، وهو عدد غير كافٍ على الإطلاق وفق منظمة الصحة العالمية.
على معبر رفح، قام المصريون بإصلاح الأضرار الناجمة عن القصف الإسرائيلي تمهيداً لمرور شاحنات المساعدات، وفق ما ذكر شهود عيان الخميس. وتجمّع عشرات على أمل إعادة فتحه.
وقال محمد (40 عاماً) الذي يعمل في إحدى المؤسسات الإيطالية وينتظر مع عائلته منذ ثلاثة أيام إعادة فتح المعبر ليتمكنوا من الرحيل: "نحن جاهزون مع حقائبنا".
"قريباً غزة من الداخل"
في الموازاة، قال الجيش الإسرائيلي، الخميس، إنّه شن مئات الضربات الجوية خلال 24 ساعة، استهدفت بنى تحتية لحماس في غزة، في وقت لا يزال يستعدّ فيه لهجوم بري على شمال القطاع.
وفي تسجيل فيديو نشرته إذاعة الجيش الاسرائيلي على موقع "إكس"، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال تفقده للقوات المتمركزة بالقرب من غزة: "أنتم الآن ترون غزة من بعيد، وقريباً سترون غزة من الداخل".
وذكر صحافيون من وكالة "فرانس برس" أنّ صواريخ أطلقت من القطاع على اسرائيل.
من جهته، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إنّ الضربات الجوية الاسرائيلية أسفرت عن مقتل عشرين شخصاً أمام مخبز في مدينة غزة.
في الضفة الغربية، قُتل 79 شخصاً منذ بداية النزاع في اشتباكات مع القوات الإسرائيلية أو هجمات لمستوطنين، حسب المصدر نفسه.
"تداعيات"
أمّا على المستوى الديبلوماسي، فتعمل دول عدة على تجنب اشتعال المنطقة.
فقد أعرب رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الذي زار إسرائيل الخميس، عن دعمه للدولة العبرية لكنه دعا إلى تسريع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وتوجّه بعد ذلك إلى السعودية، حيث وصف ولي العهد محمد بن سلمان "استهداف المدنيين" في غزة بأنّه "جريمة شنيعة"، محذّراً من "تداعيات خطيرة" على أمن المنطقة وخارجها، على أن يتوجّه اليوم إلى مصر للقاء قادة المنطقة.
ودعا الرئيس المصري والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى "إنهاء فوري" للصراع واتهما إسرائيل بفرض "عقاب جماعي" على قطاع غزة يهدف إلى "تجويع" الفلسطينيين و"إجبارهم على النزوح".
كما بدأت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك جولة جديدة في الشرق الأوسط الخميس. ورحّبت بـ "الإشارات" التي تعطي الأمل بفتح "محدود على الأقل" لمعبر رفح، ودعت جميع المعنيين إلى "التغلب على العقبات الأخيرة" لتحقيق ذلك.
مع ذلك، ذكرت شبكة "سي أن أن" نقلاً عن مصدر لم تُحدّده أنّ فتح المعبر قد يتأخر.