النهار

مكتب "حماس" في قطر تحت الأضواء على وقع اشتداد الحرب في غزة
المصدر: أ ف ب
مكتب "حماس" في قطر تحت الأضواء على وقع اشتداد الحرب في غزة
أشخاص يلوحون بالعلم الفلسطيني خلال احتجاجات خارج مسجد الإمام محمد عبد الوهاب في الدوحة، بعد صلاة الجمعة، دعما للشعب الفلسطيني (20 ت1 2023، أ ف ب).
A+   A-
وضع النزاع المتصاعد في غزّة مسألة استضافة قطر مكتبًا سياسيًا لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) تحت المجهر، وفق محللين يتساءلون إن كان من شأن ذلك أن يقود الى إعادة تقييم للعلاقات بين الدولة الخليجية والفصيل الفلسطيني، وفق محللين.

ويقول الخبير في شؤون الخليج في "كينغز كولدج" أندرياس كريغ إن الحرب بين حماس وإسرائيل التي اندلعت منذ 12 يومًا، قد تدفع الدوحة إلى "التراجع" في علاقتها مع الحركة تحت ضغط اميركي.

ويضيف "أعتقد أن هناك إدراكًا بأنه لا بدّ من تقديم شيء ما في ما يتعلق بهذه العلاقة، نظرًا إلى ما تطلبه الإدارة الأميركية".

وفي السابع من تشرين الأول، اخترق مقاتلو حماس السياج الحدودي الشائك ونفّذوا هجمات على مقرّات عسكرية وبلدات في جنوب الدولة العبرية قرب قطاع غزة، في هجوم هو الأكثر عنفا في تاريخ الدولة العبرية. وقتل أكثر من 1400 شخص في إسرائيل منذ بدء الهجوم، غالبيتهم مدنيون قضوا بالرصاص أو طعنا أو حرقا، وفق مسؤولين إسرائيلين، في اليوم الاول للعملية. واقتادوا معهم 203 رهائن، وفق الجيش الإسرائيلي.

وردًا على الهجوم، تشنّ إسرائيل قصفًا جويًا ومدفعيًا متواصلًا على غزة حيث أحصت وزارة الصحة التابعة لحماس مقتل أكثر من  4137 شخص غالبيتهم من المدنيين.

في الكواليس، تقود قطر جهودًا ديبلوماسية مكثّفة وقد انخرطت في مفاوضات حول تبادل أسرى بين إسرائيل وحماس لأنّ لديها قنوات مفتوحة مع الفصيل الفلسطيني المسلّح.

وفي وقت هدف إسرائيل المعلن هو القضاء على حماس، تسعى الولايات المتحدة، حليفة قطر، إلى الضغط على الحركة الإسلامية، بعد تأكيدها دعمها الكامل لإسرائيل وتقديمها لها مساعدات عسكرية ضخمة.

وفرضت واشنطن الأربعاء عقوبات على عشرة أعضاء في حماس ومقدمي تسهيلات مالية للحركة، موجودين في غزة والسودان وتركيا والجزائر وقطر، وبينهم قيادي رفيع يُدعى محمد أحمد عبد الدايم نصرالله مقيم في قطر.

- "قناة تواصل" -
وقال مسؤول قطري شرط عدم الكشف عن اسمه، لوكالة فرانس برس إن المكتب السياسي لحماس "افتُتح في قطر عام 2012 بالتنسيق مع حكومة الولايات المتحدة، بناء على طلب أميركي لفتح قناة تواصل" مع الحركة.

وأضاف المسؤول "تم استخدام المكتب السياسي لحماس بشكل متكرر في جهود الوساطة الرئيسية المنسقة مع إدارات أميركية متعددة لإرساء الاستقرار" في غزة وإسرائيل.

رغم ذلك، لا تقيم قطر علاقات ديبلوماسية رسمية مع اسرائيل، ولم تطبع علاقاتها مع الدولة العبرية كما فعلت دول عربية أخرى منذ العام 2020.

واتّبعت قطر النهج نفسه مع حركة طالبان الأفغانية، عندما دعتها لفتح مكتب سياسي لها في الدوحة عام 2013، بمباركة الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما. وهذا ما سمح بترتيب محادثات بين واشنطن وطالبان قبيل الانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021.

لكن خلال زيارته إلى قطر الأسبوع الماضي، حذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الدولة الخليجية من علاقاتها الوثيقة مع حماس التي تستضيف مكتبا لحماس ورئيس المكتب السياسي للحركة اسماعيل هنية.

وقال بلينكن "لا يمكن أن تستمر الأمور كالمعتاد مع حماس". 

إلا أنّ رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني دافع عن مكتب الحركة، مشيرًا إلى أنه يُستخدم لغرض "التواصل وإرساء السلام والهدوء في المنطقة".

وعلى مدى سنوات، قدّمت قطر الدعم المالي لقطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس وتحاصره إسرائيل منذ 2007. وأكد مسؤولون في الدوحة أن ذلك يحصل "بالتنسيق الكامل مع إسرائيل والأمم المتحدة والولايات المتحدة".

لكن المحلل كريغ يرى أنه سيكون على قطر "أن ترسي نوعا من الانفصال بينها وبين هنية".

واعتبر أن الدوحة قد تستمر في استضافة مكتب حماس لكنها تحتاج إلى تحديد "مسافة ما بين قيادة حماس وصناع القرار القطريين".

- "أولوية" -
وتضمّ قطر أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط. وقدّمت واشنطن دعمها للدولة الخليجية الاستراتيجية الصغيرة خلال الحصار الذي فرضه جيرانها عليها لمدة أربع سنوات بقيادة الرياض.

وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر في حزيران 2017 علاقاتها الديبلوماسية مع قطر. واتّهمت الدول الأربع الدوحة بدعم جماعات إسلامية متطرّفة والتقرّب مع إيران، وهو ما نفته قطر.

في كانون الثاني 2021، حصلت مصالحة مع موافقة الدول الأربع على رفع القيود في قمة لمجلس التعاون الخليجي في مدينة العُلا السعودية.

وترى الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط سنام وكيل أن قطر ستقرر "بشكل واضح الأولوية" في علاقاتها، معتبرة أن علاقات القطريين و"استثمارهم في الروابط الثنائية مع واشنطن ستتفوّق على أي علاقات أخرى في المنطقة".

وتضيف "بالنسبة لواشنطن، من المفيد أيضًا التفكير بأنّ أحد شركائها قادر على التواصل عبر القنوات الخلفية".

وتوقّعت وكيل وهي نائبة مدير "برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" في معهد "تشاتام هاوس" للأبحاث ومقرّه لندن، أن تقوم قطر "ببعض الخطوات" لإعادة تقييم علاقتها بحماس "ومع الوقت النأي بنفسها عن هذه العلاقة".

لكنّها تشير إلى أن "الأمر سيتطلب، وأعتقد أن هذه نقطة أساسية، أن تكون لدى المجتمع الدولي والولايات المتحدة خطة لمعالجة مسألة تقرير الفلسطينيين مصيرهم".

ويوضح كريغ أن المكتب السياسي لحماس في قطر أُنشئ في أعقاب انتفاضات الربيع العربي عام 2011 وسط مخاوف أميركية من احتمال أن تقيم الحركة قواعد في إيران أو لبنان.

ويرى أن من شأن طرد قادة حماس من الدوحة أن يخلق وضعاً مماثلاً ستفقد خلاله الدول الغربية "الرقابة والسيطرة عليهم".

ويتابع أن "لقطر نفوذا كبيرا"، في إشارة إلى دور الوساطة الذي لعبته في اتفاق تبادل السجناء بين واشنطن وطهران الشهر الماضي.

وتساند إيران العديد من الفصائل الفلسطينية في غزة في مواجهة إسرائيل التي سبق لها أن اتهمت طهران بتهريب أسلحة إلى القطاع.

ويقول كريغ إن الولايات المتحدة "تحرص على أن يكون القطريون قادرين على التحدث مع الإيرانيين وتوضيح الخيارات العملية المختلفة والتأكد من عدم تفجّر الوضع بشكل كامل" في المنطقة.
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium