على وقع استعداد الجيش الإسرائيلي لعملية برية ضد حركة حماس، بدأ مستوطنون سابقون في قطاع غزة يحلمون "بالعودة اليه"، ولو أن أي مسؤول إسرائيلي لم يتحدث عن احتمال إعادة احتلال القطاع الذي انسحب منه الجيش في العام 2005.
في 11 أيلول 2005، أكملت إسرائيل انسحابا أحادي الجانب لقواتها من قطاع غزة الذي كانت احتلته في العام 1967، وسحبت ثمانية آلاف مستوطن كانوا يعيشون في القطاع بناء على قرار حكومة أرييل شارون آنذاك.
حُفرت مشاهد خروج الإسرائيليين من منازلهم وهم يجشهون بالبكاء مع الجنود بعد 32 عامًا من الوجود المدني في القطاع، وصور الجرّافات التي تهدم المنازل والمعابد اليهودية التي أحرقها فلسطينيون، في الذاكرة الجماعية الإسرائيلية.
بعد 18 عامًا على ذلك، يستعيد زفولون كالفا (61 عامًا) الذي كان مقيمًا في مستعمرة عتصمونا، ذكريات العيش في القطاع.
ويقول الإسرائيلي "كنّا نقف على الطريق لنطلب أن تقلّنا سيارة للذهاب إلى حيّ الشجاعية، دون أسلحة ولا أي شيء، لنتبضّع أو نزور طبيب الأسنان، وكانوا يبيعوننا الأسماك"، معتبرًا أن "جيرانه السابقين في غزّة" سمحوا لحركة "حماس" بإضافة الكراهية إلى حليب أطفالهم".
ويعتبر أن لا وجود للاستيطان أو لسيطرة على الفلسطينيين، لكنه يعترف باستياء نشأ عن "هراء ووعود" اتفاقيات أوسلو التي وُقّعت في العام 1993 والتي كان من المفترض أن تؤدّي إلى قيام دولة فلسطينية، إلا أن المفاوضات حولها تعثرت وتوقفت.
ولم يذكر أي مسؤول إسرائيلي أن الهجوم البري المحتمل على قطاع غزة سيؤدي الى إعادة الاحتلال العسكري أو المدني لقطاع غزة.
غير أن كالفا الذي أصبح اليوم يدير كيبوتس سعد الواقع على أطراف غزّة والذي تضرر بشدّة من الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، يقول "لا يمكن ان يكون وجود عائلاتنا داخل غزّة أخطر من من أن تكون خارج غزة وقريبة منها".
عند مخرج كيبوتس سعد، يدعو الحاخام إسحق عميتاي مسلّحًا رغم تقدمه في السن "إلى التغطية الإعلامية، بعون الله، للعودة القريبة" لعائلته إلى غزّة.
"سنعود إلى غزّة"
ويقول الجندي إلعاد (50 عامًا) الذي رفض الكشف عن كنيته والذي يعيش اليوم في مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة، إنه يقاتل "من أجل العودة إلى غزّة حيث أفضل الشواطئ في إسرائيل".
ويتوخى زفولون كالفا حذرًا أكبر بشأن السيناريو الافتراضي للعودة إلى غزّة، ولو أنه يشير إلى أن احتلال القدس الشرقية في العام 1967 بعد الحرب لم يكن أبدًا جزءًا من خطط إسرائيل في تلك الحقبة.
ويقول "ولدنا أطفالًا وأحفادًا يحلمون بالعودة إلى هناك. الحكومة تتخذ القرار ونحن مستعدون لتنفيذه".
ويضيف "سبق أن قلناها في العام 2014 (تاريخ آخر توغل بري للجيش الإسرائيلي داخل غزة)، إن الحل الوحيد هو التوغل البري والتطهير الكامل لحماس وإعادة بسط السلطة الإسرائيلية" في قطاع غزّة الذي يقيم فيه نحو 2,4 مليون شخص.
وتكتسب هذه الحجة زخمًا في الرأي العام الإسرائيلي الذي يدعم إلى حدّ كبير، وفقًا لاستطلاعات الرأي، بما في ذلك في صفوف اليسار الإسرائيلي، استمرار الهجوم على حركة حماس حتّى القضاء عليها.
على مدخل القدس، رفعت نحو 15 لافتة كتب عليها "سنعود إلى غزّة"، مع إشارة إلى منصة لجمع التبرعات للاستيطان.
وغنّى المغنّي الإسرائيلي حنان بن آري لحشود أمام قاعدة عسكرية "سنعود إلى غوش قطيف" و"سنقيم بحر نوفا على بحر غزّة"، بالإشارة إلى مهرجان "سوبر نوفا" الموسيقي الذي كان منظمًا على أطراف قطاع غزّة والذي هاجمه عناصر من حماس وقتلوا فيه أكثر من 260 شخصًا يوم انطلاق عمليتهم.