حذّرت الأمم المتحدة، الجمعة، من أنّ "العديد من الأشخاص سيموتون قريباً" جراء الحصار المحكم الذي تفرضه إسرائيل على غزة، بينما نفّذت الأخيرة عملية برية جديدة في "وسط القطاع"، استعداداً لهجوم برّي رداً على الهجوم الدامي الذي شنّته حماس في السابع من تشرين الأول.
ويعيش مئات الآلاف من المدنيين في ظروف إنسانية كارثية، في ظلّ حصار منطقة صغيرة تقصفها إسرائيل بشكل متواصل، منذ الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة حماس على أراضيها.
وقال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الجمعة "سيموت العديد من الأشخاص قريباً... جراء تداعيات الحصار المفروض على قطاع غزة"، مضيفاً أن "الخدمات الأساسية تنهار والأدوية تنفد والمواد الغذائية والمياه تنفد. بدأت شوارع غزة تفيض بمياه الصرف الصحي".
وشدّد فيليب لازاريني على أنّ غزة بحاجة ماسّة إلى مساعدات إنسانية "متواصلة وتحدث فرقا"، مؤكداً مقتل 57 من موظفي الوكالة في القطاع منذ اندلاع الحرب.
ويأتي ذلك فيما أعربت الأمم المتحدة الجمعة عن قلقها من أنّ "جرائم حرب" قد تكون ترتكب في النزاع بين إسرائيل وحركة حماس.
وقالت الناطقة باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة رافينا شمداساني "نحن قلقون أن تكون هناك جرائم حرب ترتكب. إننا قلقون حيال العقاب الجماعي لأهالي غزة ردا على هجمات حماس الوحشية التي ترتقي أيضا إلى جرائم حرب".
وقُتل في قطاع غزة أكثر من 7326 آلاف شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نحو 3038 طفلاً جراء القصف الإسرائيلي، بحسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
وفي الجانب الإسرائيلي، قتل أكثر من 1400 شخص معظمهم مدنيون قضوا في اليوم الأول لهجوم الحركة، وفق السلطات الإسرائيلية.
- تدمير مواقع لحماس -
أعلن الجيش الإسرائيلي صباح الجمعة أنّ قواته البرية نفذّت خلال الليل "عملية محدّدة الهدف في وسط قطاع غزة" بدعم من "طائرات مقاتلة ومسيرات" على أهداف لحركة حماس.
وأفاد الجيش في بيان بأنّ الجنود خرجوا بعد ذلك من القطاع بدون تكبد إصابات.
وأظهرت صورٌ باللونين الأبيض والأسود نشرها الجيش، توغُّل رتل من المركبات المدرّعة خلال الليل، وسط تصاعد سحابة كثيفة من الدخان في السماء بعد تنفيذ ضربات.
وفي السياق، أشار البيان إلى أنه تم تدمير منصات لإطلاق الصواريخ ومراكز قيادة لحماس كما تم قتل عدد من عناصر الحركة.
وكان الجيش الإسرائيلي قد نفّذ ليل الأربعاء الخميس "عملية محدّدة الهدف" في شمال القطاع استخدم فيها دبابات، في إطار تحضيره لهجوم برّي أعلن عنه مراراً المسؤولون السياسيون والعسكريون الإسرائيليون.
وتبدي الأسرة الدولية مخاوف حيال عواقب مثل هذا الهجوم محذرة من سقوط العديد من الضحايا المدنيين ومن اشتعال المنطقة.
وكانت إسرائيل أعلنت أنّها تريد "سحق" حركة حماس بعد هجوم السابع من تشرين الأول. ففي ذلك اليوم، تسلّل مئات من مقاتلي الحركة من قطاع غزة إلى داخل الأراضي الإسرائيلية حيث زرعوا الرعب.
وأفاد الجيش الإسرائيلي بأنّ عناصر حماس احتجزوا 229 شخصاً رهائن بينهم أجانب، وأطلقوا سراح أربع نساء منهم إلى الآن.
وقدّرت حركة حماس الخميس مقتل "حوالى خمسين" من الرهائن في القصف الإسرائيلي على القطاع.
- "ممرات إنسانية" -
تصل المساعدات الإنسانية بشكل ضئيل وبكميات غير كافية إلى قطاع غزة البالغ عدد سكانه 2,4 مليوني نسمة، وفقاً للأمم المتحدة.
وتدعو المنظمة الأممية إلى السماح بإدخال الوقود بشكل عاجل لتشغيل مولّدات المستشفيات المكتظة بآلاف الجرحى، الذين يفتقرون إلى الأدوية ومواد التخدير خصوصاً.
في غضون ذلك، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية مساء الخميس، أنّ 74 شاحنة مساعدات وصلت خلال ستة أيام من مصر إلى القطاع، أي أقل من 500 شاحنة كانت تدخل يومياً إلى قطاع غزة قبل اندلاع الحرب.
ويخضع هذا القطاع الذي تبلغ مساحته 362 كيلومتراً مربعاً، لحصار إسرائيلي بري وجوي وبحري منذ سيطرة حركة حماس على السلطة هناك في العام 2007. وأعلنت إسرائيل في التاسع من تشرين الأول إخضاعه لـ"حصار كامل"، حيث قطعت عنه المياه والكهرباء والإمدادات الغذائية.
وفي مواجهة هذا الوضع، دعا قادة دول الاتحاد الأوروبي الخميس إلى "ممرات إنسانية وهدنات" لإدخال مساعدات دولية إلى سكان القطاع.
وكان البيت الأبيض دعا الثلثاء إلى "هدنات إنسانية محدودة" لتسهيل إيصال المساعدات بدل وقف إطلاق نار "لن يفيد في هذه المرحلة سوى حماس" التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل منظمة إرهابية.
في هذه الأثناء، أفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية نقلاً عن وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة، بأن 45 في المئة من مساكن القطاع "تضرّرت أو دمرت"، كما دُمّرت أحياء بأكملها بالقصف.
وحذر الجيش الإسرائيلي منذ 15 تشرين الأول سكان شمال قطاع غزة حيث يتركز القصف بصورة خاصة بإخلاء منازلهم والتوجه جنوبا. وفر ما لا يقل عن 1,4 مليون فلسطيني من منازلهم منذ بدء الحرب بحسب الأمم المتحدة، هربا من القصف أو بسبب الإنذار الإسرائيلي.
غير أنّ القصف يطال أيضاً جنوب القطاع حيث يحتشد مئات آلاف المدنيين.
وبحسب الأمم المتحدة، عاد حوالى ثلاثين ألف نازح إلى شمال القطاع في الأيام الأخيرة.
وقال عبد الله أياد الذي قرر العودة إلى مدينة غزة مع زوجته وبناتهما الخمس بعدما لجؤوا إلى مستشفى في دير البلح "نعود لنموت في بيوتنا، هذا أشرف لنا".
- ضربات أميركية -
ويخشى المجتمع الدولي من توسّع نطاق الحرب بين إسرائيل وحماس، في وقت أصدرت إيران، التي تعدّ داعماً قوياً لحماس، عدّة تحذيرات للولايات المتحدة، حليفة إسرائيل.
وأعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أنّ الولايات المتحدة نفّذت ضربات الخميس ضد منشأتين يستخدمهما الحرس الثوري الإيراني و"مجموعات تابعة له" في شرق سوريا.
وقال في بيان إن "الضربات الدقيقة للدفاع عن النفس هي رد على سلسلة هجمات مستمرة، وغير ناجحة في معظمها، ضد موظفين أميركيين في العراق وسوريا من جانب ميليشيات مدعومة من إيران بدأت في 17 تشرين الأول".
وصدر هذا الإعلان بعدما وجه الرئيس الأميركي جو بايدن رسالة إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي حذره فيها من أن أي هجوم على القوات الأميركية يهدد بتوسيع نطاق الحرب بين إسرائيل وحماس.
وأعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الخميس أمام الأمم المتحدة، أن بلاده لا تود أن يتوسع نطاق الحرب لكنه تابع في تحذير موجه إلى الولايات المتحدة "إذا استمرت الإبادة الجماعية في غزة فلن يسلموا من هذه النار".
وفي هذه الأثناء، يتصاعد التوتر في الضفة الغربية المحتلة، بينما يجري تبادل إطلاق نار يومي عبر حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان، بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله المدعوم من إيران والمتحالف مع حماس.
وفي الضفة الغربية، قُتل أكثر من مئة فلسطيني في أعمال عنف منذ السابع من تشرين الأول، وفق وزارة الصحة الفلسطينية. وأطلقت دعوات إلى التظاهر بعد صلاة الجمعة في عدد م المدن بينها نابلس والخليل.
وقُتل أربعة فلسطينيين فجر الجمعة، خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي شمال الضفة الغربية المحتلة، حسبما أفادت وكالة وفا الفلسطينية الرسمية.
وانطلقت دعوات للتظاهر بعد صلاة الجمعة في عدة مدن في الضفة الغربية. وتجمّع مئات من الأشخاص في وسط مدينة رام الله وهم يهتفون "الحرية لغزة"، حسبما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.