يصف علاء مهدي (54 عاماً) من مخيم الشاطئ في قطاع غزة ما حصل في المخيم من دمار جراء القصف الإسرائيلي، ليل الجمعة السبت، بأنّه "زلزال"، ويضيف: "لو كان زلزالاً ربانيّاً لكان أهوَن ممّا تسبّب به القصف".
دمّرت الغارات العديد من المباني وأحدثت حفراً ضخمة في الشوارع المدمّرة بالكامل. وفي مخيم الشاطئ للاجئين الذي يقع بجانب البحر في مدينة غزة، خلّف القصف الإسرائيلي أضراراً كبيرة، بحسب عدة شهود.
يقول شاهد العيان علاء مهدي لوكالة "فرانس برس" وهو من سكان وسط مخيم الشاطئ وتتحدّر عائلته من المجدل، إنّ "ما حصل في الشاطئ زلزال بل أعنف من زلزال، لو كان زلزالاً ربانيّاً لكان أهوَن ممّا تسبب به قصف البحرية والمدفعية والطيران، كلهم قصفوا الناس المساكين ... هذه مجزرة، إنه إعدام بشري".
ويضيف: "لو كانت دول تتحارب معاً لما حصل هذا الدمار".
ويعتبر مهدي أنّ "قطع الاتصالات والانترنت قبل دخولهم كان تخطيطاً لمجزرة حتى لا يسمعهم أحد، فقد أحدثوا تدميراً شاملاً ولم يرحموا البشر ولا الشجر، هذا إعدام كامل".
من جهته، يؤكد مدير إعلام الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل، لوكالة "فرانس برس"، أنّ "مئات البنايات والمنازل دمرت كليّاً وتضرّرت آلاف الوحدات السكنية في القصف الإسرائيلي ليلاً على قطاع غزة".
ويضيف بصل أنّ "عمليات القصف الكثيفة أدت الى دمار هائل في البنية التحتية والطرقات، تغيرت معالم غزة ومحافظة الشمال بفعل المجازر التي لا مثيل لها".
ويوضح المسؤول: "لا نستطيع الوصول لمئات المفقودين تحت الأنقاض، قطع الاتصالات أصاب عمل الدفاع المدني والاسعاف بانتكاسة".
ولا يزال يُسمع دوي انفجارات متفرقة صباح السبت من داخل القطاع، وهي ناجمة عن ضربات جوية وقصف مدفعي إسرائيلي من البر والبحر.
لكن صحافي في "فرانس برس" أكد أنّ كثافة الضربات الجوية والقصف المدفعي تراجعت مقارنة مع الليلة السابقة.
وبحسب عدة شهادات جمعتها الوكالة، تركّز أعنف قصف إسرائيلي ليلاً على محيط مستشفى الشفاء في غزة والمستشفى "الإندونيسي" الذي أطلق عليه هذا الاسم لأنه بني في منطقة جباليا شمال قطاع غزة بفضل تبرعات من إندونيسيا.
"الوضع سيّئ جدّاً"
حذّرت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم، من أنّ قطع الاتصالات والإنترنت في قطاع غزة الذي يتعرّض لقصف إسرائيلي كثيف قد يشكل "غطاء لفظائع جماعية ويسهم في الإفلات من العقاب على انتهاكات لحقوق الإنسان".
من جهته، يقول جمال أبو شقفة (50 عاماً)، الذي يعمل سائق سيارة أجرة في مخيم الشاطئ، إنّه كان ينقل عائلته إلى خان يونس و"لا نعرف أين سنذهب. غادرنا المخيم بسبب الخوف والقصف العشوائي الذي لا يميز بين طفل وامرأة ومسن... الوضع سيّئ جدّاً".
في أحد الشوارع بمحيط المخيم، يبحث العشرات من السكان عن ناجين وضحايا بين أنقاض برج الغول السكني الذي دمره القصف ودمّر المنازل المحيطة به.
عبد المجيد أبو حصيرة، أحد الشباب الذين يبحثون عن ناجين محتملين، يستلقي على بطنه فوق الركام ليسمع بشكل أفضل، وينادي بصوت عالٍ "هل هناك أحد تحت... نحن موجودون لإنقاذكم".
وقبل ساعات قليلة من بدء القصف الكثيف مساء الجمعة، اتهم الجيش الإسرائيلي حماس بأنها "تشنّ الحرب من المستشفيات"، وهو ما نفته الحركة الإسلامية بشكل قاطع ووصفته بـ"الأكاذيب التي لا أساس لها من الصحة".
كمال أبو فطوم (47 عاماً) يُقيم في حي تل الهوى في مدينة غزة، ويوضح "نزحنا إلى رفح في الجنوب الأسبوع الماضي، وصلت صباح اليوم إلى مدينة غزة لتفقد منزلي ووجدت أنه أصيب بأضرار".
ويتابع أنّه "عندما ذهبت لأطمئن الى أختي بمخيم الشاطئ رأيت زلزالا أكبر من زلزال تركيا... دمار خراب ومجازر، الناس تحت الردم منهم أحياء ومنهم شهداء".
وفي مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، اقتحم مئات النازحين أحد مخازن التموين التابع لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
ويقول أحد النازحين: "نحن لسنا لصوصاً، لقد دفعنا الجوع وقلة الأكل، اضطررنا للدخول إلى المخزن لأنه لا توجد أي مساعدات".
يشنّ الجيش الإسرائيلي عمليات قصف مدمرة منذ السابع من تشرين الأول ردّاً على عملية "طوفان الأقصى"، التي أسفرت عن مقتل 1400 إسرائيلي.
وخطف مقاتلو حماس عشرات الأشخاص واقتادوهم إلى غزة، وحدّدت السلطات الإسرائيلية هويات 229 محتجزاً في القطاع، وفق أحدث حصيلة نشرها الجيش الجمعة.
وقُتل في قطاع غزة أكثر من 7703 أشخاص، معظمهم مدنيون، وبينهم أكثر من 3500 طفل، بحسب وزارة الصحة في غزّة.