أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلثاء، أنه يخوض "معارك ضارية" مع مقاتلي حركة حماس الفلسطينية، مع توسيع الدولة العبرية عملياتها البرية داخل قطاع غزة حيث ترتفع حصيلة القتلى وتزداد معاناة المدنيين العالقين بين القصف المكثف والحصار الخانق.
وقال الجيش في بيان إن قواته "تخوض معارك ضارية مع حماس في عمق قطاع غزة" مشيرا أنه قصف "خلايا إطلاق صواريخ مضادة للدبابات ومواقع إطلاق صواريخ مضادة للدبابات ومواقع مراقبة" مشيرا إلى مصادرته العديد من الأسلحة بينها بنادق ومتفجرات.
وتحدث الجيش الإسرائيلي عن مقتل "عشرات المسلحين" في الساعات الماضية.
من جهتها، قالت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إن مقاتليها يخوضون "اشتباكاً مع قوات العدو المتوغلة شمال غرب غزة"، ويستهدفون "آليتين" ما أدى الى "اشتعال النيران فيهما"، و"يُجهِزون على قوة صهيونية بعد دخولها مبنى" في بيت حانون بشمال القطاع.
والثلثاء، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس في القطاع مقتل خمسين شخصا على الأقل في قصف إسرائيلي على مخيم جباليا للاجئين في شمال غزة.
وقالت الوزارة في بيان "50 شهيدا على الأقل ونحو 150 جريحا والعشرات تحت الأنقاض في مجزرة إسرائيلية بشعة استهدفت مجموعة كبيرة من المنازل بمخيم جباليا شمالي القطاع".
وأظهرت مقاطع فيديو لوكالة فرانس برس التقطت من المستشفى الاندونيسي الى حيث نقل الضحايا، ما لا يقل عن 47 جثة ملفوفة بأكفان بيضاء في باحته.
ولم يعلّق الجيش الإسرائيلي على الفور على سؤال لفرانس برس بهذا الشأن.
وكانت الوزارة أعلنت في وقت سابق اليوم ارتفاع حصيلة القتلى في القصف الإسرائيلي في قطاع غزة الى 8525، معظمهم مدنيون وبينهم 3542 طفلا.
ووصف منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث ما يمرّ به سكان القطاع منذ بدء الحرب بأنه "أكثر من كارثي".
وبث الجيش الإسرائيلي مقاطع فيديو عن عملياته داخل القطاع يظهر فيها جنود يتقدمون وسط دمار كامل وركام أبنية دمرها القصف المكثف على القطاع المحاصر منذ 25 يوما.
وقال الجيش إنه ضرب 300 هدف لحماس الليلة الماضية، وتعرض لإطلاق قذائف مضادة للدبابات ومن أسلحة رشاشة ثقيلة، مشيرا الى أنه يسعى أيضا الى تحديد أماكن وجود الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس.
وفي آخر رقم له، قال الجيش إن عدد الرهائن 240، مشيرا الى أنه يتغير بسبب تعقيدات تحديد هويات الاشخاص الذين خطفتهم حماس بعد هجومها على تجمعات سكنية وبلدات إسرائيلية. وتسبب هجوم حماس بمقتل 1400 شخص، معظمهم مدنيون، وفق السلطات الإسرائيلية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض الإثنين وقف إطلاق النار في الحرب مع حماس، مؤكدا أن الجيش يحرز تقدما "منتظما" على الأرض.
ومنذ مساء الجمعة، توسعت العمليات البرية وتكثفت الضربات الإسرائيلية في قطاع غزة.
وتفرض إسرائيل "حصارا مطبقا" على قطاع غزة وتقطع عنه الماء والكهرباء والإمدادات الغذائية والوقود. ويبقى معبر رفح مع مصر، الوحيد غير الخاضع لسيطرة إسرائيل، مقفلا. وقد مرت عبره شحنات محدودة من المساعدات.
ويخضع قطاع غزة البالغ عدد سكانه 2,4 مليوني نسمة، أصلا لحصار بري وجوي وبحري من إسرائيل منذ إمساك حركة حماس بالسلطة فيه عام 2007.
- "لا تريد أن تموت" -
وقال مارتن غريفيث الثلثاء في منشور له على منصة "إكس" (تويتر سابقا) إنه تحدث هاتفيا هذا الصباح مع عائلات في قطاع غزة، مضيفا "ما يعانونه منذ السابع من تشرين الأول أكثر من كارثي". وأضاف "عندما تقول لك فتاة في الثامنة إنها لا تريد أن تموت، من الصعب جدا ألا تشعر بالعجز".
وتركز دعوات وكالات الأمم المتحدة على ضرورة إدخال المساعدات الى القطاع.
وقال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني "لنكن واضحين: العدد القليل لقوافل المساعدة التي سمح لها الدخول عبر رفح لا يقارن بحاجات أكثر من مليوني شخص عالقين في غزة".
وطالب الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار بشأن "وقف إطلاق نار إنساني فوري".
إلا أن نتنياهو اعتبر الاثنين أنّ "الدعوات لوقف إطلاق النار هي دعوات لإسرائيل للاستسلام في مواجهة حماس. وهذا لن يحصل"، داعياً المجتمع الدولي للانضمام الى الدولة العبرية بطلب "تحرير فوري وغير مشروط" للرهائن الذين تحتجزهم الحركة منذ هجومها في السابع من تشرين الأول.
وأعلنت حركة حماس استعدادها للإفراج عن الرهائن في مقابل إطلاق كل المعتقلين الستة آلاف الموجودين في السجون الإسرائيلية.
في واشنطن، أكّد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي الإثنين أنّ الولايات المتحدة لا تؤيد الدعوات لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، مشدّدا على وجوب الاستعاضة عنها بـ"وقف موقت" للأعمال الحربية لإتاحة إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
- مساعدات عالقة -
وتتكدّس أطنان من المساعدات عند معبر رفح الحدودي الفاصل بين مصر وقطاع غزة بانتظار أن تفتشها إٍسرائيل، على ما أفاد مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن اسمه.
ودخلت 117 شاحنة منذ 21 تشرين الأول الى القطاع، على ما أعلنت الأمم المتحدة صباح الاثنين. وأفاد مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) الثلثاء أن 39 شاحنة أخرى دخلت الاثنين.
ويثير وضع المستشفيات قلقا كبيرا ويؤكد الهلال الأحمر الفلسطيني أن عمليات القصف تهدد المرضى وآلاف المدنيين الذين لجأوا إلى هذه المؤسسات الاستشفائية.
وأعلن الهلال الأحمر فجر الثلثاء أنّ الجيش الإسرائيلي قصف مواقع في شمال قطاع غزة قريبة جداً من مستشفى القدس التابع له.
وقالت الجمعية في منشور بالإنكليزية على منصّة إكس (تويتر سابقاً) "قصفٌ مدفعي وجوي متواصل على منطقة تلّ الهوى في غزة حيث يقع مستشفى القدس".
وأضافت أنّ "المبنى يهتزّ، والمدنيّون النازحون والطواقم العاملة يشعرون بالخوف والهلع".
وتتهم إسرائيل حركة حماس بتخزين أسلحة ومقاتلين في المستشفيات الأمر الذي تنفيه الحركة.
وقالت منظمة أطباء العالم الاثنين عبر منصة "إكس" إنّ الأطباء في غزة يقدمون العلاج ويقومون بالعمليات "على الأرض"، ويجرون "عمليات قيصرية وعمليات بتر أطراف لأطفال من دون تخدير" بسبب نقص الأدوية.
وأضاف نائب رئيس المنظمة غير الحكومية جان فرنسوا كورتي "بسبب نقص المياه العذبة، يشرب الناس من مياه البحر ويعاني أعضاء فريقنا من الإسهال وسيصاب أطفالهم في الأيام المقبلة بالجفاف".
- قصف من اليمن -
ومنذ بداية الحرب، تأجج التوتر في الضفة الغربية المحتلة حيث قتل 122 فلسطينيا بنيران جنود أو مستوطنين إسرائيليين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
وأثارت الحرب بين إسرائيل وحماس مخاوف من اتساعها الى نزاع إقليمي.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الثلثاء اعتراض قواته لصاروخ أطلق من منطقة البحر الأحمر.
وقال في بيان "تم إطلاق صاروخ أرض-أرض في اتجاه الأراضي الإسرائيلية من منطقة البحر الأحمر وتم اعتراضه بنجاح بواسطة نظام الدفاع الجوي المضاد للصواريخ آرو (السهم)".
وتبنّى المتمردون الحوثيون في اليمن إطلاق صواريخ ومسيّرات نحو إسرائيل وتوعّدوا بمواصلتها حتى وقف "العدوان".
وجاء في بيان تلاه العميد يحيى سريع، الناطق العسكري باسم المتمردين المدعومين من إيران وبثّته قناة "المسيرة" التابعة لهم الثلثاء، إن "القوات المسلّحة اليمنية... تؤكد استمرارها في تنفيذ الضربات النوعية بالصواريخ والطائرات المسيّرة حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي".
وأشار إلى أن إطلاق مسيّرات الثلثاء في اتجاه مدينة إيلات في جنوب إسرائيل هي "العملية الثالثة" منذ بدء الحرب.
وعلى الجبهة الشمالية، أكد الجيش الإسرائيلي الثلثاء أنه شن ضربات جوية على جنوب لبنان مستهدفا منشآت ومواقع تابعة لحزب الله المدعوم على غرار حركة حماس من إيران.
وفي الدوحة، اعتبر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الثلثاء أنه "من الطبيعي ألّا تسكت" الجماعات الموالية لطهران في المنطقة على تصاعد حدّة النزاع في قطاع غزّة، داعيًا إلى اغتنام "آخر الفرص السياسية" لوقف الحرب.
ولدى كل من قطر وإيران قنوات تواصل مفتوحة مع حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة.
ونجحت الوساطة القطرية في الإفراج عن أربع رهائن من أصل أكثر من مئتَين محتجزين لدى حماس منذ اندلاع الحرب.