رفضت إسرائيل فكرة "هدن إنسانية" تطالب بها الولايات المتحدة في قطاع غزة، فيما تواصل هجومها الذي باشرته قبل شهر تقريباً على حركة "حماس" مع "عملية برية مكثّفة" وقصف همجي استهدف موكباً لسيارات إسعاف خلّفت 15 قتيلاً على الأقل.
ولاحقاً، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه سيسمح للفلسطينيين باستخدام طريق سريع رئيسي في قطاع غزة اليوم، في إطار محاولات حضّ المدنيين على النزوح إلى الجنوب بعيداً من المناطق التي يركز فيها حربه على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وفي منشور باللغة العربية على منصة "إكس، قال الجيش إنّه "سيسمح بالمرور على طريق صلاح الدين اليوم بين الساعة الواحدة (13:00) والساعة الرابعة (16:00) مساء. من أجل سلامتكم، انتهزوا الوقت القادم للتحرك جنوباً إلى ما بعد وادي غزة. إذا كنتم تهتمون بأنفسكم وبأحبائكم، فاتجهوا جنوباً".
بعد لقاء مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة في تل أبيب، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فكرة "هدنة موقّتة" من دون الإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حركة "حماس" ويبلغ عددهم 240 شخصاُ على الأقل.
ويواصل بلينكن جهوده، اليوم، في عمان حيث يلتقي الملك عبدالله الثاني ونظيره الأردني أيمن الصفدي على أن يشارك في اجتماع مع وزراء خارجية مصر والسعودية والإمارات وقطر والأردن.
وفيما تعارض الولايات المتحدة وقفاً لإطلاق النار، دعت مرات عدة إلى وقف المعارك بشكل موقّت بسبب الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة الذي يتعرّض لقصف إسرائيلي مركز وعنيف منذ هجوم حركة "حماس" غير المسبوق داخل الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول ولحصار مطبق بعد يومين على ذلك.
من جهته، شدّد مسؤول كبير في البيت الأبيض، الجمعة، على أنّ الإفراج عن الرهائن "يتطلب وقفا كبيراً للنزاع"، مشيراً إلى أنّ "محادثات جدية ونشطة جدّاً" تجرى بهذا الخصوص راهنا.
وأتى هذا الكلام فيما أقر الجيش الإسرائيلي أنه قصف سيارة إسعاف أمام مستشفى الشفاء الرئيسي في غزة قائلاً إنها كانت تنقل عناصر من حركة "حماس"، لكنّ الحركة نفت ذلك.
"صور مفجعة"
وأفادت وزارة الصحة في غزّة والهلال الأحمر الفلسطيني أنّ هذا القصف أدّى إلى مقتل 15 شخصا وإصابة 60 آخرين. وأكد الطرفان أنّ السيارة كانت جزءاً من قافلة تقل "عدداً من الجرحى في طريقهم لتلقي العلاج في مصر".
بعد الغارة، عاين مراسل وكالة "فرانس برس عدداً من الجثث والجرحى بجوار سيّارة إسعاف مدمّرة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إنّه "رُوّع" جرّاء الضربة التي شنّها الجيش الإسرائيلي، مشدّداً على أنّ النزاع بين إسرائيل و"حماس" يجب "أن يتوقّف".
وأضاف غوتيريس: "صور الجثث المتناثرة في الشارع أمام المستشفى مُفجعة".
وقال المدير العام منظمة الصحّة العالميّة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس إنّه "شعر بصدمة عميقة"، مذكّراً بأنّه "يجب حماية المرضى ومقدّمي الرعاية والمؤسّسات الطبّية وسيّارات الإسعاف في كلّ الأوقات".
إلى ذلك، قالت وزارة الصحّة في غزّة إنّ 20 شخصاً قُتلوا وجُرح العشرات في هجوم "استهدف" مدرسة في شمال غزّة.
وجاء في بيان لوزارة الصحّة: "20 شهيداً وعشرات الجرحى" نُقِلوا إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزّة على أثر "استهداف مباشر" لمدرسة تمّ تحويلها إلى مخيّم لإيواء النازحين في منطقة الصفطاوي شمال قطاع غزّة. وأشارت الوزارة إلى أنّ المدرسة استهدفت بشكل مباشر بقذائف دبّابات.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري، مساء الجمعة، إنّ القوات الإسرائيلية "كثفت عملياتها البرية في مدينة غزة بعد إنجاز تطويق المنطقة".
وسوَّت عمليات القصف أحياء كاملة في المدنية بالأرض.
"من دون انذار"
وقال حمد حماده البالغ 28 عاماً: "لم نحصل على أي انذار، استُهدف المنزل بضربة مباشرة وتدمر بالكامل". وأضاف: "انتُشل ثلاثة اطفال من عائلة واحدة والأضرار هائلة وكل السكان الآخرين لا يزالون تحت الأنقاض".
ويتعرّض سكان قطاع غزة المحاصر البالغ عددهم 2,4 تقريبا ًلقصف عنيف فيما منعت إسرائيل دخول إمدادات المياه والغذاء والكهرباء والوقود إليه.
منذ 21 تشرين الأول وإعادة فتح معبر رفع مع مصر جزئيا، دخلت 420 شاحنة محملة مساعدات إنسانية إلى غزة على ما أفادت الأمم المتحدة الجمعة.
وتجاوزت حصيلة القصف الإسرائيلي في قطاع غزة 9227 قتيلاً، بينهم 3826 طفلاً و2405 نساء.
من جهته، أكد مدير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) في غزّة، توماس وايت، الجمعة، خلال مداخلة بالفيديو أمام ممثلي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، أنّ علم الأمم المتحدة لم يعد كافياً لحماية الفلسطينيين الذين لجأوا إلى مدارس "الأونروا".
في فرنسا، أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون تنظيم "مؤتمر إنساني" في التاسع من تشرين الثاني في باريس، مؤكداً أنّ "مكافحة الإرهاب لا تُبرّر التضحية بالمدنيين".