أعلن الجيش الإسرائيلي مساء الأحد تنفيذ ضربات "كبيرة" في قطاع غزة وتقسيمه إلى شطرين، وذلك في خضم جولة إقليمية لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تركز على إيصال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع المحاصر.
وقُتل نحو 10 آلاف فلسطيني، قرابة نصفهم من الأطفال في القصف الإسرائيلي المدمر منذ بداية الحرب التي اندلعت في 7 تشرين الأول/أكتوبر اثر هجوم شنته الحركة الفلسطينية وأودى بنحو 1400 شخص في إسرائيل.
وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري إن "ضربات كبيرة تشن حاليا (...) وستتواصل هذه الليلة وفي الايام المقبلة"، مؤكدا أن القوات الاسرائيلية التي تنفذ عمليات برية في القطاع قسمته الى شطرين: "جنوب غزة وشمال غزة".
وأكدت حكومة حماس أن الجيش الإسرائيلي يشن "قصفا كثيفا" حول مستشفيات عدة في شمال قطاع غزة، حيث قطعت اسرائيل الاتصالات الهاتفية والانترنت قبيل ذلك.
وقال المكتب الاعلامي لحكومة حماس "منذ اكثر من ساعة، قصف كثيف حول المستشفيات".
وسجل خصوصا قصف قرب مستشفى الشفاء، الاكبر في القطاع المحاصر، وفق المصدر نفسه.
وليلا اعلنت "حماس" عن قصف تل ابيب برشقات صاروخية.
يأتي ذلك فيما يجري وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جولة إقليمية قادته إلى رام الله حيث أعرب خلال لقاء مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن معارضة بلاده "التهجير القسري" للمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.
وهذه أول زيارة لبلينكن إلى الضفة الغربية منذ بدء الحرب.
وبحث الجانبان أيضا بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر "ضرورة وقف أعمال العنف التي ينفذها متطرفون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية"، في إشارة إلى عنف المستوطنين.
من جانبه، ندد عباس أمام بلينكن بـ"الإبادة الجماعية" في غزة قائلا "لا توجد كلمات لوصف حرب الإبادة الجماعية والتدمير التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني في غزة على يد آلة الحرب الإسرائيلية، بدون اعتبار لقواعد القانون الدولي"، وفق ما أوردت وكالة وفا للانباء.
طردت حماس السلطة الفلسطينية من قطاع غزة وسيطرت عليها في عام 2007.
وربط عباس عودة السلطة لإدارة القطاع ب "حل سياسي شامل" قائلا إن "قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، وسنتحمل مسؤولياتنا كاملةً في إطار حل سياسيٍ شامل على كل من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة".
وتتواصل المعارك البرية شمال القطاع، رغم الدعوات لوقف إطلاق النار.
ونشر الجيش الإسرائيلي الأحد مشاهد ظهرت فيها قواته تخوض معارك من منزل إلى آخر، بينما تتحرك دبابات وجرافات عسكرية بهدف تشديد الطوق على مدينة غزة.
وتم إلقاء منشورات عسكرية تحث سكان مدينة غزة على الانتقال جنوبا بين الساعة العاشرة صباحا والثانية بعد الظهر، بعد يوم من تقدير مسؤول اميركي وجود 350 ألف مدني على الأقل في المدينة وحولها.
كما قُتل أربعة فلسطينيين الأحد برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية حيث يتصاعد التوتر منذ بدء الحرب.
ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر قُتل أكثر من 150 فلسطينيا في الضفة الغربية حيث ينفذ الجيش الإسرائيلي منذ شهر حملات اعتقال واسعة طالت أكثر من 2000 فلسطيني وفق ما أعلن نادي الأسير.
"غير مقبولة"
توجه بلينكن بعد الضفة الغربية إلى قبرص التي تعد أقرب دولة عضو في الاتحاد الاوروبي لقطاع غزة.
وبحث مع الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس إقامة "ممر بحري" اقترحته الجزيرة المتوسطية بهدف تقديم مساعدة إنسانية إلى غزة، بحسب الرئاسة القبرصية.
وأجرى بلينكن مساء زيارة غير معلنة لبغداد حيث التقى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وأكد أن الهجمات ضدّ القوات الأميركية في العراق وسوريا "غير مقبولة على الإطلاق".
وأعلن الجيش الإسرائيلي "ضرب أكثر من 2500 هدف إرهابي" من قبل "القوات البرية والجوية والبحرية" منذ بدء العملية البرية شمال القطاع.
وأعلنت حماس أن قصفا إسرائيليا على مخيم المغازي السبت أوقع أكثر من 30 قتيلا، كما أصاب قصف مدرسة تابعة للأمم المتحدة لجأ إليها نازحون في مخيم جباليا ما أسفر عن مقتل 15 شخصا.
من جهتها، أعلنت كتائب عز الدين القسام الأحد استهداف عدد من الآليات الإسرائيلية في غزة وقصف تحشدات للجيش الإسرائيلي بقذائف الهاون، فضلا عن قصف مدن إسرائيلية بالصواريخ.
وقتل 30 عسكريا إسرائيليا على الأقل منذ بداية العملية البرية في غزة في 27 تشرين الأول/أكتوبر، حسب الجيش.
- تعليق مشاركة وزير إسرائيلي -
داخل إسرائيل، أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو تعليق مشاركة وزير التراث أميخاي إلياهو في اجتماعات الحكومة "حتى إشعار آخر" الأحد بعد تصريح أيد فيه إلقاء قنبلة نووية على غزة.
وقدم السفير الأميركي الجديد لدى إسرائيل جاك لو أوراق اعتماده للرئيس إسحاق هرتزوغ الأحد. وأكد مجلس الشيوخ الأميركي تعيين لو سفيرا جديدا الأسبوع الماضي، وقال في أول تصريح له إن هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر "وصمة عار على جبين الإنسانية لا يمكن أن تتكرر مرة أخرى".
ويمارس أهالي المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس ضغطا على الحكومة لتكثيف الجهود للإفراج عنهم.
من هؤلاء يوني آشر (37 عاما) الذي احتجز مقاتلو حماس زوجته وابنتيه خلال الهجوم. قال "أنام وآكل بالحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة".
وكرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أثناء زيارة قاعدة جوية إسرائيلية أنه "لن يكون هناك وقف لإطلاق النار من دون عودة رهائننا".
وفي ظل تزايد المخاوف من اتساع النزاع، قالت اللفتنانت كولونيل في صفوف الاحتياط ساريت زيهافي، وهي أم لثلاثة أطفال لوكالة فرانس برس "لم أعد أنام" معربة عن خشيتها من أن يدخل عناصر حزب الله اللبناني المدعوم من إيران "البلدات والكيبوتسات في شمال إسرائيل للقتل وارتكاب مجزرة في حق السكان".
والتوتر مرتفع جدا في شمال إسرائيل حيث تشهد الحدود مع جنوب لبنان، معقل حزب الله، تبادل قصف يوميا.
وقتل أربعة أفراد من عائلة صحافي لبناني بينهم ثلاثة أطفال في ضربة إسرائيلية الأحد، فيما كانوا يستقلون سيارة على طريق في جنوب لبنان، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية.
وبعيد ذلك، أعلن حزب الله اللبناني أنه أطلق صواريخ كاتيوشا على كريات شمونة في شمال إسرائيل، ردا على هذه "الجريمة الوحشية البشعة".
من جانبه، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري أنه تم "قصف أهداف لحزب الله (...) ردا على إطلاق صاروخ مضاد للدبابات أدى إلى مقتل مدني إسرائيلي"، من دون أن يحدد مكان مقتله.
وأعلن حزب الله الأحد مقتل ثلاثة من عناصره ما يرفع حصيلة القتلى في لبنان إلى 81 شخصاً، بينهم 59 مقاتلاً من حزب الله، وفق حصيلة جمعتها وكالة فرانس برس.
وصباح الأحد، أصيب أربعة مسعفين في جمعية محلية في قصف إسرائيلي طال سيارتي اسعاف في المنطقة الحدودية في جنوب لبنان، وفق ما أفادت الجمعية والوكالة الوطنية للاعلام.
وأحصى الجيش الإسرائيلي مقتل ستة عسكريين على الأقل ومدنيين اثنين.
دمار هائل
خلال أربعة أسابيع، أدت الحرب إلى دمار هائل في قطاع غزة ونزوح 1,5 مليون شخص من منازلهم.
وبحسب مسؤول أميركي، لا يزال هناك 350 إلى 400 ألف شخص في شمال القطاع حيث يتركز القتال ويشتد القصف.
وتمكن مئات الجرحى والأجانب وحاملي جنسيات أجنبية من الخروج من غزة، لكن الإجلاء توقف السبت والأحد.
في هذا الصدد، قال مسؤولان مصري وفلسطيني إنه لم يتم الأحد إجلاء أي مصابين فلسطينيين أو أجانب ومزدوجي جنسية من قطاع غزة.
وصرّح مصدر في حكومة حماس لوكالة فرانس برس أن "المعبر مغلق لأن إسرائيل تمنع الجرحى من العبور إلى مصر لتلقي العلاج، مستخدمة ذرائع كاذبة لتركهم يموتون".
وأضاف المصدر "لن يغادر أي أجنبي طالما يتم تعطيل خروج الجرحى".
وقال مسؤول أميركي كبير السبت إن "ثلث المصابين، بعد التحقق من أسمائهم، هم عناصر من مقاتلي حماس".
وإزاء رفض إسرائيل وقف إطلاق نار، أعلنت تركيا السبت استدعاء سفيرها في إسرائيل للتشاور.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان السبت قطع اتصالاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
ودان إردوغان مجددا الأحد "المجزرة الدنيئة وغير الأخلاقية والمعدومة الضمير" في غزة.
وأطلقت الشرطة التركية الأحد الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين أمام قاعدة إنجرليك العسكرية التي تضمّ أسلحة وقوات أميركية، حسبما أفاد مصور وكالة فرانس برس.
وفي الفاتيكان، جدد البابا فرنسيس الأحد دعوته لوقف الحرب بين إسرائيل وحماس وإطلاق سراح الرهائن وإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة حيث الوضع "خطير للغاية".