يعيش مواطنون من عرب إسرائيل في "خوف" دائم، بسبب حملة تحريض واعتداءات يتعرضون لها على خلفية الحرب الجارية بين إسرائيل وحركة حماس، وفق ما روى بعضهم لوكالة فرانس برس.
وبينما يتهم البعض الشرطة الإسرائيلية بعدم حمايتهم، قالت الشرطة لوكالة فرانس برس إنها تعمل على محاربة "المنشورات الكاذبة التي تثير الذعر بين الجمهور"، مشيرة الى أن هذه المنشورات هي سبب بعض الحوادث، ومؤكدة أن "المحرضين سيعاقبون".
وروت طالبة عربية من جامعة نتانيا في وسط إسرائيل فضّلت عدم الكشف عن هويتها أن متظاهرين من اليهود المتطرفين هاجموا مساكن الطلاب العرب في الجامعة قبل أيام وهم يهتفون "الموت للعرب"، مطالبين بطردهم بعد الهجوم غير المسبوق في تاريخ الدولة العبرية الذي شنته حركة حماس على إٍسرائيل وأشعل حربا متواصلة منذ شهر.
وقالت الطالبة لوكالة فرانس برس "لا زلت مصدومة وخائفة... لا أشعر أنني بخير بعدما هاجم يهود من اليمين المتطرف سكننا مساء السبت".
وأضافت الطالبة الآتية من الجليل في شمال إسرائيل "في المساء، نزلنا من بناية السكن ووجدنا أفرادا من الشرطة سألونا إذا ألقينا بيضا على متدينين يهود. نفينا ذلك وقلنا لهم الكاميرات أمامكم بإمكانكم فحصها".
وتابعت "بعدها تجمّع أشخاص حاولوا تحطيم البوابة والهجوم علينا. وشتمونا وطالبوا بطردنا من المكان".
واقتادت الشرطة الطلاب العرب الى سطح المبنى "لحمايتنا"، وفق ما تقول الطالبة، بينما "وقفت مجموعة أخرى عند الباب لمنعهم من اقتحام المبنى".
وردا على سؤال لوكالة فرانس برس عن الحادث، قالت الشرطة "في نتانيا تم التداول بمنشور يحرّض على الإرهاب... لكن هذا المنشور قديم تمّ تداوله على أنه حديث"، ما تسبب بردة فعل.
وأضافت "نحن نعمل على محاربة المنشورات المزيفة التي تقصد إثارة الخلاف".
لكن جعفر فرح، مدير مركز "مساواة" الذي يوثّق الانتهاكات لحقوق العرب في إسرائيل، روى أن خلايا مجموعة "لافاميليا" اليمينية المتطرفة الموالية لوزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير نظمت السبت الماضي تظاهرة ضد الطلاب العرب بكلية نتانيا. وحمّل مسؤولية ما حصل للجامعة والشرطة وبلدية نتانيا "الذين لم يردعوا المعتدين... أو لأنهم لم يقوموا بإجلاء الطلاب العرب قبل محاصرتهم، وانتهى الأمر في منتصف الليل بإخراج الطلاب من نتانيا سالمين".
وقالت رئيسة بلدية المدينة ميريام فيربيرغ يومها للمتجمهرين ولصحافيين كانوا في المكان إنها طالبت "بإخلاء مساكن الطلاب فوراً، وإسكان مواطنين من الجنوب (تم إجلاؤهم من مناطق قريبة من قطاع غزة) مكانهم، ومحاكمة مثيري الشغب".
وشنّت حركة حماس في السابع من تشرين الأول هجوما غير مسبوق على الدولة العبرية تسلّلت خلاله الى مناطق إسرائيلية لا سيما في جنوب إسرائيل. وقتل منذ بدء الهجوم 1400 شخص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون سقطوا بغالبيتهم في اليوم الأول للهجوم، وفق السلطات الإسرائيلية.
وتردّ إسرائيل منذ ذلك التاريخ بقصف مدمّر على قطاع غزة أوقع أكثر من عشرة آلاف قتيل معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
وتثير الحرب توترا واسعا بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين، وأجواء تشنج وقلق في الداخل الإسرائيلي.
وقالت الطالبة أيضا "تركنا كلّ أغراضنا في غرف السكن"، مضيفة "نحن كعرب خائفون من العودة الى الكلية والبعض الى إيجار السكن".
- "الشرطة لا تحرك ساكنا" -
وقال نديم الناشف، مدير موقع "حملة" الالكتروني الذي يرصد حاليا المنشورات المتضمنة محتوى تحريضيا أو عنيفا على مواقع التواصل الاجتماعي "رصدنا 590 ألف محادثة عنيفة باللغة العبرية على منصات إكس وتلغرام وميتا".
واعترض الموقع لدى المنصات المعنية، مشيرا الى حذف 143 منشورا بناء على هذه الشكاوى. وأوضح أنه "حصلنا على ردود سلبية على 63 محتوى، ولا زلنا ننتظر الرد على 131 منشورا".
ومن المنشورات المرصودة، دعوات الى تحقيق "نكبة ثانية"، والى "قتل" الفلسطينيين أو طردهم.
وتحدث عضو الكنيست أحمد الطيبي على منصة الكنيست عن تحريض وتهديدات تعرض لها أعضاء في الكنيست. وقال "لا يوجد عضو كنيست عربي إلا وتلقّى رسائل تهديد، مشيرا الى أن رسائل وصلته جاء فيها +يجب قتلك+، و+سيتم قتلك قريبا+". وتساءل "لماذا لا تحرك الشرطة ساكنا وتتخذ إجراءات؟" رغم الشكاوى المتكررة.
وأوضح لوكالة فرانس بر س أنه قدّم 11 شكوى حتى الآن، و"لم يعتقلوا أحدا. قالوا لي إنهم يحققون مع شخص واحد".
وتحدثت منظمة "قوة للعمال" الإسرائيلية عن اعتداءات متكررة "على السائقين العرب"، محذرة من "تزايد أعمال العنف ضدهم".
وقالت المنظمة في بيان نشر في الأول من تشرين الثاني "تم رشّ سائق حافلة على الطريق 164 (في وسط البلاد) بالغاز من مجموعة من المسافرين عندما علموا أنه عربي. ونتيجة ذلك، اصطدمت الحافلة بعمود كهربائي على جانب الطريق وأصيب السائق بجروح طفيفة".
وتعرّض سائق حافلة آخر "من شركة أخرى لاعتداء" في مكان آخر "على طريق الخليل من ركّاب أدركوا أنه عربي وراحوا يصرخون +إرهابي... إرهابي+، وحطّموا زجاج قمرة القيادة حوله" حسب المصدر نفسه.
- تصاريح للعمال -
وتظاهر العشرات من اليهود اليمينين الثلثاء في حي غفعات شاؤول (دير ياسين سابقا) الذي تقطنه غالبية من اليهود المتدينين مطالبين بطرد العمال العرب من متجر في المنطقة.
وحملوا لافتات كتب عليها "لا تعيلوا الإرهابيين"، و"هذا الفرع يشغّل إرهابيين".
ومنعت الشرطة المتظاهرين من الدخول الى المتجر ثم قامت بتفريقهم، وفق ما ذكر أحد العمال.
ولم يذهب العمال والعاملات، وهم من القدس الشرقية ويقدّر عددهم بثلاثين، الى العمل في المتجر في اليوم التالي.
وتقول عاملة قدمت نفسها باسم هدى (اسم مستعار)، "لم أذهب الى العمل. الوضع خطر... أول أيام الحرب لم نذهب أيضا. بعد نحو أسبوع عدنا للعمل، لكننا لم نعد نستخدم الحافلات العامة الإسرائيلية خوفا من اعتداءات عنصرية علينا من متطرفين".
وتضيف "إدارة المتجر قالت لنا إنها لا تستطيع ضمان أمننا فيه".