يواجه فلسطينيون تركوا قطاع غزّة خطر اختبار "نكبة" جديدة على غرار "كارثة" التهجير الجماعي للفلسطينيين بعد قيام إسرائيل عام 1948.
وغادر الآلاف جنوباً على طريق صلاح الدين من مدينة غزة، وهو طريق الخروج الوحيد للمدنيين الفارين من الحصار المشدّد مع توغّل الدبابات الإسرائيلية أكثر في قطاع غزة.
وقالت امرأة تدعى أم حسن: "إيش اللي فضل ورانا، دمار وموت"، مضيفةً أنّهم غادروا وهم خائفون. وكانت قد عبرت للتوّ إلى جنوب غزة قادمة من شمال الجيب الصغير المزدحم.
وتابعت: "نحنا الشعب الفلسطيني الفقير اللي دمّرت بيوته"، واصفة ما حدث بـ"النكبة الثانية".
ولا تزال حرب عام 1948، عندما نزح الفلسطينيون أو طُردوا من منازلهم، محفورة في ذاكرتهم الجماعية. وعبّر الكثيرون عن مخاوفهم من أنهم إذا أُجبروا على ترك منازلهم الآن، فلن يُسمَح لهم بالعودة أبداً مثل أسلافهم.
وطلبت القوات الإسرائيلية منذ أسابيع من الفلسطينيين مغادرة شمال غزة إلى الجنوب الذي تقصفه أيضاً، قائلة إنّه سيسمح لهم بالعودة إلى ديارهم بمجرد انتهاء الحرب. ومنذ يوم الأربعاء، ومع تصاعد القتال داخل مدينة غزة، بدأ عدد كبير من السكان التحرّك جنوباً.
وقال خالد أبو عيسى، من مخيم الشاطئ للاجئين المتاخم لمدينة غزة، إنّه غادر بعد تعرّض حيّه للقصف المدفعي بشكل متكرّر.
وأضاف أنّ "الرحيل كان صعباً جدّاً. كنت جالساً بأمان في المنزل وجاءت إسرائيل وشردتني مرة أخرى".
تم تسجيل معظم الفلسطينيين في غزة كلاجئين بعد أن نزح أسلافهم من منازلهم داخل حدود إسرائيل في عام 1948. ومنذ السابع من تشرين الأول، تم تهجير أكثر من نصف سكان القطاع.
وقال العديد من الأشخاص الذين نزحوا نحو الجنوب لـ"رويترز" إنّهم رأوا جثثاً على جانب الطريق، مما أثار رعب البالغين والأطفال على حد سواء.
وقال أبو عيسى: "أثناء سيرنا رأينا جثثاً متحلّلة. أشخاص (كانوا يستقلّون) سيارات مدنية، مدنيون مثلنا، وليس مركبات عسكرية أو رجال حماس".
ونزح معظمهم سيراً على الأقدام حاملين ما استطاعوا. وعندما مروا بالدبابات الإسرائيلية على خط المواجهة، رفعوا أذرعهم لإظهار بطاقات هوياتهم.
وقالوا إنّه في جنوب غزة هناك عدد قليل فقط من السيارات التي لا تزال مزودة بالوقود ويتعين على الكثيرين مواصلة السير حتى يتمكّنوا من العثور على مكان جديد للاحتماء.