أعلنت حكومة حماس، الجمعة، أن إسرائيل قصفت مجمع الشفاء الطبي، وهو الأكبر في قطاع غزة، موقعة 13 قتيلًا وعشرات الجرحى في اليوم الخامس والثلاثين للحرب، مع تشديد الدولة العبرية الضغط العسكري على المراكز الطبية التي تؤوي عشرات الآلاف من النازحين، ومواصلة المدنيين الفرار نحو جنوب القطاع الفلسطيني المحاصر.
وقال المكتب الإعلامي لحكومة حماس في بيان هناك "13 شهيدًا وعشرات الجرحى اليوم الجمعة في قصف إسرائيلي لمجمع مستشفى الشفاء في مدينة غزة".
ولم يتحدث الجيش الإسرائيلي على الفور عن مثل هذا الهجوم.
الى ذلك، أعلن إسعاف الهلال الأحمر مقتل شخص وإصابة 20 جراء اطلاق قناصة إسرائيليين النار على مستشفى القدس.
وقال الإسعاف إن "قناصة الاحتلال يستهدفون مستشفى القدس واطلاق النار بشكل مباشر على الموجودين في المبنى مما أسفر عن استشهاد شخص واحد وإصابة 20 شخصا بينهم إصابتان بحالة حرجة".
أ ف ب
وتعرضت المناطق المحيطة بعدد من المستشفيات في شمال القطاع للقصف ليل الخميس الجمعة، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس، بما في ذلك مجمع الشفاء وهو الأكبر في القطاع وإلى حيث لجأ 60 ألف شخص، ومستشفى الرنتيسي والمستشفى الإندونيسي.
وأكد ناطق عسكري إسرائيلي مساء الخميس تنفيذ عمليات كبيرة في منطقة "قريبة جدًا من مستشفى الشفاء".
وسبق أن اتهمت الدولة العبرية حركة المقاومة الاسلامية (حماس) ببناء شبكات من الانفاق أسفل المستشفيات واستخدام مواقع قريبة منها لإطلاق صواريخ، وهو ما نفته الحركة بشدة.
الى ذلك، أعلن مدير مستشفى الشفاء انتشال حوالي 50 قتيلا من داخل مدرسة البراق بعد قصف إسرائيلي الجمعة.
وقال مدير المستشفى محمد ابو سلمية إن "حوالي 50 شهيدا تم انتشالهم من داخل مدرسة البراق في شارع اللبابيدي في حي النصر في غزة بعد قصف صاروخي ومدفعي طال المدرسة صباح اليوم".
وأظهر فيديو لوكالة فرانس برس في مستشفى الشفاء عددا من الجثث المكدسة والمغطاة في باحة خارجية، بينما قام شبان بوضع أخرى الى جانبها.
وصاح أحد الشبان الذين يقومون بنقل الجثث، إن هؤلاء كانوا "في مدرسة آمنة كلها نساء وأطفال سالمين".
وكان مكتب الإعلام الحكومي التابع لحماس أكد أن عددًا من الدبابات تتمركز على بعد مئتي متر من مدرسة البراق في حي النصر حيث تحاصر الدبابات مستشفيات النصر للاطفال والرنتيسي للسرطان والأطفال والعيون ومستشفى الأمراض العقلية والنفسية.
ويأتي تشديد الطوق على المراكز الصحية التي لجأ إليها عشرات الآلاف من النازحين، في وقت تواصل إسرائيل عملياتها البرية في شمال غزة.
وتشنّ إسرائيل حملة قصف مدمّر على قطاع غزة وباشرت قواتها منذ 27 تشرين الأول عملية برية في شماله، ردا على هجوم غير مسبوق نفذه عناصر من حركة حماس داخل أراضيها في السابع من تشرين الأول.
وقتل ما لا يقل عن 1400 شخص في إسرائيل معظمهم مدنيون سقطوا في اليوم الأول من هجوم حماس غير المسبوق منذ قيام الدولة العبرية عام 1948. كما تعرّض ما يقارب 240 شخصًا من إسرائيليين وأجانب للخطف وتمّ نقلهم الى داخل قطاع غزة.
ومن الجانب الفلسطيني، قتل أكثر من 11078 شخص بينهم أكثر من 4506 أطفال، بحسب آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس الجمعة.
- "لم يعد هناك أي مكان آمن" -
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء الخميس لقناة "فوكس نيوز" الأميركية "نحن لا نسعى إلى حكم غزة. ولا نسعى إلى احتلالها، لكننا نسعى إلى منحها ومنح أنفسنا مستقبلا أفضل".
وكانت اسرائيل احتلت قطاع غزة خلال حرب العام 1967، قبل أن تسحب قواتها وتفكك المستوطنات في العام 2005. ومنذ 2007، بات القطاع تحت سيطرة حماس التي طردت منه حركة فتح، ويخضع لحصار إسرائيلي منذ ذلك الحين تمّ تشديده بعد اندلاع الحرب الراهنة.
وتشدد القوات الإسرائيلية الطوق على مدينة غزة حيث أعلن الجيش الخميس "تدمير مداخل أنفاق ومصانع صواريخ مضادة للدبابات ومواقع لإطلاق الصواريخ"، مشيرا إلى أن المنطقة تؤوي "المقر العسكري" لحركة حماس.
وأظهر فيديو لفرانس برس وقوع انفجارات ضخمة قرب المستشفى الاندونيسي في بيت لاهيا الخميس.
الجمعة، قال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة "دبابات الاحتلال الاسرائيلي تحاصر مستشفيات الرنتيسي والنصر للاطفال والعيون والصحة النفسية من كل الاتجاهات".
وروى أبو محمد (32 عامًا) لفرانس برس كيف لجأ إلى مجمع الشفاء بغرب مدينة غزّة مع 15 من أقاربه بعد قصف على الحيّ الذي يقيمون فيه في شرق المدينة.
وقال "لم يعد هناك أي مكان آمن، ضرب الجيش الإسرائيلي (مستشفى) الشفاء، لا أعلم ماذا سأفعل".
ورفضت إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة الدعوات المتزايدة لوقف إطلاق النار.
أ ف ب
وجدد نتنياهو مساء الخميس التأكيد أن "وقف إطلاق النار مع حماس يعني الاستسلام"، مكررا أن هدفه هو "القضاء" على الحركة. وأضاف "لن يوقفنا شيء".
وأعلن البيت الأبيض الخميس أن إسرائيل وافقت في المقابل على هدنة يومية لأربع ساعات في شمال قطاع غزة للسماح للمدنيين الفلسطينيين بالمغادرة.
والجمعة، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن "الحاجة إلى بذل المزيد" لحماية المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، مرحبا في الوقت نفسه بموافقة إسرائيل على "هدن" يومية.
لكن مدير المكتب الاعلامي لحكومة حماس سلامة معروف قال لفرانس برس "تقول إسرائيل إن هناك هدنة إنسانية لكنها استهدفت مدنيين كانوا يخرجون من مستشفى الشفاء".
وأضاف "المحتلّ يقصف كل شيء، حتى الممرات التي يُقال إنها آمنة ونجد فيها قتلى. ماتت عائلات كاملة في طريقها" إلى جنوب قطاع غزة.
وكان الجيش الإسرائيلي أقام "ممر إجلاء" الأحد لكن فلسطينيين أفادوا عن معارك مستمرة على طول هذا الطريق الذي سلكه مئة ألف شخص منذ الأربعاء، بحسب أرقام الجيش ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
- "لا ماء ولا مخابز" -
ويتكدس مئات آلاف النازحين في جنوب القطاع الصغير المحاصر في ظروف كارثية، وتنضم إليهم يوميا حشود من الرجال والنساء الذين يفرون سيرا، على ما أفاد صحافي في فرانس برس.
وقالت أم علاء الهجين التي لجأت إلى مستشفى النصر في خان يونس بجنوب القطاع بعدما مشت أياما "ليس لدينا ماء ولا حمامات ولا مخابز، نحصل على كسرة خبز كل ثلاثة أو أربعة أيام وعلينا الوقوف ساعات في الطابور".
وبلغ عدد النازحين في قطاع غزة 1,6 مليون شخص من أصل تعداد سكاني قدره 2,4 مليون نسمة، بحسب الأمم المتحدة.
وفي الشمال حيث لا يزال مئات آلاف الأشخاص عالقين وسط المعارك، حذرت المنظمة الدولية من أن "نقص الطعام يثير قلقا متزايدا" مشيرة إلى أنه لم يكن بإمكان أي منظمة تقديم مساعدة للسكان هناك منذ ثمانية أيام.
وتعاني المستشفيات التي لم تغلق أبوابها، نقصا في الأدوية والوقود لتشغيل مولدات الكهرباء.
ووصف الطبيب أحمد مهنا في مستشفى العودة في جباليا وضعا "محزنا ومأسويا" مشيرا إلى أن الجراحين يجرون العمليات تحت "التخدير الموضعي" لعدم توافر الكهرباء لتشغيل المعدات الضرورية للتخدير العام.
ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا جديدا حول غزة الجمعة، بعدما حذر مفوّض وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الخميس من أن "الكابوس الذي تعيشه غزة اليوم هو أكثر من أزمة إنسانية، إنه أزمة البشرية".
وأكد لازاريني الجمعة أن أكثر من 100 من موظفي الوكالة قتلوا في قطاع غزة.
أ ف ب
- "انتهاكات للقانون الدولي" -
وتتزايد حدة الأزمة الانسانية في القطاع مع شحّ المساعدات التي تدخل عبر معبر رفح الحدودي مع مصر.
وأعلنت روسيا الجمعة إرسال 25 طنًّا من المساعدات الإنسانية عبر مصر إلى المدنيين في قطاع غزة.
وفي القاهرة، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني واتفقا على "استمرار التشاور من أجل وقف التصعيد الراهن" في غزة من الجانب الاسرائيلي.
وانتقل الأمير تميم الى السعودية التي ندّد ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان الجمعة بانتهاكات الجيش الإسرائيلي، عشية قمتين عربية وإسلامية تستضيفهما المملكة وستركزان على الحرب.
وقال "ندين ما يشهده قطاع غزة من اعتداء عسكري واستهداف المدنيين واستمرار انتهاكات سلطة الاحتلال الاسرائيلية للقانون الدولي الإنساني".
وحذّر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان من أن توسع نطاق الحرب "لا مفر منه" في ظل التصعيد.
وقال لنظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في اتصال هاتفي مساء الخميس "نظراً لتزايد حدة الحرب ضد السكان المدنيين في غزة، فقد أصبح توسيع نطاق الحرب أمراً لا مفر منه"، وفق ما أعلنت الخارجية الإيرانية.
وكانت الولايات المتحدة وإسرائيل حذّرتا إيران وحلفاءها من فتح جبهات إضافية ضد الدولة العبرية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه قصف فجر الجمعة سوريا ردا على تحطم مُسيّرة الخميس على مدرسة في إيلات (جنوب).
وأشار إلى أنه "يواصل عملياته لتدمير البنى التحتية" لحزب الله اللبناني المدعوم من طهران، وأن "طائرات مقاتلة قصفت أهدافا لحزب الله في الأراضي اللبنانية ردا على إطلاق نار باتجاه إسرائيل خلال النهار".
ونعى الحزب الجمعة سبعة من عناصره قتلوا بنيران إسرائيلية، من دون أن يحدد مكان أو تاريخ مقتلهم، ليرتفع بذلك عدد قتلاه منذ بدء التصعيد مع إسرائيل على وقع الحرب في غزة، إلى 68 مقاتلا.