النهار

هجمات الحوثيّين ضدّ إسرائيل محاولة لكسب دور إقليمي بدون تهديد جدّي
المصدر: أ ف ب
هجمات الحوثيّين ضدّ إسرائيل محاولة لكسب دور إقليمي بدون تهديد جدّي
يمنيون يلوحون بالبنادق والأعلام الفلسطينية خلال مسيرة تضامنية مع غزة في العاصمة صنعاء (10 ت2 2023، أ ف ب).
A+   A-
يسعى الحوثيون إلى كسب نفوذ وشرعية في اليمن والمنطقة من خلال إطلاقهم صواريخ ومسيّرات على إسرائيل تضامنًا مع الفلسطينيين في غزّة، رغم أن هجماتهم لا تشكّل تهديدًا جديًا للدولة العبرية، بحسب محللين.

وفي أوّل انخراط لهم في حرب تدور رحاها خارج حدود اليمن، يحاول المتمرّدون فتح جبهة إسرائيل الجنوبية في عمليات يصعب تحقيق أهدافها لكنّها قد تشكل مصدر قلق إضافيًا للدولة العبرية وحلفائها، في وقت تنشغل الدفاعات الإسرائيلية شمالا بهجمات حزب الله وفصائل فلسطينية من لبنان، تزامنًا مع تركيز الجيش جهوده على غزة.

وقال كبير محللي الشرق الأوسط لدى مجموعة "نافانتي" الاستشارية الأميركية محمد الباشا لوكالة فرانس برس إن "جماعة أنصار الله (الحوثيين) تسعى إلى تحقيق أهداف استراتيجية بمشاركتها في صراع إقليمي بما في ذلك ضمان النفوذ السياسي في اليمن والمنطقة".

واندلع النزاع في اليمن عام 2014 وسيطر الحوثيون المدعومون من إيران على مناطق عدة بينها العاصمة صنعاء. وفي العام التالي، تدخّلت السعودية على رأس تحالف عسكري دعمًا للحكومة المعترف بها دوليا، ما فاقم النزاع الذي خلّف مئات آلاف القتلى.

ومنذ هجوم حماس في السابع من تشرين الأول والقصف الإسرائيلي المتواصل لغزة، أعلن الحوثيون إطلاق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل مؤكدين في الإجمال أنها أصابت أهدافها.

لكنّ تل أبيب أكدت في أغلب الأحيان أنها اعترضت هذه المقذوفات.

- "استراتيجية محسوبة" -
وأوضح الباشا أن الحوثيين يسعون "للحصول على اعتراف وشرعية كلاعبٍ مهم في الصراعات الإقليمية" إضافة إلى "تجديد قاعدتهم" الشعبية و"حشدها".

في مدينة الحديدة الساحلية التي يسيطر عليها الحوثيون، قال اليمني محمد وهو محاسب (38 عامًا) فضل اعطاء اسمه الأول فقط، إن الحوثيين يريدون "تحقيق مكسب شعبي عربي وإقليمي" بالإضافة إلى "المكسب الاستراتيجي".

ورأى الباحث ماجد المذحجي، وهو أحد مؤسسي "مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية" خلال ندوة عبر الانترنت مطلع الشهر، أن "أول انخراط فعلي لجماعة الحوثي في التزامات خاصة بمحور المقاومة" الذي تقوده إيران في المنطقة "سيغيّر صيغة حضور الجماعة في التفاعلات الاقليمية".

وبين 2019 و2022، هاجم الحوثيون السعودية والإمارات لكنّ ذلك كان في سياق النزاع اليمني.

وأحد أهداف الحوثيين أيضًا، بحسب الباشا، "تعزيز موقفهم التفاوضي" مع السعودية التي يجرون معها منذ أشهر محادثات لتسوية النزاع في اليمن.

ووصف قرارهم استهداف إسرائيل توازيًا مع مفاوضاتهم مع السعوديين، بأنه "استراتيجية محسوبة" ترمي إلى "الضغط على الأميركيين والبريطانيين" من خلال تهديد مصالحهم في المنطقة "للاستفادة من نفوذهم وتسريع التوصل إلى اتفاق مع السعوديين".

- "ضربة حظ"؟ -
والأربعاء، أعلن الحوثيّون إسقاط مسيّرة أميركية قبالة سواحل اليمن قالوا إنها كانت تنشط في إطار الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل.

وسقط حطام مسيّرات اعترضتها إسرائيل أواخر الشهر الماضي على مدينة طابا المصرية ما تسبب بجرح ستة أشخاص. وتحدثت تقارير عن سقوط حطام في الأردن والسعودية، من دون تأكيدات رسمية.

ورأى الخبير العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية فابيان هينز أن هجمات الحوثيين لا تشكل "تهديدًا كبيرًا" لإسرائيل، على رغم أن الحوثيين قد يحققون "ضربة حظّ".

وأكد أن بلوغ أراضي إسرائيل يتطلب "أنظمة بعيدة المدى وهي باهظة الثمن ومعقدّة، ولا يتوفر لدى (الحوثيين) الكثير منها" موضحًا أنهم يملكون مسيّرات وصواريخ كروز وبالستية إيرانية يبلغ مداها بين 1600 و1900 كلم.

على رغم ذلك، اعتبر أن ما يطلقه الحوثيون يفرض "ضغطا إضافيا" على الدفاعات الإسرائيلية في ظل الحاجة إليها في الشمال حيث يسجّل تبادل يومي للقصف مع حزب الله اللبناني.

ونشر الجيش الإسرائيلي سفنًا حربية في البحر الأحمر ويستخدم دفاعاته في الجنوب لاعتراض مقذوفات الحوثيين.

- "أوسع وأكبر وأعمق" -
ولطالما اتّهمت الرياض وواشنطن طهران بتزويد الحوثيين بالأسلحة، وهو ما تنفيه الجمهورية الإسلامية، مؤكدة أن دعمها لهم سياسي.

وسعيا لنيل اعتراف إقليمي بحضورهم العسكري، قد يلجأ الحوثيون الى اعتماد أساليب مختلفة.

وحذّر نائب رئيس الهيئة الإعلامية للحوثيين نصر الدين عامر في حديث لفرانس برس من أن في حوزتهم "خيارات أوسع وأكبر وأعمق وفي اتجاهات متعددة".

وعدّد الباشا بعضها مثل القدرة على "نشر ألغام بحرية والاستيلاء على سفن... واستخدام صواريخ مضادة للسفن وتعطيل صادرات النفط" عبر البحر الأحمر الذي تمرّ عبره أكثر من 10% من التجارة العالمية سنويا، ويقع بين ممرين مائيين محوريين هما مضيق باب المندب جنوبًا وقناة السويس شمالًا.

وأوضح الباشا أنه من المحتمل أيضًا "استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر أو السفن في طريقها إلى ميناء إيلات" بجنوب إسرائيل.

ورأى هينز أنّ بذلك قد يصبح الحوثيون "أكثر فعاليةً" مشيرًا إلى أنهم يملكون الكثير من الصواريخ المضادة للسفن.

واعتبر المذحجي أن "التهديد هو ليس فقط للأمن المباشر لإسرائيل إنما لمجموعة المصالح الدولية التي شكّل دعمها لإسرائيل مسار غضب محور المقاومة".

وحذّرت واشنطن إيران وحلفاءها من توسيع رقعة النزاع، ونشرت في المنطقة غواصة وحاملتَي طائرات لـ"ردع" دخول أطراف أخرى على خط الحرب.

واعتبر هينر أن اليمن يُعدّ "منصّة إطلاق مثالية" لهجمات "محور المقاومة"، اذ ثمة "خطرًا ضئيلًا جدًا" في أن تردّ إسرائيل أو حلفاؤها على الحوثيين مباشرة، مقارنة بلبنان "حيث خطر حدوث تصعيد كبير موجود دائمًا".

وشرح الباشا أن التهديد الحوثي للمصالح الغربية في البحر الأحمر يضغط على أصحاب هذه المصالح لأن يأخذوا في الاعتبار "أهداف الحوثيين كعنصر أساسي لحفظ الاستقرار الإقليمي".

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium