منذ انطلاق حرب غزّة، ظهرت إلى العلن تنظيمات سياسية وعسكرية وشخصيات قد لا يكون الجميع على دراية بها أو سمعوا عنها من دون معرفة وظيفتها وهويّتها، فحصدت اهتماماً واسعاً نسبةً لنشاطها وتصريحاتها. وسنُحاول في هذا التقرير استعراض أبرز هذه التنظيمات والشخصيات:
حركة "حماس":
في البداية، وجب الابتداء من حركة "حماس" التي أطلقت عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول 2023.
إن "حماس" هي اختصار لحركة المقاومة الإسلامية. تأسّست في العام 1987، وكان زعيمها الأول الشيخ أحمد ياسين، الذي قضى بضربة إسرائيلية في العام 2004.
تُعتبر "حماس" إحدى فصائل المقاومة الفلسطينية، وتتألف من جناح سياسيّ يرأسه إسماعيل هنية، ويقوده عدد من قياديي الحركة، أبرزهم يحيى السنوار، صالح العاروري، خالد مشعل وموسى أبو مرزوق، بالإضافة إلى عدد من القياديين، وجناح عسكري سُمّي بكتائب "القسّام"، نسبة إلى الشيخ عز الدين القسّام، الذي سنتحدّث عنه في هذا التقرير أيضاً.
تنشط الحركة بشكل فاعل في غزّة، بل تُسيطر على القطاع، كما ينتشر أعضاؤها بشكل فاعل نسبياً في الضفّة الغربية. خاضت "حماس" عبر جناحها العسكري العديد من الحروب ضد إسرائيل، أبرزها في العام 2008، 2012، 2014، 2019 و2021.
سيطرت "حماس" على قطاع غزّة بعد انسحاب إسرائيل من القطاع عام 2005، وحقّقت تقدّماً في الانتخابات النيابية في العام 2006 على حساب حركة "فتح" في أوّل مشاركة تمثيلية لها. وقد تم تشكيل حكومة في غزّة برئاسة هنيّة في العام نفسه.
تمكّنت "حماس" من إحكام سيطرتها على القطاع بعد اشتباكات دامية مع "فتح" في العام 2007، فطردت "فتح" من غزّة، الأمر الذي عدّه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس انقلاباً عسكرياً، فحلّ حكومة هنية، وأعلن حالة طوارئ في القطاع، بالرغم من أن السيطرة بقيت لحركة "حماس" ومؤسّساتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
لم تستقر العلاقة بين "فتح" و"حماس" طوال عقدين من الزمن، وذلك لأسباب عديدة. ترفض "حماس" سياسة "منظمة التحرير الفلسطينية" و"فتح"، التي قامت على استبدال الكفاح المسلّح بالكفاح السلمي والشعبي، خصوصاً أن "فتح" عقدت مع إسرائيل عدداً من الاتفاقيات، أبرزها اتفاق "أوسلو"، في حين تُصر "حماس" على المواجهات المسلّحة مع إسرائيل وعدم عقد أيّ اتفاق معها.
تتمتّع "حماس" بإيديولوجيا دينية، تقوم على فكر الإخوان المسلمين، لأن مؤسّسها وزعيمها الأول، أحمد ياسين، كان قيادياً في الإخوان، وكان للإخوان نشاط مقاوم في غزّة. وتتمتّع الحركة ببعد دوليّ متعدّد الأطراف. على الصعيد السياسي، فإن الحركة مقرّبة من القيادة القطريّة وتركيا، ويُقيم قادة الجناح السياسي في هذين البلدين.
أما على الصعيد العسكري، فإنها تُعتبر جزءاً من محور إيران في المنطقة، خصوصاً أن سلاحها وتدريبها مصدرهما إيران. ثمّ إن العلاقة التي تربط "حماس" بـ"حزب الله" وطيدة جداً، وثمّة تعاون عسكري وسياسي في لبنان.
كتائب "القسّام":
إن كتائب "القسّام" هي الجناح العسكريّ لحركة "حماس". وهذه الكتائب هي التي أطلقت عملية "طوفان الأقصى" فعليّاً على أرض المعركة، والتي عادةً ما تخوض المعارك ضد إسرائيل، والتي ينضوي تحت لواءها مقاتلو "حماس".
سُمّيت هذه الكتائب بهذا الاسم نسبةً إلى الشيخ عز الدين القسّام، وهو أحد أبرز الذين قاوموا البريطانيين في فلسطين بعد اتفاق سايكس - بيكو، من خلال نشر التوعية وتجنيد المقاتلين. وتسبّب مقتله بإطلاق ثورة واسعة في فلسطين ضد بريطانيا، وتمّت تسمية الكتائب باسمه تيمّناً بمسيرته.
إن كتائب "القسّام" هي الفصيل الفلسطيني العسكري الأقوى في غزّة بل في فلسطين راهناً، وتتمتع بقدرات عالية، أكان لجهة العناصر والخبرة والتدريب، أو السلاح؛ ولديها قوات بريّة وبحريّة وجويّة، وترسانة صاروخيّة كبيرة، وتتلقّى دعماً عسكرياً ضخماً من إيران.
في الآونة الأخيرة، اشتُهرت هذه الكتائب بأمرين أساسيين: الأول، قدرتها على تطوير الأسلحة محليّاً، وقد طوّرت قذيفة "الياسين" حتى باتت قادرة على تدمير الدبابات الإسرائيلية، والثاني، حفرها للأنفاق، وبناء مدينة موازية تحت الأرض في قطاع غزّة.
محمد الضيف:
من الشخصيات التي طبعت المرحلة أيضاً محمد الضّيف. لم يكن الضيف شخصيّةً واسعة الشُهرة قبل انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، لأنّه شخصية عسكرية أمنية قليلة الظهور. لكنّه بعد انطلاق الحرب، وبعد جعل إسرائيل الضيف واحداً من أبرز أهدافها، صار الأخير معروفاً.
إن محمد الضيف الذي كان فناناً مسرحياً وناشطاً سياسياً، صار القائد العام لكتائب "القسّام". تعرّض لمحاولات اغتيال عدّة، وكان من أبرز الناشطين ضمن جماعة الإخوان المسلمين، ثمّ انضم إلى "حماس" وجناحها العسكري.
سجنته القوات الإسرائيلية في العام 1989. وبعد خروجه زادت وتيرة نشاطه العسكري، وكان من أبرز محضّري العمليات الفدائية التي قام بها فلسطينيون ضد إسرائيل، كما أسّس كتائب تابعة للقسّام في الضفة الغربية.
يحيى السنوار:
بعد عملية "طوفان الأقصى" بات يحيى السنوار الهدف الرقم واحد لإسرائيل، حتى أن البعض وصفه برجل "ميت يمشي على الأرض"، ممّا يعني أن إسرائيل لن ترضى إلّا بتصفيته؛ وهو جزء من قيادة الحرب، ويُحكى أنّه يقيم حالياً في شبكة الأنفاق.
إن يحيى السنوار هو مسؤول "حماس" في قطاع غزّة، تعرّض للاعتقال والسجن من قبل إسرائيل، ممّا مكّنه من تعلّم اللغة العبرية ومتابعة الإعلام الإسرائيلي وفهم طريقة تفكير القيادات في تل أبيب؛ ولهذا السبب، يعتقد خبراء أنّه جزء أساسي من قرار عملية "طوفان الأقصى"، ومخطط رئيسيّ لها.
يُثير السنوار قلق إسرائيل، لأن الأخيرة تعتقد أنّه من المتطرفين في "حماس"، وقد تولّى قيادة الحركة في غزّة في العام 2017 خلفاً لإسماعيل هنية، الذي أصبح في ذلك الحين رئيس المكتب السياسي للحركة.
أبو عبيدة:
من الشخصيات التي شكّلت نجم الحرب الآن أبو عبيدة. هو الناطق العسكري باسم كتائب "القسّام". كان معروفاً في وقت سابق، لكنه اكتسب شهرةً عالية خلال عملية طوفان الأقصى حتى بات رمزاً لحركة "حماس"، وصارت مقولاته تتردّد على كلّ لسان، أبرزها "أتهددنا بما ننتظره يا ابن اليهودية؟"، في إشارة إلى جهوزية "القسّام" للهجوم البرّي الإسرائيلي.
لا تكشف كتائب "القسّام" هوية أبو عُبيدة الحقيقية، وهو يظهر ملثماً طوال الوقت. لكن الجيش الإسرائيلي زعم تحديد هويته، وقال المتحدّث باسم الجيش أفيخاي أدرعي إن حذيفة كحلوت يتستّر وراء كنية أبو عبيدة، ويتستر كذلك وراء كوفيته الحمراء.
خالد مشعل:
إن خالد مشعل هو رئيس حركة "حماس" في الخارج، وكان رئيساً للمكتب السياسي للحركة قبل هنيّة. وفي ظلّ الانقسام الخفي الحاصل في "حماس" بين الجناح الإيراني والجناح العربي، فإن خالد مشعل يُعتبر من صقور الخط العربي في الحركة، وهو يقطن في قطر.
اكتسبت تصريحات مشعل شهرة واسعة بعدما وجّه لوماً مباشراً لـ"حزب الله"، مشيراً إلى أنّ المعركة تتطلّب أكثر ممّا قدّم الحزب.
"الجهاد الإسلامي" و"سرايا القدس":
في سياق المعارك الدائرة في غزّة، كان ثمّة مشاركة لحركة "الجهاد الإسلامي" وجناحها العسكري "سرايا القدس". تُعتبر الحركة حليفاً أساسياً لـ"حماس"، وضمن غرفة عمليات حرب غزّة من جهة، والمحور الإيراني في المنطقة من جهة أخرى. وتُشارك "سرايا القدس" في عمليات إطلاق الصواريخ من غزّة باتجاه الداخل الإسرائيلي.
تمتلك "سرايا القدس" ترسانة صاروخية كـ"القسّام" وآلافاً من المقاتلين، لكنّها لا تتمتع بنفس مستوى قدرات الثانية. وهي أضعف نسبياً من الجناح العسكري التابع لـ"حماس".
تتخذ "الجهاد" من الشريعة الإسلامية مرجعاً فكرياً لها. وهي تأسّست من صلب الفكر الإسلامي، وتتشارك مع "حماس" الأفكار المرتبطة بالكفاح المسلّح ورفض التسويات السياسية مع إسرائيل.
يقود زياد النخالة الحركة، وهو أمينها العام، إلى جانب أكرم العجوري القيادي في الحركة وفي "سرايا القدس".
"المقاومة الإسلامية" – لبنان والعراق:
ومن الفصائل المشاركة في حرب غزة، في إطار ما يسمّى "وحدة الساحات"، "المقاومة الإسلامية" في لبنان والعراق التي تتبنى عمليات ضد إسرائيل والقواعد الأميركية في العراق. وتحت اسم المقاومة، تتناسل تنظيمات ومجموعات وجدت في العراق وسوريا وغيرها من بلدان المنطقة من أجل تأدية وظائف محدّدة، وتتبع كلّها للمحور الإيراني.
ووفق تقارير إعلامية، فإن "المقاومة الإسلامية" لا تمثّل جهة مسلّحة محدّدة، بل مجموعة من التنظيمات المسلّحة العراقية التي تبدي ولاء لإيران.
"حزب الله"
أما "حزب الله"، فيُعتبر الذراع الأساس والمدى الحيويّ لإيران في كلّ دول المنطقة، بدءاً من لبنان، وصولاً إلى أميركا اللاتينية والغرب. تأسّس عام 1982، وهو يعلن ولاءه المطلق للولي الفقيه أمرةً ومشروعاً، وهو الذي يملك السطوة على كلّ التنظيمات التي تتحرك في الجنوب، ويمدها بالسلاح. يُعتبر كذلك المتّهم الأول وراء تحريك الأحداث الأخيرة في مخيم عين الحلوة. ومن التنظمات التي تعمل بتنسيق معه، خصوصاً على الجبهة الجنوبيّة، هي قوات الفجر.
قوات الفجر
أعلنت قوات "الفجر" إطلاق الصواريخ من لبنان باتجاه مواقع إسرائيلية عند الحدود، وتبيّن أن هذا الفصيل هو الجناح العسكري التابع لـ"الجماعة الإسلامية" في لبنان.
غابت قوات "الفجر" لفترة طويلة جداً عن المشهد العسكري الجنوبي بعد سيطرة "حزب الله"، بالرغم من أن هذا الفصيل يعود تاريخه إلى العام 1982، حينما واجه إسرائيل في بيروت وعدد من المناطق اللبنانية.
لا معلومات متوافرة عن القدرات العسكرية لهذا الفصيل نسبةً لسريّة هذه المعطيات، ولا عن مصدر صواريخه، إلّا أن قدراته تبقى متواضعة جداً مقارنةً بـ"حزب الله" و"حماس" و"الجهاد"، ومشاركة هذه القوات رمزية أكثر منها فعليّة. وتوقّع بعض الخبراء أن يكون الحزب مصدر هذه الصواريخ.
قوات "دلتا":
بعد أسبوعين على انطلاق "طوفان الأقصى"، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية باتريك رايدر عن وصول قوة "دلتا فورس" إلى إسرائيل، وهي فرقة عمليات خاصّة تعمل ضمن الجيش الأميركي، تُوكل إليها مهام تنفّذ غالباً بشكل سرّي.
تُناط بعناصر هذه القوات مهامّ حساسة ومعقّدة، مثل القضاء على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وزعيم تنظيم "داعش" أبو بكر البغدادي. تعتبر "قوة دلتا"، الأكثر تدريباً في الجيش الأميركي والعالم، وهي وحدة انتقائيّة وسريّة تعمل تحت قيادة العمليات الخاصة المشتركة، وفقاً لموقع Military العسكري.
تُعرف بأنّها "نخبة القوات الخاصة"، وهي مختصّة بـ"مكافحة الإرهاب" وتحرير الرهائن والتدخّل السريع، وتنفذ أغلبية مهامّها بشكل سريّ، وتعتمد في ذلك بشكل رئيس على الإنزال الجوي.
"الشاباك":
برز اسم "الشاباك" عند إعلان إسرائيل عن تحرير الجندية أوري مغيديش التي زعم الجيش أن "حماس" احتجزتها يوم 7 تشرين الأول. وقال الجيش الإسرائيلي إنّه نفّذ عملية برية مع الشاباك من أجل تحريرها من داخل غزّة.
إن "الشاباك" هو جهاز الاستخبارات الداخلية في إسرائيل، واسم "شين بيت"، أو الأمن العام الإسرائيلي. يعود تأسيسه إلى رئيس وزراء إسرائيل الأول، ديفيد بن غوريون، ومحور عمله الاستخبارات ومكافحة الأنشطة "المعادية" لإسرائيل.