كان حمزة القواسمي في منزله في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلّة الشهر الماضي عندما اقتحمت القوات الإسرائيلية المنزل بعد منتصف الليل واعتقلته.
وشارك بائع القهوة البالغ من العمر 27 عاماً في مسيرات مناهضة للحرب على غزة. وكان قد تم القبض عليه واحتجازه سابقاً بسبب انتمائه للكتلة الإسلامية في جامعة الخليل، لكنه قال إن المعاملة هذه المرة كانت الأسوأ.
وقال لـ"رويترز" "حطوني في الجيب طبعاً الاعتقال أمام الأهل ما كان في اعتداء نهائياً بس الاعتداء بلش من حد ما طلعوني في الجيب القوة اللي اعتقلتني هي حرس حدود أخذوني في الجيب ودني عند منطقة الحرم الإبراهيمي".
وقال القواسمي إن معتقليه عصبوا عينيه وصفدوا يديه وأخذوه بعيداً واتّهموه بأنه عضو في تنظيم داعش وضربوه، وفي وقت ما أزالوا العصابة عن عينيه حتى يتمكن من رؤيتهم يوجهون أسلحتهم إلى رأسه مع التهديد بقتله.
وقال "بعرفش ليش بحكيها كمان شغلة صار بعض الجنود صار يهددني في القتل حط السلاح وجهه باتجاه راسي وصار يقلي هذا آخر يوم إلك وأنا رح أموت هيك تهيألي".
ولم يرد الجيش الإسرائيلي على طلبات للتعليق على قضية القواسمي.
وفي حين انصب التركيز على سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة خلال الأسابيع الستة الماضية فإن الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، والتي يعيش فيها ثلاثة ملايين فلسطيني وأكثر من نصف مليون مستوطن يهودي، تشهد حالة من الغليان منذ أكثر من 18 شهراً مما أثار قلقاً دولياً متزايداً مع تصاعد العنف.
ويقول معتقلون ومسؤولون فلسطينيون إن إسرائيل نفذت اعتقالات جماعية في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، وإن السجناء يواجهون بشكل متزايد الاعتداءات الجسدية والمعاملة المهينة في مرافق الاحتجاز الإسرائيلية.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية في رام الله لـ"رويترز" إن إسرائيل اليوم في حالة انتقام.
وذكرت منظمة العفو الدولية في بيان صدر في الثامن من تشرين الثاني إن لجوء إسرائيل يتزايد جدّاً للاعتقال الإداري، وهو أحد أشكال الاحتجاز دون تهمة أو محاكمة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه يتخذ إجراءات في الضفة الغربية مع المشتبه بهم المتورطين في أنشطة مسلحة. وقال أمس الجمعة إن معظم الفلسطينيين البالغ عددهم 1750 الذين اعتقلهم هناك في الأسابيع القليلة الماضية مرتبطون بحركة حماس.
وجاء في بيان صادر عن مصلحة السجون الإسرائيلية أنها تفرض "في إطار جهود الحرب" ظروف احتجاز أكثر صرامة على السجناء السياسيين الفلسطينيين.
وقالت جمعية نادي الأسير الفلسطيني، التي تمثل السجناء الذين تحتجزهم إسرائيل، إن القواسمي واحد من أكثر من 2700 فلسطيني اعتقلوا في الضفة الغربية منذ السابع من تشرين الأول عندما اخترق مسلحون من حماس السياج المحيط بغزة وشنوا هجوماً تقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص وأسر حوالي 240 رهينة.
وقال قدورة فارس، رئيس هيئة شؤون الأسرى التابعة للسلطة الفلسطينية، إن عدد الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل ارتفع إلى أكثر من 7800، بينهم نحو 300 طفل و72 امرأة. وأضاف أن هذا العدد لا يشمل السجناء من غزة، موضحاً أن إسرائيل ترفض الكشف عن عددهم.
وذكر فارس أن أربعة أسرى فلسطينيين على الأقل توفوا في السجون الإسرائيلية في الأسابيع القليلة الماضية. وقال إن تشريح الجثث أظهر أنهم تعرضوا للتعذيب أو الإهمال الطبي. وأضاف أن مئات آخرين من السجناء أصيبوا بعد تعرضهم للضرب المبرح بكسور في أطرافهم وأضلاعهم وكدمات في أجسادهم.
وقال متحدث باسم السجون الإسرائيلية إن ثلاثة أسرى فلسطينيين توفوا في ثلاث ظروف مختلفة خلال الأسابيع الستة الماضية، وإن الحوادث قيد التحقيق.
وذكر القواسمي أنه تم وضعه رهن الاعتقال الإداري في سجن عوفر، حيث كانت الزنازين مكتظة. وقال إنه قابل نحو 70 سجيناً هناك كان معظمهم مصابين بكدمات واضحة، كما حُرم أحد السجناء تعرّض للضرب حتى كسرت ذراعه من الرعاية الطبية.
وقال القواسمي إنه تم إطلاق سراحه بعد احتجازه لمدة أسبوعين. وأضاف أن حراس السجن أخبروه بأن متعلقاته الشخصية، بما فيها ملابسه، التي صودرت عند وصوله ألقيت في سلة المهملات وأجبروه على المغادرة بملابسه الداخلية.
فلسطينيّون يتهمون القوات الإسرائيلية بسوء المعاملة
وقال متحدث باسم مصلحة السجون الإسرائيلية إن المصلحة ليست لديها علم بالواقعة التي تحدث عنها القواسمي، لكن جميع السجناء والمعتقلين لهم الحق في تقديم شكاوى والتي تفحصها السلطات.
وقال المتحدث "جميع السجناء لدى مصلحة السجون يتم احتجازهم وفقاً لأحكام القانون".
واستشهدت هبة مرايف، مديرة مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، بشهادات وأدلة مصورة قالت إنها تشير إلى العديد من حوادث التعذيب وغيره من أساليب سوء المعاملة على يد القوات الإسرائيلية، بما في ذلك الضرب والإذلال المتعمّد للفلسطينيين المحتجزين في ظروف مزرية.
وفي مقطع فيديو تحقّقت منه "رويترز" بتاريخ 13 تشرين الثاني ظهر جنود إسرائيليون ملثمون في الخليل وهم يضربون رجلاً فلسطينياً أثناء بث مباشر له على تيك توك. وشوهد الجنود وهم يدخلون منزله بالقوة ويركلونه ويضربونه بأسلحتهم النارية أمام عائلته فيما كانت ابنته تصرخ في حالة ذعر. وتم إطلاق سراح الرجل، واسمه إياد بنات، بعد ساعات.
وقال الجيش الإسرائيلي يوم الثلثاء إن الجنود اعتقلوا بنات لأنه منعهم من تفتيش المبنى الذي يسكن فيه بحثاً عن مسلّحين مطلوبين، وذلك دون أن يوضح كيف كان يعرقل عملهم في أثناء وجوده في منزله أو ما إذا كان تم العثور على أي مسلّحين.
وأضاف الجيش أن تحقيقاً أولياً أشار إلى استخدام "عدد غير معقول من الأفراد" خلال اعتقال بنات، وأن قائداً عسكرياً سيتخذ إجراء تأديبياً مع استمرار التحقيق. وتوفي ابن عم بنات، وهو نزار بنات الذي كان منتقداً صريحاً للسلطة الفلسطينية، خلال احتجازه لدى قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في 2021.
ويشرف على السجون وزير الأمن القومي اليميني المتشدّد إيتمار بن غفير الذي طالما دعا إلى اتّخاذ إجراءات صارمة مع السجناء الفلسطينيين.
ونشر بن غفير يوم الثلثاء مقطع فيديو من زيارة لأحد السجون، حيث قال إن هناك مسلّحين فلسطينيين محتجزون في أقسى الظروف وحيث يتم تشغيل النشيد الوطني الإسرائيلي عبر مكبّرات الصوت في جميع الأوقات.
وعبّر عن أمله في أن يتجاوز مشروع قانون يدعم عقوبة الإعدام للمسلّحين قريباً مرحلة التصويت الأولي في البرلمان.