أصدر رؤساء الكنائس المسيحية في القدس نداء مشتركا نادرا مطلع الأسبوع، محذرين من أن صفقة مثيرة للجدل لتأجير قطعة أرض تابعة للكنيسة الأرمنية يمكن أن تمحو وجود هذه الطائفة المستمر منذ قرون في البلدة القديمة.
وتملك الجالية الأرمنية حيها الخاص داخل بلدة القدس القديمة بحدود رسمها الحكام العثمانيون، وهو الأصغر بين أربعة أحياء تضم أيضا المناطق الإسلامية واليهودية والمسيحية المتميزة للغاية.
ومع ذلك، يقول الأرمن إنهم يخاطرون باقتلاع جذورهم بسبب صفقة لتأجير نحو 25 بالمئة من حيهم لمطورين يرغبون في بناء فندق فاخر في الموقع.
وقع الاتفاق رئيس الكنيسة الأرمنية في القدس في تموز 2021، لكن أفرادا من طائفته قالوا إن أول ما سمعوا به كان عندما بدأ مساحون العمل في المنطقة هذا العام.
وأبلغ رئيس الكنيسة أتباعه بأنه تعرض لتضليل وبدأ إجراءات قانونية لإلغاء العقد. وفصل مجمع الكنيسة في أيار القس الذي توسط في الصفقة نيابة عن رئيس الكنيسة، وغادر القدس.
ورغم الطعن أمام القضاء وصلت جرافات الأسبوع الماضي وبدأت في هدم ساحة لانتظار السيارات في بعض الأرض المتنازع بشأنها. وعندما أوقف المتظاهرون العمل ظهر مستوطنون يهود إسرائيليون مسلحون في محاولة فاشلة لتفريق المظاهرة.
وكتب الزعماء المسيحيون، بمن فيهم رئيسا الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية، يقولون في بيان "قرر المطورون المزعومون توظيف مثيري شغب قلائل مسلحين لعرقلة مداخل موقف السيارات في قطعة الأرض والقيام بأعمال هدم في المكان. نشعر بالقلق كون هكذا أحداث قد تُعرض الوجود الأرمني في القدس للخطر".
وتقول الجالية الأرمنية إن المستثمر الذي يقف وراء صفقة تأجير الأرض هو رجل الأعمال الأوسترالي الإسرائيلي داني روبنشتاين، الذي يملك مجموعة زانا كابيتال المسجلة في الإمارات. ووُضعت لافتة باسم الشركة في ساحة انتظار السيارات بعد وقت قصير من ظهور المساحين.
ولم يرد روبنشتاين على طلب للتعليق على المشروع المرسل عبر حسابه على لينكد-إن.
مساواة
تاريخيا، كانت أرمينيا أول مملكة تعتبر المسيحية دينا للدولة في عام 301. وعلى الرغم من أن كنيستها أصغر كثيرا من كنيسة الروم الأرثوذكس والكنيسة الكاثوليكية، فإنها تتمتع بالمساواة في الحقوق بالمواقع المسيحية المقدسة في القدس.
وتقع في قلب حي الأرمن كاتدرائية سانت جيمس التي يعود تاريخها إلى عام 420 ميلادية، وهي مزينة بزخارف ومصابيح ثمينة ويشتهر رهبانها بوضع القلنسوة السوداء.
ويغطي الحي سدس مساحة القدس القديمة ويسكنه 1000 شخص فقط، وهم جزء صغير من سكانها البالغ عددهم 35 ألفا.
يقول السكان المحليون الأرمن إن مشروع تأجير الأرض لن يتضمن فقط موقف السيارات الخاص بهم، وهو أكبر مساحة مفتوحة في البلدة القديمة، ولكن أيضا مكان تجمعهم وحديقة البطريرك والمعهد الديني وخمسة منازل لعائلات.
وقال هاغوب دجيرنازيان (23 عاما)، وهو طالب ضمن مجموعة تحرس موقف السيارات ليل نهار، بينما أحيط بأسلاك شائكة في محاولة لمنع دخول المطورين والمستوطنين، "الأرمن موجودون هنا منذ القرن الرابع لكننا الآن نواجه خطر اقتلاعنا من جذورنا... علينا أن نقاتل من أجل وجودنا".
وقال دانيال سيديمان، وهو محام إسرائيلي ناشط يراقب عن كثب انتشار المستوطنين اليهود في محيط القدس، إن المشروع يهدف إلى توسيع الحي اليهودي في البلدة القديمة.
واحتلت إسرائيل القدس الشرقية، التي تقع بها البلدة القديمة، بعد أن انتزعت السيطرة عليها من قوات أردنية في حرب عام 1967. وتعتبر إسرائيل المدينة بأكملها عاصمتها الأبدية والموحدة. ويريد الفلسطينيون أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية.
وقال سيديمان لرويترز "نحن على علم بوجود خطة لتطويق البلدة القديمة بمشروعات استيطانية. ونعتقد بأن صفقة (مشروع) حي الأرمن امتداد لتلك الخطة داخل أسوار البلدة (القديمة)".
وأضاف "مع ذلك، يوجد الكثير من المخالفات المحيطة بهذا الأمر، مما يجعل هناك فرصة جيدة لأن ترفضه المحاكم".