حرب غزّة: عشرة تغييرات استراتيجية في المنطقة والعالم

الدكتور كمال ديببعد سكوت المدافع في حرب غزة، سيجلس المفكرون الاستراتيجيون كالعادة لمراجعة المتغيّرات الإقليمية والدولية التي تترتب على هذه الحرب، وفي ما يأتي ملخص أوّلي لبعض الأفكار: أولاً، عودة قضية فلسطين عادت القضية التي نسيها العرب والعالم بعد مرور 75 سنة على نكبتها عام 1948، إلى الواجهة الأمامية للملفات الساخنة على المستوى الدولي لتثبت مركزيتها للكوكب. ومن الدلالات تراجع حرب أوكرانيا عن مقدمات النشرات الإخبارية ووكالات الأنباء العالمية. حتى أنّ اشتعال المعارك في غزة أعاد الشعور العربي بمركزية القضية، وكأنّ الفكر القومي كلّه من المحيط إلى الخليج جسّدته فلسطين وليس أي مسألة أخرى. ثانياً، تراجع حدّة المذهبية بين المذاهب الإسلامية سواء في لبنان أو في العراق نرى انكسار حدّة الصراع المذهبي التي شهدها العقد الماضي. ففي لبنان ثمّة تقاربٌ مصيري ووجداني بين السنّة والشيعة والدروز والعلويين. وهذا التقارب يراوح ما بين مواقف سياسية (الوزير السابق وليد جنبلاط وسماحة المفتي عبداللطيف دريان، الخ) و عسكرية (مجموعات لبنانية وفلسطينية) في حرب الاستنزاف في جنوب لبنان. وقد انجرّ التراجع إلى العراق، حيث انحسر كثيراً التنافس السياسي بين السنّة والشيعة ليبرز العراق من جديد كقوة رافعة لفلسطين. ثالثاً، إنهيار المنظومة الترويجية في الغرب نشهدُ للمرّة الأولى تظاهرات يشارك فيها مئات الألوف من الناس في لندن وبرلين ونيويورك وواشنطن ومونريال وتورونتو وروما وميلانو وبرشلونة ومدريد ودبلن وغيرها من مدن الغرب. كما نشهدُ عشرات الفنانين الغربيين من موسيقيين ونجوم سينما يخرجون من تحت حظيرة البروباغندا العاملة لاسرائيل ويدعمون فلسطين. وبينما يضم كتالوغ هوليوود 50 ألف فيلم لها علاقة بالهولوكوست أو اسرائيل وبكلفة مليارات الدولارات ولا نجد ولو فيلماً هوليوودياً واحداً يناصر فلسطين، نجد أنّ حرب غزة أطاحت بتأثير هوليوود على الناس لأنّهم يشاهدون اليوم وبالفيديو المباشر عمل الآلة الحربية الاسرائيلية كقوة جبارة ضد المدارس والمستشفيات لشعب فقير مطوّق في أكبر سجن على الأرض....