تستعدّ إمارة دبي، هاوية جمع الأرقام القياسية، لاستضافة أكبر مؤتمر دولي للمناخ على الإطلاق، الذي ستكون أيضًا بصمته الكربونية غير مسبوقة، لكنّها ستبقى مجرد قطرة في محيط الانبعاثات العالمية التي تشكّل محور المفاوضات خلال المؤتمر.
يؤكد المنظّمون أن الحدث الذي يستمرّ أسبوعين، سيتمتع بـ"الحياد الكربوني"، بدون الخوض في التفاصيل. وكُتب على الموقع الرسمي للمؤتمر الذي تنظّمه الإمارات، إن "ضمان أن يكون مؤتمر كوب28 مستدامًا وخاليا من الكربون سيكون أمرًا حاسمًا لنجاحه".
لكنّ المهندس لوران موريل لدى "كاربون 4" وهو مكتب متخصص في الاستشارات المناخية، يرى أن الوقوف عند البصمة الكربونية للمؤتمر، هو "محض إلهاء".
ويشير إلى ان "الأمر المثير للاهتمام هو أن نرى كيف ستدير رئاسة كوب تناقضاتها الخاصة"، أي "ما إذا كانت شركات النفط والبلدان المنتجة للنفط ستنخرط في خفض الإنتاج أم لا".
وفي كل مؤتمر مناخ، يُنتقد عدد الرحلات الجوية التي يستقلّها أعضاء الوفود والمنظمات غير الحكومية وأصحاب الأعمال، ويُثار جدل حول الطائرات الخاصة التي تنقل بعض المشاركين في المؤتمر.
وتقرّ الأمم المتحدة في مستند بعنوان "كيف يمكن تنظيم كوب؟" بأن وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية تشير إلى "انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن آلاف المشاركين الذين قدموا بالطائرات من كافة أنحاء العالم لمناقشة خفض الانبعاثات العالمية".
وتؤكد الأمم المتحدة أنه منذ كوب13 الذي عُقد في بالي عام 2007، فإن الدول المُضيفة تعهّدت "تعويض الانبعاثات المرتبطة بسفر المشاركين"، وذلك من خلال "أرصدة الكربون" وهي تقنية مثيرة للجدل لتحقيق "الحياد الكربوني".
في مؤتمر كوب27 الذي عُقد العام الماضي في شرم الشيخ، بلغت كمية الانبعاثات المرتبطة بسفر 46 ألف مشارك، 44104 أطنان من ثاني أكسيد الكربون من أصل مجموع 62695 طنًا، بحسب المنظمين، ما يعادل واحدًا في المليون من الانبعاثات العالمية السنوية.
- التخلي عن الطائرات الخاصة -
في دبي، يُنتظر حضور أكثر من 70 ألف شخص إلى "المنطقة الزرقاء" المخصصة للمفاوضين، وبصمتها الكربونية، على غرار مؤتمرات المناخ السابقة، لا تشمل الرحلات التي استقلّها عدد كبير من المشاركين في "المنطقة الخضراء" المحاذية، وهي نوع من معرض كبير حول المناخ يضمّ شركات ومراقبين وناشطين وغيرهم...
وسجّل كوب26 الذي عُقد في غلاسكو في بريطانيا بصمة كربونية قياسية بلغت أكثر من 130 ألف طنّ من ثاني أكسيد الكربون لـ38 ألف مشارك في المنطقة الزرقاء، لكنّ العملية الحسابية كان لديها نطاق أوسع.
ويوصي تقرير كوب27 بـ"مراجعة وتعزيز" معايير احتساب البصمة الكربونية لأغراض المواءمة.
ويتوقع أن يحطّم كوب28 كل الأرقام القياسية إذ إنّ النقل يمثّل عادةً "70 إلى 80% من الانبعاثات في الفعاليات"، بحسب المدير لدى شركة "إيكو أكت" EcoAct الاستشارية المتخصصة مارك هالغاند.
وينصح هالغاند باستخدام الدرجة الاقتصادية بدلًا من درجة رجال الأعمال أو الطائرات الخاصة، لكن "القياس والتردد" هما العنصران الأساسيان لخفض الانبعاثات، كما هي الحال في أي حدث دولي، سواء كان مؤتمر المناخ أو الألعاب الأولمبية أو كأس العالم لكرة القدم.
وأوصى تقرير كوب27 بخفض عدد الاعتمادات مع تمديد مدّتها. ويبدو واضحًا أن الإمارات تجاهلت النصيحة، علمًا أنها سبق أن سجّلت رقمًا قياسيًا لناحية أكبر وفد مشارك في مؤتمر المناخ في مصر (1073 شخصًا).
يؤكد هالغاند أن مؤتمر المناخ يبقى حدثًا "رئيسيًا لمعالجة التغيّر المناخي" مشيرًا إلى الطابع الأساسي لهذه المفاوضات مقارنةً بالمعارض التجارية الدولية التي ينظّمها القطاع الصناعي الذي ينتج كميات كبيرة من الانبعاثات. ويرى أن الوفود التي ترسلها الشركات إلى المنطقة الخضراء يمكن أن تكون محدودة بسهولة.
لكن في أي حال، تبقى انبعاثات مؤتمر المناخ "لا تُذكر" في رأي لوران موريل الذي يقول: "عندما نحكم على مدى أهمية استراتيجية شركة توتال إنرجي، فإننا لا نحلل البصمة الكربونية للبرج الذي يؤوي مكاتبها" في باريس.
وبحسب جمعية "Energy & Climate Intelligence Unit" ومقرّها بريطانيا، فإن الإعلانات الصادرة عن كوب26، إذا نُفّذت بشكل فعّال، ستؤدي إلى انخفاض انبعاثات غازات الدفيئة بما يعادل 72 ألف ضعف البصمة الكربونية لمؤتمر المناخ، في ما يشكّل مثالًا كميًّا على أهمية مؤتمرات المناخ في مكافحة ظاهرة الاحترار المناخي.