بعد إطلاق سراحها من سجن إسرائيلي، وصلت ربى عاصي في حافلة للصليب الأحمر الدولي إلى بلدة بيتونيا غرب رام الله في الضفة الغربية المحتلة، متشحة بكوفية حمراء قبل أن تحتضن أقاربها وأصدقاءها.
وقالت عاصي (23 عاما) التي حملها مستقبلوها على الأكتاف، "صعب أن أصف شعوري اليوم... نقول أن كل تضحيات الشهداء والمقاومة لن تذهب سدا".
وأمضت عاصي ستة اشهر في الاعتقال.
كان والداها يراقبان الحدث غير قادرين عن رفع عينيهم عنها.
منذ الجمعة، تتجمع حشود من الفلسطينيين قرب سجن عوفر الإسرائيلي قرب بلدة بيتونيا غرب رام الله لاستقبال الأسرى الذين شملتهم عملية التبادل بين إسرائيل وحركة حماس ضمن الهدنة السارية. وتطلق هتافات وترفع شارات النصر لدى مرور الحالفات التي تقل السجناء المفرج عنهم بين الحشود.
وقال محمد الذي وصل من الخليل في جنوب الضفة الغربية الى المكان الثلثاء للمشاركة في استقبال دفعة السجناء القادمين "أنا سعيد حقا، أشعر وكأنني في فيلم". وأضاف "هذا لا يصدقّ! عاد الأسرى إلى فلسطين".
- حتمية النصر -
ويأتي إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين ضمن الهدنة الإنسانية السارية بين إسرائيل وحركة حماس الإسلامية بعد أكثر من سبعة اسابيع من حرب مدمرة اندلعت في السابع من تشرين الأول بعد هجوم يعتبر الأسوأ ضد المدنيين في تاريخ إسرائيل. وقد خلّف 1200 قتيل، معظمهم مدنيون، وفق السلطات الإسرائيلية، بينما اقتاد مقاتلو حماس معهم 240 شخصا رهائن إلى قطاع غزة.
وردّت إسرائيل على الهجوم بقصف عنيف لقطاع غزة قتل خلاله زهاء 15 ألف شخص معظمهم من المدنيين، وفق حكومة حماس.
وتنص الهدنة التي بدأت الجمعة لأربعة أيام، ثم تم تمديدها حتى صباح الخميس، على الإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة بمعدل رهينة مقابل كل ثلاثة سجناء فلسطينيين ووقف إطلاق النار بشكل موقت وإدخال المساعدات إلى القطاع الذي فرضت عليه إسرائيل حصارا مطبقا. والرهائن المفرج عنهم ضمن إطار الاتفاق من النساء والأطفال، والسجناء من النساء والفتيان والفتيات تحت 19 عاما.
والتقط محمد صورا لشابات مفرج عنهن تم إطلاق سراحهن بينما كن يحيين الحشود رافعات علامة النصر أمام الحافلة.
وارتدى عدد من مستقبلي الأسرى ملابس بألوان أعلام الفصائل الفلسطينية مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، لكن علم حماس الأخضر كان الأكثر انتشارا.
وهتف الحشد "حط السيف قبال السيف، نحن رجال محمد ضيف"، في إشارة إلى قائد كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، والمشارك في التخطيط لهجوم السابع من تشرين الأول، وفق إسرائيل.
أما عاصي فقالت "لدينا إيمان بحتمية النصر... المقاومة هي التي تفكّر بمصير الشعب الفلسطيني".
ويرى الفلسطينيون في إطلاق سراح 180 أسيرا فلسطينيا حتى الآن انتصارا كبيرا.
في الوقت ذاته، يقول نادي الأسير الفلسطيني إن إسرائيل اعتقلت منذ السابع من تشرين الأول نحو 3300 فلسطيني. ويبلغ عدد المعتقلين حاليا في السجون الإسرائيلية قرابة سبعة آلاف.
- متاريس وإطارات مشتعلة -
وأعلنت وزارة الصحة ليل الإثنين الثلثاء مقتل شاب برصاص إسرائيلي أثناء مرور حافلة للأسرى المفرج عنهم في بلدة بيتونيا القريبة من عوفر.
وقال الجيش إن قواته حاولت "منع أي أعمال شغب" وفتحت النار بعد أن "ألقى مهاجمون عبوات ناسفة وزجاجات حارقة عليها".
قرب السجن، أشعل الشبان المتاريس والنيران في إطارات السيارات في محاولة لمنع الجيش من اقتحام المنطقة.
وتكرّر السيناريو مساء الثلثاء بعدما قام بعض الشبان، اثنان منهم لفّا رأسيهما بوشاح حركة حماس، وألقيا الحجارة على الجنود الإسرائيليين الذين اقتحموا البلدة.
ويقول كثيرون إن الفرحة ناقصة.
قرب رام الله، قالت أميمة بشارة التي أفرج عنها "ان شاء الله تضحيات أهل غزة تثمر تحرير كل الأسرى. ربنا يعينهم ويفرج عنهم وينصرهم!".