عندما سقطت قنابل على منزلها في غزة، كانت إلهام ماجد تصلي. انتُشلت حية من تحت الانقاض بعد ساعات طويلة لتعرف أن ولديها قُتلا في القصف وهي تحاول الآن في مصر تعلم المشي مجدّداً.
أُصيبت هذه الفلسطينية البالغة 42 عاماً، في 31 تشرين الأول في جباليا بشمال قطاع غزة.
في مستشفى ناصر بوسط القاهرة، تروي هذه السيدة لـ"وكالة فرانس برس": "فجأة، شعرت أنّ البناية تنهار، سقطت ثلاثة طوابق فوقي".
وتضيف: "بعد أربع ساعات ونصف ساعة"، وجدها زوجها صدفة لأنّ أصبعها كان ظاهراً من بين أنقاض منزل العائلة المنهار. وتؤكّد أنه عندما عثر عليها "كنت بالكاد قادرة على التنفس وكنت على حافة الموت".
أما ابنتها ذات ال15 ربيعاً فقُتلت على الفور. وانتشلت جثة ابنها الذي كان في السابعة عشرة من تحت الانقاض بعد عشرة أيام وكانت قد تحلّلت.
ومنذ ذلك الوقت لا تكفّ عن مشاهدة صور ومقاطع فيديو له بشكل متكررعلى هاتفها المحمول وتعرضها كذلك على كل من يزورها وهي تحكي كيف أن الفتى يرتاح في مقطع فيما يتدرب في صالة الرياضيات بمقطع آخر.
قُتل 17 شخصاً من أسرتها من أصل 50 كانوا يعيشون في المنزل الذي انهار جراء القصف الإسرائيلي.
وتقول: "أصبت بشظايا في أماكن عدة منها في الكبد والساق كما أن ضلوعي وفكي كسرت، لكن الأهم انني حتى الآن لا استطيع المشي".
في الغرفة النظيفة المعقمة داخل مستشفى ناصر، بعيداً عن القصف والفوضى في غزة الواقعة على بعد ست ساعات ونصف الساعة بالسيارة، يعالج يوسف البالغ 13 سنة والذي لا يزال وجهه متورّماً بعض الشيء
من ساقه اليسرى المغطاة بدماء جفت ، تخرج القطع المعدنية التي ركبت لتثبيت العظام فيما عيناه تنظران في الفراغ.
- منزل مدمر، ابن قتيل وزوج مصاب -
أصيب يوسف في انهيار منزله المكون من أربعة طوابق في مخيم الشاطئ، بحسب شقيقه الأكبر الذي عُثر عليه تحت الأنقاض "في حالة صدمة كاملة".
على بعد بضعة أمتار، في غرفة أخرى تعالج لبنى الشافعي (36 سنة) "من جرح في الرقبة".
وتقول تلك الأم "في 23 تشرين الأول دمر منزلنا في وسط مدينة غزة فقتل ابني وأصيب زوجي".
ونقلت هذه الفلسطينية الى مصر قبل ثلاثة أسابيع.
منذ مطلع تشرين الثاني، استقبلت مصر الكثير من الجرحى والمرضى الفلسطينيين لمعالجتهم في مستشفياتها.
وتفيد الأمم المتحدة: "لم يعد من الممكن اجراء عمليات جراحية في أي مستشفى في شمال غزة" بعدما تعرض الكثير منها لهجمات اسرائيلية. أما المستشفيات ال12 التي لا تزال تقدم خدمات طبية في جنوب قطاع غزة "فتعمل شكل جزئي".
- "فقدنا كل شيء" -
الأربعاء، أعلنت وزارة الصحة المصرية مبادرة لعلاج "1000 طفل جريح في غزة". في نهاية تشرين الثاني، استقبلت مصر 28 من الأطفال الخدج الذين بقوا في مستشفى الشفاء في غزة بعد إخلائه.
إضافة الى مصر، استقبلت الإمارات وتونس كذلك أطفالاً نُقلوا من غزة لتقديم خدمات طبية عاجلة اليهم.
أرسلت فرنسا وإيطاليا من جهتهما سفينتين الى مصر تقدمان خدمات استشفائية، لم تستقبلا حتى الآن سوى القليل من الجرحى الذين بلغ عددهم 41 الفا في غزة، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة "حماس".
هؤلاء الجرحى صاروا اليوم في أمان بعيداً عن الحرب المحتدمة منذ السابع من تشرين الأول بعد هجوم شنّته "حماس" داخل جنوب إسرائيل انطلاقاً من قطاع غزة، أدى الى مقتل نحو 1200 شخص معظمهم من المدنيين وقضى غالبيتهم في اليوم الأول للهجوم، وفق السلطات الإسرائيلية.
وأسفر القصف الاسرائيلي ردّاً على هذا الهجوم الى سقوط أكثر من 15500 فلسطيني، وفقاً لوزارة الصحة التابعة لـ"حماس".
وظل معظم أفراد عائلات الجرحى الذين نقلوا الى مستشفى ناصر المصري، في غزة.
وتقول الهام ماجد بأسى "لقد فقدنا كل شيء، أطفالنا ومنازلنا ووافقنا على نقلنا لتلقي العلاج ولكننا لا نعرف ماذا سيحدث لعائلاتنا".