أظهرت مسودة نص تفاوضي اطلعت عليها رويترز أن الدول المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28) تبحث في الدعوة إلى التخلص التدريجي رسميا من الوقود الأحفوري في الاتفاق النهائي للقمة بهدف مكافحة الاحتباس الحراري.
ومن المتوقع أن يثير الاقتراح جدلا ساخنا بين ما يقرب من 200 دولة في المؤتمر الذي يستمر أسبوعين في دبي، حيث تضغط بعض الدول الغربية والدول الأكثر عرضة لمخاطر تغير المناخ من أجل وضع صياغة تشمل المقترح وتحرص العديد من الدول المنتجة للنفط والغاز على استبعاد ذلك.
وأشارت دراسة نشرت اليوم الثلثاء إلى أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري من المنتظر أن ترتفع إلى مستوى قياسي هذا العام، مما يثير مخاوف بين العلماء من أن الجهود المبذولة لمكافحة تغير المناخ ليست بالدرجة الكافية لتجنب أسوأ آثاره.
وتقترح مسودة ما يمكن أن يكون الاتفاق النهائي لكوب28 والتي نشرتها هيئة المناخ التابعة للأمم المتحدة "التخلص التدريجي المنظم والعادل من الوقود الأحفوري" الأمر الذي إذا تم تبنيه سيمثل أول اتفاق عالمي لإنهاء عصر النفط.
وفي المفاوضات الرئيسية لمؤتمر كوب28 دافع الرؤساء التنفيذيون لعدد من شركات الطاقة الكبرى عن استخدام النفط والغاز، وسعوا إلى تسليط الضوء على اعتمادات صديقة للمناخ مثل خفض انبعاثات غاز الميثان المسببة للاحتباس الحراري.
وقال جان بول براتس، الرئيس التنفيذي لشركة النفط البرازيلية الحكومية بتروبراس "نحن مسؤولون كبار ويمكننا أن نتخذ خطوات كبيرة. يمكننا تحقيق نتائج وسيتعين علينا الإعلان عنها قريبا جدا".
وأضاف أن "التحول في قطاع الطاقة لن يكون ممكنا إلا إذا كان هناك انتقال عادل".
وسجل ما لا يقل عن 2400 مندوب من جماعات الضغط المعنية بالوقود الأحفوري لحضور القمة هذا العام، وفقا لتحليل بيانات التسجيل في الأمم المتحدة نشره تحالف كيك بيج بوليوترز الدولي لمجموعات ناشطي المناخ.
وقال التحالف إن عدد الحضور من جماعات الضغط فاق عدد المندوبين البالغ 1609 من الدول العشر الأكثر عرضة لأضرار تغير المناخ مجتمعة.
ونظم نشطاء المناخ عدة احتجاجات صغيرة ضد وجود صناعة الوقود الأحفوري.
وفي الوقت نفسه، كشفت جزر مارشال عن خطة وطنية للتكيف مع ارتفاع منسوب مياه البحر، وهو اعتراف بأن تأثيرات ارتفاع درجة الحرارة تضرب شواطئها بالفعل.
وقالت كاثي جيتنيل كيجينر مبعوثة جزر مارشال "بينما نأمل أن يفي العالم بوعد اتفاق باريس لاحتواء تغير المناخ، باعتبارنا دولة شديدة التأثر بالمناخ، نحتاج لأن نكون واقعيين وصادقين بشأن المسار الصعب الذي ينتظرنا".
النص التفاوضي
تتضمن مسودة ما يمكن أن يكون الاتفاق النهائي لمؤتمر كوب28 ثلاثة خيارات في ما يتعلق بالوقود الأحفوري.
والخيار الأول المطروح هو "التخلص التدريجي المنظم والعادل من الوقود الأحفوري". ويشير وصف "عادل" في لغة الأمم المتحدة إلى أن الدول الغنية التي لها تاريخ طويل في حرق الوقود الأحفوري سوف تتخلص تدريجيا بشكل أسرع مقارنة بالدول الفقيرة التي تعمل على تطوير مواردها الآن.
ودعا خيار ثان إلى "تسريع الجهود نحو التخلص التدريجي من عمليات حرق الوقود الأحفوري التي لا يتم فيها التقاط الكربون واحتجازه".
أما الخيار الثالث فهو عدم ذكر التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.
وتضغط الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 عضوا وكذلك الدول الجزرية الصغيرة المعرضة لخطر تغير المناخ من أجل التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري لتحقيق التخفيضات الكبيرة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يقول العلماء إنها ضرورية هذا العقد لتجنب تغير كارثي للمناخ.
ومع ذلك تقول مجموعة نت زيرو تراكر المستقلة لتحليل البيانات والتي تضم جامعة أوكسفورد إن الدول الرئيسية المنتجة للنفط والغاز في العالم ليس لديها أي خطط لوقف التنقيب عن هذا الوقود في نهاية المطاف.
وقالت جنيفر مورغان، المبعوثة الألمانية الخاصة للمناخ "نحن لا نتحدث عن إغلاق الصنبور بين عشية وضحاها... ما ترونه هنا هو معركة حقيقية بشأن نظام الطاقة المستقبلي الذي سنبنيه معا".
وقاوم كبار منتجي النفط والغاز، بما في ذلك السعودية وروسيا، المقترحات السابقة للتخلص التدريجي.
وقال ديفيد واسكو مدير مبادرة المناخ الدولية التابعة للمعهد العالمي للموارد إنه لا يعتقد أن تكون هناك نتيجة لكوب28 لا تشمل تفويضا واضحا للابتعاد عن الاعتماد العالمي على النفط والغاز والفحم.
وأضاف "لا أعتقد أننا سنغادر دبي دون لغة واضحة وتوجيه واضح بشأن التحول عن الوقود الأحفوري".
وتتضمن المسودة أيضا ما يدعو إلى توسيع نطاق تكنولوجيا احتجاز الكربون، وهو ما سيثير على الأرجح معارضة من بعض الدول التي تشعر بالقلق من استخدام هذه التقنيات الناشئة لتبرير الاستخدام المستمر للوقود الأحفوري.
زيادة انبعاثات الوقود الأحفوري
على هامش مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28)، أطلق المبعوث الأميركي الخاص للمناخ جون كيري خطة دولية بمشاركة 35 دولة لتعزيز الاندماج النووي، وهي تكنولوجيا ناشئة تسعى إلى تسخير العملية المكثفة التي تستمد الشمس طاقتها من خلالها.
وقال كيري "هناك إمكانية لأن يُحدث الاندماج ثورة في عالمنا".
والاندماج النووي واحد من بين عدد من الأفكار الطموحة، وغير المتوقعة في بعض الأحيان، التي تهدف إلى المساعدة في تسريع عملية إزالة الكربون.
وقال تقرير ميزانية الكربون العالمية، الذي نشر اليوم الثلثاء وأعده علماء من أكثر من 90 مؤسسة بما في ذلك جامعة إكستر، إن من المتوقع أن تكون البلدان قد أطلقت إجمالي 36.8 مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري في عام 2023، بزيادة 1.1 بالمئة عن العام الماضي.
وأضاف أن الأداء في ما يتعلق بالانبعاثات يبعد العالم أكثر عن هدف منع ارتفاع درجة حرارة الأرض بما يتجاوز 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
وقال باتريك بويان، الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجيز، إن التحول بعيدا عن النفط والغاز سيستغرق وقتا طويلا "لذلك نحن بحاجة بلا شك إلى إنتاج النفط والغاز بطريقة مختلفة عن طريق خفض الانبعاثات. ويمكننا أن نفعل ذلك، إذ أن لدينا التكنولوجيا".
وأضاف "بالطبع هذا له تكلفة، لكنه جزء من الترخيص الذي نحصل عليه للعمل، يمكنني القول، في المستقبل".