دقّت جمعيات الإغاثة الخيرية ناقوس الخطر بشأن الوضع "المروّع" في غزة بعد أكثر من شهرين من الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس"، محذّرة من المجاعة وتفشي الأمراض.
رسمت المنظمات الدولية، في مؤتمر عبر الفيديو مع الصحافيين هذا الأسبوع، صورة قاتمة لما أسمته "منظمة رعاية الأطفال" ("سيف ذا تشيلدرن") بـ "الفظائع" التي تتكشف في قطاع غزة.
وقالت بشرى الخالدي من منظمة "أوكسفام"، ومقرّها المملكة المتحدة، إنّ "الوضع في غزة ليس مجرد كارثة، إنّه مروع (...) مع عواقب محتملة لا رجعة فيها على الشعب الفلسطيني".
وأضافت أنّ "المناطق الآمنة الإسرائيلية داخل غزة هي سراب".
وفي قطاع غزة المحاصر، قُتِل أكثر من 17400 شخص، نحو 70 في المئة منهم من النساء والأطفال دون 18 عاماً، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لـ"حماس".
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أعلن، في وقت متأخر الخميس، أنّ 14 مستشفى فقط من أصل 36 في قطاع غزة لا تزال تعمل.
وحذّرت ألكسندرا ساييه من "سيف ذا تشيلدرن" من أنّ "أولئك الذين نجوا من القصف يواجهون الآن خطر الموت الوشيك بسبب الجوع والمرض".
وأضافت: "تخبرنا فرقنا عن ديدان يتم انتشالها من الجروح وأطفال يخضعون لعمليات بتر أطراف دون تخدير"، أو يصطفون بالمئات لاستخدام "مرحاض واحد" أو يجوبون الشوارع بحثا عن الطعام.
"مشارح"
أتاحت هدنة موقّتة استمرّت سبعة أيام بين 24 تشرين الثاني والأول من كانون الأول، تبادل رهائن تحتجزهم "حماس" بأسرى فلسطينيين تعتقلهم إسرائيل، ودخول عدد إضافي من شاحنات المساعدات الإنسانية من مصر إلى القطاع المدمر.
ولكن بعد استئناف العملية العسكرية، نشر الجيش الإسرائيلي خارطة قال إنّها ستساعد سكان غزة على "الإخلاء من مناطق محدّدة لسلامتهم".
ونزح مئات الآلاف من الفلسطينيين من شمال قطاع غزة بحثاً عن الأمان في الجنوب منه، ولكنهم تعرضوا للقصف هناك.
وبحسب شاينا لو من المجلس النروجي للاجئين: "ببساطة لا توجد مساحات آمنة في غزة، وقد رأينا هذا منذ التوجيه (الإسرائيلي)... الذي يدعو الناس إلى الفرار من شمال غزة إلى الجنوب".
وأكدت أنّ "التوجيهات الإسرائيلية التي تُجبر الفلسطينيين (على التواجد) في المناطق المكتظة في جنوب غزة، دون أي ضمانات للسلامة أو العودة، تنتهك بشكل صارخ القانون الإنساني الدولي".
وروَت ساندرين سيمون من جمعية أطباء العالم الخيرية كيف أصيب زميل لها في مدينة خان يونس بجنوب القطاع "عندما هاجمت دبابة مدرسة كان قد لجأ إليها".
وأضافت: "استغرق الأمر ساعات للوصول إلى المستشفى"، حيث كان فريق التمريض "المرهق" يحاول يائساً رعاية مئات المرضى الممدّدين على الأرض. لاكما حذّرت من أنّ "مستشفيات غزة تصبح مشارح. هذا غير مقبول".
وروَت رئيسة منظمة "أطباء بلا حدود" إيزابيل ديفورني قصة مماثلة.
وقالت: "نعمل في مستشفى الأقصى، ونستقبل ما معدله 150 إلى 200 جريح حرب يوميّاً (..) منذ الأول من كانون الأول". وأضافت انه في أحد أيام هذا الأسبوع "استقبلوا عدداً من القتلى يفوق عدد الجرحى. المستشفى مكتظ والمشرحة مكتظة، والوقود والإمدادات الطبية بلغت مستوى منخفضا للغاية".
"مذبحة عشوائية"
وأشارت إلى أنّ الوضع مأساوي أيضا في مستشفى ناصر في خان يونس حيث أن "20 بالمئة من المرضى الذين يصلون إليه... توفّوا بالفعل".
وتُشكّل النساء والأطفال ما دون الثامنة عشرة غالبية القتلى في غزة.
وتحدّثت ديفورني عن "مذبحة عشوائية"، مضيفةً: "لقد أظهرت إسرائيل تجاهلاً تاماً لحماية المنشآت الطبية في غزة".
وكرّرت وكالات تابعة للأمم المتحدة تحذيراتها بشأن تدهور الأوضاع الصحية والغذائية في غزة، وانهيار النظام العام ما لم يتم وقف إطلاق النار.
وقال برنامج الأغذية العالمي إنّ خطر "المجاعة" مرتفع.
بدوره، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه "بالنظر إلى الظروف المعيشية ونقص الرعاية الصحية، يمكن أن يموت عدد أكبر من الناس بسبب الأمراض مقارنة بالقصف" في غزة.
وحذّر من أمراض عدة بما في ذلك التهابات الجهاز التنفسي الحادة والإسهال والطفح الجلدي وجدري الماء، التي ظهرت بسبب الاكتظاظ ونقص الغذاء والماء والنظافة الأساسية والأدوية.
وبحسب كيارا ساكاردي من منظمة "العمل ضد الجوع"، فإنّ "الوضع يقوض كرامة الناس لأنهم لا يستطيعون تنظيف أنفسهم أو تنظيف أطفالهم"، داعية إلى وقف إطلاق النار وإرسال مساعدات عاجلة.
واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) الجمعة ضدّ مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى "وقف إطلاق نار إنساني فوري" في قطاع غزة.