النهار

السيسي يستعدّ لولاية ثالثة... حرب غزة تصرف الانتباه عن المشكلات الاقتصادية
المصدر: "رويترز"
السيسي يستعدّ لولاية ثالثة... حرب غزة تصرف الانتباه عن المشكلات الاقتصادية
صور كبيرة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في شوارع القاهرة (أ ف ب).
A+   A-
من المتوقّع أن يفوز الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي برئاسة البلاد ست سنوات أخرى في انتخابات تجرى في ظل الحرب الدائرة في قطاع غزة رغم القلق المتنامي بشأن أداء الاقتصاد.

وعلى مدار قرابة عقد في السلطة، يُقدّم السيسي نفسه على أنّه ضامن للاستقرار في منطقة مضطربة، وهي رسالة زادت جاذبيتها خلال عام اندلع فيه صراعان على حدود مصر في السودان وغزة.

ويرى منتقدون أنّ الانتخابات المقررة في الفترة من 10 إلى 12 كانون الأول حدثاً غير مهم بعد حملة قمع ضد المعارضة على مدار عقد. ورغم أن النتيجة ليست موضع شك، فإن الضغوط الاقتصادية التي تشمل ارتفاع الأسعار أثارت جدلاً عامّاً وانتقادات لسجل السيسي قائد الجيش السابق.

وعلى الصعيد السياسي، قال خالد داود، العضو البارز في "الحركة المدنية الديموقراطية"، إنّ حرب غزة كانت بمثابة "هبة من الله، رغم كل البؤس... وهو ما يسمح بتهميش قصة الانتخابات الرئاسية برمتها".

و"الحركة المدنية الديموقراطية" هي ائتلاف من أحزاب وشخصيات معارضة انقسمت بشأن إذا كان يجب مقاطعة الانتخابات أو التنافس فيها.

وأضاف داود: "هي فرصة رائعة للرئيس لحشد الدعم حوله خاصة في وقت الأزمة الاقتصادية".

أعلن السيسي تقليص حملته لتوفير الأموال لتقديم المساعدات لقطاع غزة، رغم انتشار ملصقات عملاقة تحمل صورته على قارعات الطرق والمباني.

وفي مقابلة عبر التلفزيون المصري، الأربعاء، قال مدير حملة السيسي محمود فوزي إن السيسي أعطى الأولوية لإعادة بناء الدولة منذ وصوله إلى السلطة وإن المشاركة السياسية "ممكن تكون ليست الأولوية الأولى عند الجميع". ورفض فكرة أن المنافسة في الانتخابات لم تكن عادلة.

وأضاف: "أيّ حد ممكن يفكر يخوض الانتخابات أمام مرشحنا من المؤكد إنه لازم يفكر مرة واتنين لسبب واحد لإن مرشحنا له إنجازات وشعبية عريضة. السباق كان مفتوح للكل".

وقالت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية في، بيان يوم الخميس، إنّ الانتخابات خطوة نحو توسيع المنافسة السياسية.
 


حملة قمع

تبنّى السيسي حملة قمع واسعة النطاق منذ أن قاد الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس منتخب ديموقراطيّاً والمنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عام 2013. ويحتفظ السيسي بدعم المؤسسة العسكرية التي اكتسبت المزيد من النفوذ السياسي والاقتصادي في ظل حكمه.

أما جماعة الإخوان المسلمين التي كانت أقوى قوة معارضة في مصر، فدُفعت للعمل السري أو إلى الرحيل خارج البلاد.

وقال مدحت الزاهد، رئيس حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي"، المقاطع للانتخابات، إنّ السلطات لم ترغب في تكرار المرتين السابقتين في الانتخابات بإعلان فوز السيسي بنسبة 97 في المئة من الأصوات سعيا لاحتواء الإحباط الشعبي.

وأضاف لـ"رويترز": "محتاجين يبقى في درجة ما من التنافسية... طالما إنّه الأسقف محدّدة ومنضبطة".
والمرشّحون الثلاثة المؤهلون لمنافسة السيسي هم شخصيات غير بارزة لا تتنقد سجله.

وقال أحدهم، وهو عبد السند يمامة، رئيس "حزب الوفد"، إنّ السيسي لا يحتاج حتى للترويج لنفسه في وسائل الإعلام مثل المرشحين الآخرين لأن إنجازاته تتحدث عن نفسها.

وأتاح حوار وطني في وقت سابق من هذا العام التعبير عن بعض وجهات النظر المنتقدة واقترن ببعض عمليات العفو عن سجناء، لكن الاعتقالات استمرت. ويُهَيمن مؤيدو السيسي على البرلمان ويُحكم أنصاره السيطرة على وسائل الإعلام.

استغلّت حملة قام بها السياسي اليساري أحمد الطنطاوي، أبرز مرشّحي المعارضة المحتملين، لفترة وجيزة السخط المكبوت قبل أن يوقف ترشحه مشيرا إلى ضغوط من مؤيدين للحكومة.

ويواجه الطنطاوي حاليا قضية بشأن مزاعم بطباعة وتداول أوراق خاصة بالعملية الانتخابية من دون إذن.

وقال الطنطاوي في مقابلة "هي فين الانتخابات؟"، مضيفاً أنّ "الرئيس ينافس من اختار".
 


تعديل الدستور

حقَّق السيسي الفوز في الانتخابات السابقة بفضل وعود باستعادة الأمن بعد انتفاضة 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك الذي قضى فترة طويلة في الحكم، وازدهار الاقتصاد.

وفي انتخابات عام 2018، كان المرشّح الوحيد الآخر المنافس له من المؤيدين المتحمسين للسيسي. وألقي القبض على المنافس الرئيسي وانسحب الطامحون الآخرون بسبب ما قالوا إنها حملات ترهيب.

وتم تعديل الدستور في 2019 وتمديد فترة الرئاسة من أربع إلى ست سنوات والسماح للسيسي بالترشح لولاية ثالثة.

لكن الاقتصاد تعثَّر في ظل مزاحمة الدولة للقطاع الخاص وتضخم الديون السيادية بعد الانغماس في الإنفاق على مشروعات البنية التحتية الضخمة بما فيها العاصمة الجديدة شرق القاهرة.

وقال محمد أنور السادات، وهو معارض معتدل وعضو سابق في البرلمان: "طبعا احنا كنا نتمنى إن الرئيس السيسي في مرحلة ما قبل إعلانه الترشح لأنه طوعيا وباختياره، إنه يقرر عدم الترشح ويكتفي بمدة العشر سنوات اللي قضاها".

وتابع قائلاً إنّ "مشهد الانتخابات أنا اعتقد إنه التحدي الكبير الآن"، مضيفاً أنّ خطر توسع الحرب في غزة جعل بعض الناس يشعرون بالقلق من السعي للتغيير وصرف انتباههم عن المشاكل الاقتصادية.

رغم ذلك، لم يتبدَّد التذمُّر بشأن الوضع الاقتصادي.

وقال رجل خارج المبنى الذي يضم مقر حملة السيسي في القاهرة في إشارة إلى مبارك: "أنا كنت هنتخب الراجل اللي مات". وأضاف "احنا كمان بشر. العيش في ظل هذه الظروف الصعبة يجعل الحياة صعبة".

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium