يشدّد الجيش الإسرائيلي اليوم قبضته على جنوب غزة، بينما يحاول مئات الآلاف من سكان القطاع حماية أنفسهم من المعارك العنيفة التي يخوضها ضدّ حركة "حماس"، التي أعلنت فجراً أنّ "طائرات الاحتلال الحربية تشنّ سلسلة غارات عنيفة جدّاً على مناطق في جنوب مدينة خان يونس"، متحدثة عن "حزام ناري بعشرات الغارات تستهدف الطريق بين خان يونس ورفح".
أكّدت إسرائيل السبت عزمها على "تكثيف الضغط" في هجومها على "حماس" في غزة، غداة استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضدّ مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية".
واليوم، قالت "حماس" إنّ الغارات ترافقت "مع قصف مدفعي إسرائيلي مكثّف على محيط مستشفى غزة الأوروبي في خان يونس، جنوب القطاع".
(أ ف ب)
دعا قائد الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي السبت إلى "تكثيف الضغط" العسكري على "حماس"، بينما أعلن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي عبر القناة الإسرائيلية الثانية عشرة أنّ "أكثر من سبعة آلاف إرهابي" قُتلوا في غزة.
في بداية هجومه البري طلب الجيش الإسرائيلي من سكان شمال قطاع غزة التوجه إلى الجنوب. لكن مع احتدام القتال في الجنوب وبعد استخدام الولايات المتحدة حق النقض في الأمم المتحدة ضد قرار يقترح وقف إطلاق النار، تتزايد مخاوف السكان المدنيين في قطاع غزة، خصوصاً في جنوبه.
واتّجه جزء كبير من السكان الذين شرّدتهم الحرب والبالغ عددهم 1,9 مليون نسمة، إلى جنوب القطاع، لتتحول رفح الحدودية مع مصر مخيماً ضخماً للاجئين.
"حُكمٌ بالموت"
توازياً، تتزايد في شكل ملحوظ أمراض معدية مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي الحادة والالتهابات الجلدية وسط الاكتظاظ وسوء الظروف الصحية في الملاجئ التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في جنوب القطاع.
(أ ف ب)
في الإطار، قالت المديرة الإقليمية لليونيسف في الشرق الأوسط أديل خضر: "أجبر زهاء مليون طفل على النزوح قسراً من منازلهم، ويجري دفعهم أكثر فأكثر نحو الجنوب إلى مناطق صغيرة مكتظة بلا ماء ولا طعام ولا حماية". وأضافت أنّ "القيود المفروضة على إيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى قطاع غزة وعبره هي حكم آخَر بالموت على الأطفال".
واصلت حصيلة القتلى الارتفاع، وأفادت وزارة الصحة التابعة لـ"حماس" بأنّ جثث 133 فلسطينياً على الأقلّ نُقلت إلى المستشفيات في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة. وفي آخر حصيلة نشرتها الوزارة مساء السبت، أفادت بمقتل 17 ألفاً و700 شخص في القطاع، معظمهم نساء وأطفال، منذ بدء الحرب.
"الموت يلحق بنا"
بعد ما يزيد قليلاً عن شهرين من الحرب، أصبحت أحياء بكاملها في غزة حقولاً من الخراب، ودُمّر أو تضرّر أكثر من نصف المساكن وفق الأمم المتحدة.
ولجأ الآلاف إلى مستشفى الشفاء الذي خرج عن الخدمة بعد أن أخلاه الجيش الإسرائيلي قبل نحو أسبوعين، بحسب صحافي في وكالة "فرانس برس". وأقام نازحون مئات الخيام الموقتة المصنوعة من القماش المغطى بالبلاستيك أو النايلون في الحدائق والباحات الداخلية.
قال سهيل أبو ضلفة (56 عاماً) الذي أصيب منزله بقذيفة وأصيب ابنه البالغ 20 عاماً لـ"فرانس برس": "لجأنا إلى مستشفى الشفاء (...) لا نعرف إذا كانوا سيقتحمون المستشفى مجدداً. أينما ذهبنا، الموت يلحق بنا".
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية السبت أنها وافقت على بيع إسرائيل بصورة طارئة نحو 14 ألف طلقة دبابة. وأشارت إلى أنّها أبلغت الكونغرس الجمعة ببيع 13 ألفاً و981 طلقة دبابة عيار 120 ملم ومعدات ذات صلة بقيمة 106,5 ملايين دولار.
"سنرقص مرة أُخرى"
شهدت هدنة إنسانيّة بين "حماس" وإسرائيل، استمرّت أسبوعاً وانتهت في 1 كانون الأول، إطلاق سراح 105 رهائن من غزة، بينهم 80 إسرائيلياً معظمهم نساء وأطفال، في مقابل إطلاق إسرائيل سراح 240 سجيناً فلسطينياً.
وتجمّع مئات الإسرائيليين في ما بات يعرف باسم ساحة الرهائن في تل أبيب السبت للمطالبة بإطلاق الرهائن لدى "حماس".
وقال والد الأسيرين أربيل ودوليف لوكالة "فرانس برس": "أفضّل أن يطلق سراح ولديّ من خلال المفاوضات وليس من خلال العمليات العسكرية لأنّي أخشى أن يقتلهما الجيش".
بدورها، قالت نعمة واينبرغ، قريبة إيتاي سفيرسكي الرهينة في غزة: "حياتهم في خطر كلّ يوم، سواء بسبب (حماس) أو بسبب أنشطة قوات الدفاع الإسرائيلية في قطاع غزة. ومحاولات الإنقاذ لن تنقذهم".
نشرت ميا شيم، الإسرائيلية التي اختطفت خلال مهرجان نوفا للموسيقى ثم أطلق سراحها في إطار الهدنة في نهاية تشرين الثاني، صورة شخصية على "إنستغرام" تُظهر ساعدها وقد وشمت عليه عبارة "سنرقص مرة أخرى 7-10-23" (7 تشرين الأول 2023).
وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي العربية مقطع فيديو لجندي إسرائيلي يحطم أشياء في متجر صغير في غزة. وردّاً على سؤال لـ"فرانس برس" وصف الجيش الإسرائيلي هذا السلوك بـ"غير اللائق".
من لبنان إلى اليمن
أفادت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان "يونيفيل" السبت بأن أحد مواقعها تعرض لقصف، من دون تسجيل إصابات، مشيرة إلى أنّها تسعى إلى التحقق من مصدر النيران.
من جهته، أفاد مراسل "النهار" بسقوط قذائف إسرائيلية بالقرب من مراكز وتجمعات الكتيبة الإسبانيّة التابعة لـ"اليونيفيل" في القطاع الشرقي. وذكر أنّ القصف على محيط مركز الكتيبة الإسبانيّة في منطقة مرجعيون استهدف برج مراقبة مسبّباً أضراراً جسيمة، من دون وقوع أيّ إصابات في صفوف عناصر الكتيبة.
ومساء السبت، نفّذ الجيش الإسرائيلي غارات جويّة استهدفت أطراف الناقورة وجبل بلاط في القطاع الغربي ومرتفعات كفرشوبا و كفرحمام في القطاع الشرقي. وقد ردّ "حزب الله" بدفعة من الصواريخ الموجّهة باتجاه المواقع الإسرائيلية المواجهة للمنطقة الحدودية في الجنوب.
في المقابل، قالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي: "لم نستهدف قوة اليونيفيل، ولم نقصف موقعاً لليونيفيل".
وحذّرت إيران السبت من وقوع "انفجار لا يمكن السيطرة عليه" في الشرق الأوسط، إذا واصلت الولايات المتحدة دعم إسرائيل في الحرب.
من جانبهم، أعلن "الحوثيون" اليمنيون السبت أنهم سيمنعون مرور السفن المتوجّهة إلى الموانئ الإسرائيلية، عبر البحر الأحمر ما لم يتمّ إدخال الأغذية والأدوية إلى غزة، ردّاً على حرب إسرائيل على القطاع الفلسطيني المحاصر.
وأسقطت فرقاطة فرنسيّة مُسيّرتَين في البحر الأحمر كانتا متجهتين نحوها انطلاقاً من سواحل اليمن، وفق ما أعلنت هيئة أركان الجيوش الفرنسية اليوم، قائلة في بيان إنّ الفرقاطة المتعددة المهمات "لانغدوك" العاملة في البحر الأحمر "اعترضت هذين التهديدين المحددين ودمرتهما" ليل السبت الأحد.